بين ترامب ونتنياهو “أزمة ثقة” .. فهل يحمل وصوله ما ليس متوقّعا للبنان!
حالة من الترقّب تسود معظم دول العالم بانتظار معرفة هوية ساكن البيت الأبيض الجديد وذلك في ظل المنافسة المحتدمة والمثيرة للجدل بين المرشّح الديمقراطي الرئيس الحالي جو بايدن والمرشّح الجمهوري دونالد ترامب. ولا شكّ أن لبنان يترقّب ما ستؤول اليه سياسة أميركا الخارجية، خصوصا فيما يتعلّق بإعطاء الضوء الأخضر الذي يتمنّاه نتنياهو لشّن حرب واسعة على لبنان. فكيف سيتأثر لبنان في حال وصول ترامب الى سدة الرئاسة، وما هو الدور الذي سيقوم به في إطار المواجهة المتواصلة بين إسرائيل وحزب الله على جبهة الجنوب؟
السفير اللبناني السابق لدى واشنطن رياض طبارة رأى في حديث خاص لموقع “الكلمة أونلاين”، أن “كل ما يُحكى عن أنه يجب التخوف من وصول ترامب ليس في مكانه”، مستبعدا أن “يكون هناك تأثير كبير على لبنان في حال وصول ترامب”.
وحول الحرب الدائرة بين إسرائيل وحزب الله، شرح طبارة أن “ترامب لن يقدّم مساندة أكبر من التي قدّمها بايدن لاسرائيل”، مشيرا الى أن “الاخير يساند اسرائيل لأسباب عقائدية دينية”، مذكّرا بقوله الشهير حين قال أنه “ليس من الضرورة أن يكون يهودي الهوية ليكون صهيونيا بل هو مسيحي صهيوني أما ترامب فهو لا ينتمي الى أي عقيدة دينية أو إيديولوجية بل هو بطبيعة عمله رجل أعمال و مستثمر وبالتالي يمكن التحاور معه وفقا لحسابات الربح والخسارة”.
في المقابل، أوضح طبارة أن “أساس العلاقة التي تجمع أميركا بإسرائيل لن تتغير بشكل جذري في حال ربح أي من المرشحين، خصوصا أن نظام الإنتخاب المعتمد في أميركا لا يسمح للرئيس المنتخب بتغيير سياسة أميركا التاريخية الداعمة لإسرائيل فكل أربع سنوات يتم انتخاب رئيس للبلاد كما أن هناك ما يعرف بانتخابات التجديد النصفي التي تُجرى بعد سنتين من انتخاب الرئيس، وقد تؤثر نتائجها بشكل مباشر على برنامج عمل ساكن البيت الأبيض في بقية عهده الرئاسي وبتالي لا يكاد يصل الرئيس المنتخب الى البيت الأبيض حتى يتم محاسبته على سياساته التي اعتمدها بعد مرور سنتين”.
واعتبر طبارة أن “وصول ترامب لن يغيّر أي شيء فاهتمام أميركا بلبنان سيقبى كما هو وسيظل المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين يزور لبنان ومحاولات تهدئة الأوضاع على الحدود بين لبنان وإسرائيل ستتواصل بالإضافة الى استمرار المساعي للوصول الى التّسوية المطلوبة”.
ولكن نتنياهو بدأ يستقوي بدعم الجمهوريين له وبوصول ترامب الى البيت الأبيض ليواصل تحقيق أهدافه، فهل تعويله في مكانه وهل يمكن لترامب في حال وصوله أن يعطي الضوء الأخضر لشن حرب موسّعة ضد لبنان؟ أجاب طبارة مؤكدا أن “هذا التعويل ليس في مكانه”، مذكّرا بما يفاخر به ترامب طوال حملته الانتخابية الحالية وهو عدم اندلاع أي حرب خلال عهده بينما في عهد بايدن اندلعت الحرب في غزة كما اندلعت الحرب الأوكرانية الروسية والتي كان ترامب أكد في وقت سابق أنه لو كان في سدّة الرئاسة لما سمح باندلاعها”.
واستنادا الى هذا الخطاب ومفاخرة ترامب المستمرة في هذا الإطار، استبعد طبارة أن “تنال إسرائيل مساندة أكبر من ترامب”، مشددا على أنه “لن يعطي الضوء الأخضر لحرب موسعة على لبنان”.
ولكن أمام هذا الواقع وارتفاع حطوظ ترامب بدخول البيت الابيض، ما هو موقف حزب الله ومن خلفه إيران وهل يجب أن يسرعوا بإبرام التسوية مع بايدن بدل ترامب الملقب بـ”المجنون”؟ أجاب طبارة، ذاكرا أن “حزب الله يدرك أن لا تغيير يُرتجى من الإنتخابات الأميركية مهما كانت النتيجة فهو لن يُرفع عن لائحة الإرهاب والعلاقة معه ستبقى كما هي”.
ومن جهة أخرى، لفت طبارة الى أن “ترامب لا يحب نتنياهو ويعتبر أنه غير جدير بالثقة ولا يمكن الإتكال عليه وكان قد وجّه العديد من الإنتقادات له في وقت سابق على رأسها ما قاله عقب تنفيذ عملية اغتيال قائد قوات فيلق القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، حين كشف تراجع نتنياهو عن المشاركة بالعملية في اللحظة الاخيرة وبناء على ذلك اعتبره غير جدير بالثقة”، مضيفا: “ترامب لن يكون صديق إسرائيل أكثر من بايدن”.
وقال: “الدفع باتجاه التهدئة بين لبنان وإسرائيل هدف مشترك بين بايدن وترامب، موضحا أن “ليس من مصلحة أميركا اندلاع حرب جديدة في الشرق الاوسط وترامب يخشى الحرب أكثر من بايدن لأن من شأنها في حال حصولها تشويه صورته بأنه رجل سلام و التي طالما حاول الترويج لها”.
وعن إمكانية استغلال نتنياهو لحالة الضعف التي تسيطر على بايدن بفعل الضربات المتتالية الني تلقاها في خضم معركته الإنتخابية وما يُحكى عن عدم إمكانية ردع إدارة بايدن الحالية لنتنياهو ومنعه من فتح حرب واسعة ضد لبنان، أفاد طبارة بأن “الجهود الأميركية لمنع اندلاع الحرب مستمرة علما أن اسرائيل لا تستطيع الشروع في أي حرب من دون الحصول على الغطاء الأميركي”، لافتا الى أن “منذ الأسابيع الأولى للحرب في غزة عمدت أميركا على بناء جسر جوي دعما لإسرائيل”.
وإذ استبعد أن “تحصل إسرائيل على ضوء أخضر أميركي لخوض هذه المواجهة حاليا خصوصا أن الإنقسام سيد الموقف في الإدارة الاسرائيلية لجهة المعركة مع لبنان”، ذكر طبارة أن “التخوّف الأميركي الوحيد حاليا هو قيام نتنياهو ولأسباب شخصية بالهرب الى الأمام ويمارسون كل الضغوطات الممكنة لردعه”.
وختم طبارة: “السماح باندلاع حرب مفتوحة مع لبنان هو بمثابة الهدية الأكبر للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأن الأخير سيعامل أميركا كما فعلت هي في الحرب على أوكرانيا وسيعمد الى تغذية هذه الحرب بالأسلحة المطلوبة وتقديم الدعم اللازم في الشق الإستراتيجي منها.
هند سعادة-الكلمة أونلاين