اسرائيل توسع الحرب و”الحزب” يشبك الجنوب بالجولان…تطورات تُبعد صفقة وتسوية لبنان!
قبل مجزرة المواصي في خان يونس، بلغت المساعي الدولية ذروتها لإنهاء الحرب في غ.ز.ة. تركزت الضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للقبول بصفقة إطلاق الرهائن وصولاً إلى تطبيق مقترح جو بايدن، وهو ما ينعكس على كل الجبهات بما فيها جبهة جنوب لبنان وفق ما يحذر الأميركيون، وإعلان الأمين العام لـ”ح.ز.ب الله” بأن وقف النار في غ.ز.ة سيؤدي إلى وقف العمليات. لكن التطورات في خان يونس والقصف الإسرائيلي الإجرامي الذي استهدف المدنيين، وإن كانت الرواية الإسرائيلية تحدثت عن استهداف قياديين لـ”ح.ما.س” أثبت أن إسرائيل تريد صفقة بشروطها وهي لا تريد وقف نار شاملا بل تبادلا للأسرى من دون أن تكون ملزمة بالموافقة على حل شامل.
التطور الجديد في الولايات المتحدة بعد محاولة اغتيال الرئيس السابق دونالد ترامب، سيزيد من تعقيدات الوضع في غ.زة وفي لبنان، وفق ما يقول مصدر ديبلوماسي متابع، إذ لم يعد هناك أدنى شك بأن وقفاً نهائياً للحرب غير متاح على وقع الرفض الإسرائيلي، فمؤشرات الصفقة التي جرى الحديث عنها لإطلاق سراح الرهائن، لا تفيد بأن هناك قناعة إسرائيلية بالتوقف عن العمليات وهو ما يعاكس المساعي الدولية والعربية وحتى لدى حماس التي أعلنت موافقتها بما يعني أنها لم تعد قادرة في المستقبل على الإمساك سياسياً وعسكرياً بالقطاع.
استمرار الحرب على غزة يعني أن جبهة جنوب لبنان ستبقى مشتعلة، وهي مترابطة بالنسبة إلى “ح.ز.ب الله” مع حركة “ح.ما.س” ولا إمكان للفصل ضمن وحدة الجبهات، فيما على الجانب الإسرائيلي باتت منطقة الشمال جبهة قائمة بذاتها وبالتالي هي تخضع لتقويم ووضع خطط لتغيير الوقائع إما بشن حرب كبيرة أو بتوسيع العمليات ووضع لبنان في حالة استنزاف مستمر عبر التدمير والاغتيالات.
الوضع بات على حافة الخطر من توسع الحرب، أو أقله انتقالها ضمن تطورات غير متوقعة أو حسابات معينة الى جبهة جنوب لبنان، مع بدء ملاحظة أن الجيش الإسرائيلي بات يستهدف منشآت حيوية في القرى الجنوبية واعتماد سياسة الأرض المحروقة في المنطقة وتهجير السكان في شكل كامل. وبالتوازي مع الضغوط الدولية على إسرائيل في غ.زة، بدا أن نتنياهو غير مكترث وهو يركز على الوضع الأميركي الذي سيكون ضمن جدوله في 24 تموز (يوليو) الجاري حيث سيلقي خطاباً في الكونغرس ويزيد الضغط على الرئيس الديموقراطي جو بايدن، علماً أن المعلومات تشير الى أن الأميركيين استانفوا تزويد إسرائيل بالقنابل الثقيلة على الرغم من التحذيرات من أنها قد تستخدم في الحرب ضد لبنان.
والتحذيرات الدولية من الحرب عادت لتصل عبر رسائل ومواقف من مسؤولين في الخارج، أولها في كلام جديد للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي أشار الى مخاطر محدقة بلبنان، مشدداً على وجوب ضمان أمن لبنان وتطبيق القرار 1701 بالكامل، والاتصال الذي تلقاه الرئيس نجيب ميقاتي من وزير خارجية بريطانيا ديفيد لامي الذي شدد على السعي لمعالجة الاوضاع المتوترة وحديثه عن تزايد احتمال سوء التقدير. وعلى الرغم من أن إدارة بايدن تسعى إلى تحقيق انجاز في ما يتعلق بوقف اطلاق النار في غزة وتمارس ضغوطاً كبرى على نتنياهو، تندرج في إطار المعركة الانتخابية لتعزيز حظوط الديموقراطيين، إلا أن محاولة اغتيال ترامب ستزيد من الضغط على بايدن نفسه، إما للانسحاب من الانتخابات أو تركيز الجهود على الداخل بما يعني تخفيف الضغوط على نتنياهو الذي سيستغل التخبط الأميركي إلى النهاية برفع مزيد من الشروط والاستمرار في الحرب في غ.ز.ة وتوسيعها نحو جنوب لبنان.
كل التطورات التي حدثت في الأيام الاخيرة، باتت تخدم توجه نتنياهو الذي يرفض وقف الحرب مدعوماً من المتطرفين في حكومته. وفيما يؤكد الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله أنه مستمر بربط جبهة لبنان بغزة، وأنه مستعد لوقف النار حال الهدنة، إلا أنه يراهن في ذلك على أن الخلافات الداخلية الإسرائيلية تمنعها من شن الحرب، ولذا ربط مصير لبنان بيد “ح.ما.س”، ووسّع عملياته نحو الجولان، فيما التصعيد الإسرائيلي يؤشر إلى احتمالات مفتوحة بعكس ما توحي به الاجواء حول امكان التفاوض في مرحلة لاحقة على تسوية في الجنوب.
ستحدد كلمة نتنياهو في 24 الجاري، الخطة الإسرائيلية تجاه غزة ولبنان، ويشير المصدر الديبلوماسي إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي سيغيّر من مضمون كلمته بعد محاولة اغتيال ترامب، وسيسعى أكثر إلى التقارب مع الجمهوريين، بالتوازي مع رفضه وقف الحرب، وهو أمر سيعيد ترتيب التوازنات الداخلية في إسرائيل، بما يعني زيادرة الجهوزية لتوسيع القتال ضد لبنان و”ح.ز,ب الله” ويبعد خيار التوصل إلى تسوية ديبلوماسية لإعادة السكان إلى المستوطنات الشمالية، علماً أن كلمة نتنياهو تصادف في اليوم نفسه مع الجلسة التي حددت لمناقشة القرار 1701 في مجلس الأمن الدولي.
مع نهاية شهر تموز (يوليو) الجاري، سيتحدد الكثير من المسارات حول وضع الجبهات من غ.ز.ة إلى لبنان والجولان. فالخطر لا يزال ماثلاً من إمكان توسع الحرب، وإبقاء لبنان في حالة استنزاف مع التصعيد الإسرائيلي المتواصل، في الوقت الذي يضع فيه “ح.ز.ب الله” كل الملفات في يد “ح.ما.س”، وفي الوقت نفسه يوسع معركته باتجاه الجولان تحسباً لاستفراده من هذه الخاصرة، ويترك كل الاحتمالات مفتوحة مع التطورات التي يشهدها العالم خصوصاً الولايات المتحدة. واستمرار القتال تحت عنوان وحدة الجبهات يؤشر إلى أننا أمام مرحلة قد تفتح على مواجهات واسعة، والانزلاق نحو حرب لا أحد يعرف كيف تنتهي؟
بيروت 24