قد يكون الأمل شبه الوحيد للمودعين باستعادة ودائعهم، يكمن في إنشاء مؤسسة لإعادة الودائع، والتي باتت حاجة أساسية في الوقت الراهن، وإن كانت هذه الخطوة قد تأخرت كثيراً.
ويعدد الكاتب والخبير الإقتصادي أنطوان فرح، إيجابيات عدة لمثل هذه الخطوة، أبرزها، وجود مصلحة للمودعين بإنشاء هذه المؤسسة لأنها الأمر الوحيد الذي يمنحهم الأمل باستعادة ودائعهم وأن لا يكونوا بحالة أنتظار مجهول.
ويركز الخبير الإقتصادي فرح في حديث، على أن إنشاء هذه المؤسسة كما يجب، ومع الحوكمة الرشيدة والشفافية، ومع توضيح سبل تمويلها كونها ستضم الدولة ومصرف لبنان والمصارف، سيسمح بوضع برنامج واضح لإعادة الودائع ضمن روزنامة زمنية محددة، وعندها سيعرف المودع كيف ومتى سيسترد وديعته والنسبة التي سيحصل عليه من وديعته، ما من شأنه أن ينهي أزمة المودعين، خصوصاً وأنه حتى اليوم، ما من خطة واضحة لإعادة الودائع.
إيجابية ثانية يكشف عنها فرح، وهي أن مجرد إنشاء مؤسسة لإعادة الودائع، سيكون أول اعتراف رسمي من قبل الدولة بمسؤوليتها في هذا الملف، لأن الجميع يعرف أن الدولة هي من أنفق الأموال وهي المسؤول الأول والأساسي عن الإنهيار الذي حصل في البلد، وبالتالي، سيتم تحديد حصة الدولة بإعادة الديون، لأن تمويل هذه المؤسسة، هو من الديون أو جزء منها.
ومن شأن هذا الإعتراف الرسمي الأول بالمسؤولية عن الخسائر، أن يكون الخطوة الأولى في مسار استرجاع الودائع، كما يكشف فرح، الذي يتحدث أيضاً عن ضمانة للمودع بتوافر مصدر واضح يتحمل مسؤولية التمويل، خصوصاً وأن جزءاً من التمويل سيتم عبر نسبة معينة من الأرباح المصرفية المستقبلية، من أجل عدم التأثير سلباً على الإستثمار بالقطاع المصرفي، لأن الهدف هو جذب مستثمرين إلى القطاع، تزامناً مع مساهمة المصارف بجزء من أرباحها في تمويل هذا الصندوق.
ورداً على سؤال حول تمويل صندوق استعادة الودائع، يشير فرح إلى العديد من الأفكار الجاهزة، والتي يبدأ تنفيذها مع إنشاء المؤسسة، ومنها على سبيل المثال، الضريبة على المقترضين الذين أعادوا قروضهم بالدولار أو بالليرة وحققوا أرباحاً خيالية، ولكن شرط أن لا تقوم وزارة المالية بفرض هذه الضريبة ثم تصرفها في مجالات أخرى، ذلك أنه من الضروري تخصيص الأموال حصراً لهذه المؤسسة ولتكون من نصيب المودعين حصراً.
وعن تداعيات مثل هذه الخطوة على القطاع المصرفي، يؤكد فرح أن إنشاء مؤسسة لإعادة الودائع، سيؤدي إلى “فكّ أسر” القطاع المصرفي جزئياً، والسماح له أن يعود للعمل في السوق، إنما بعد تنفيذ خطة الإنقاذ وإعادة هيكلة المصارف، ما سينعكس إيجاباً على المشهد المالي، أولاً لأنه يساعد على زيادة إيرادات المصارف وثانياً سيمكّن المصارف من المساهمة بتمويل الصندوق، وثالثاً وهو الأهمّ، سوف تتحقق عودة القطاع المصرفي إلى الحركة الطبيعية، ما يساهم بالنمو الإقتصادي الذي هو “معدوم حالياً”، ذلك أنه مع ارتفاع نسبة النمو، سترتفع إيرادات الخزينة العامة وستصبح الدولة قادرة على تمويل هذا الصندوق، وبالتالي سيزداد معدل مداخيل الفرد اللبناني، وينمو الإقتصاد، ويخطو لبنان الخطوة الأولى للخروج من الحلقة المفرغة الجهنمية التي يدور فيها منذ 5 سنوات.
ويوجّه فرح “نصيحةً” إلى المودعين، ويدعوهم للضغط باتجاه تأسيس هذا الصندوق، من دون أي قلق، بسبب الفصل ما بين قضية الودائع والمصارف، لأن الودائع أصبحت متصلة بجهات ثلاث: الدولة ومصرف لبنان والمصارف، بمعنى أن المسؤولية موزعة على هذه الأطراف الثلاثة، علماً أن الدولة هي المسؤول الأول، وبالتالي، مع تأسيس مؤسسة لإعادة الودائع، ستكون للمودع حقوق لدى الدولة وليس فقط على المصارف، وستكون الدولة شريكاً أساسياً ورئيسياً في هذا الملف، ما سيحفظ حقوق المودعين.
breaking news