اخبار محليةاقتصاد

أزمة السكن للنازحين: بين مطرقة الحرب والمغتربين والإيجارات الباهظة!

في الجنوب اللبناني، يعيش النازحون معاناة يومية تتجسد في صعوبة العثور على مأوى بأسعار معقولة، فقد أجبرتهم الحرب على ترك منازلهم والبحث عن أماكن جديدة للإقامة، لكنهم يواجهون ارتفاعاً خيالياً في أسعار الشقق السكنية مع تزامن قدوم المغتربين، وهذه الأزمة الإنسانية تعكس عدم قدرة الكثيرين على تحمل التكاليف الباهظة التي تفرضها الظروف الحالية….”فلا رقوب ولا حاسوب!”

كانت الحياة أكثر استقراراً وهدوءاً في بلدة العباسية ومناطق الجنوب اللبناني قبل اندلاع الحرب، حيث لم يكن إيجار شقة مفروشة ديلوكس يتجاوز الـ 300 دولار شهرياً. إلا أن الحرب غيرت كل شيء، وتسببت بارتفاع الأسعار بشكل كبير. اليوم، يبدأ إيجار شقة كهذه بـ 500 دولار للنازح، بينما تصل التكلفة إلى 1000 دولار شهرياً أو 80 دولاراً يومياً للمغترب، وهذا التباين في الأسعار يعكس الواقع المرير الذي يعيشه النازحون، والظروف الصعبة التي تواجههم.

من جهة أخرى، يوضح محمد علي، صاحب «موتيل» صغير في صور، أن التسعيرتين المختلفتين تعودان إلى الظروف الإنسانية المختلفة التي يمر بها النازح مقارنة بالمغترب،فالنازح الذي اضطر إلى ترك منزله يبحث عن مأوى مؤقت بأقل التكاليف الممكنة، ويتولى بنفسه تنظيف شقته وتدبير أموره اليومية، في حين يأتي المغترب للاستجمام ويطلب خدمات فندقية مميزة، مما يرفع من تكلفة الإيجار بالنسبة له. بالأرقام، يمكن توفير شقة مفروشة من غرفتين للنازح بـ 300 دولار، بينما يسدد المغترب 700 دولار لنفس الشقة.

بالإضافة إلى ذلك، يسرد أبو محمد، نازح من عيتا الشعب، معاناته قائلاً: “إيجار الشقة التي أستأجرها في ضواحي مدينة صور يصل إلى 500 دولار، مع تكلفة الكهرباء التي تثقل كاهلي”. وهذا الوضع يمثل تحدياً يومياً للنازحين، الذين يجدون أنفسهم محاصرين بين تكاليف المعيشة العالية وعدم الاستقرار الأمني.

في ظل هذه الظروف القاسية، يبقى النازحون وحدهم يواجهون المصير المجهول، دون أي دعم يذكر من الجهات المعنية كما يتحدث النازحون عن غياب الرقابة والمحاسبة على الأسعار، ما يفتح المجال أمام استغلالهم من قبل بعض أصحاب العقارات الذين يستفيدون من حاجتهم الملحة للسكن.

ومن ناحية أخرى، يعكس الواقع الحالي للنازحين في الجنوب بوضوح عدم توازن القوة الاقتصادية والاجتماعية بينهم وبين المغتربين. فالنازح الذي فقد كل شيء يكافح للبقاء، بينما يأتي المغترب للاستمتاع بوقته، فير أن هذا التناقض الكبير يظهر بجلاء في أسعار الشقق السكنية التي أصبحت خيالية وغير مبررة.

في المحصلة، تبقى معاناة النازحين في الجنوب شاهداً حياً على الألم والضيق الذي يعيشونه يومياً. إنهم ليسوا مجرد أرقام، بل أرواح خسرت كُل ما تملك و يبقى السؤال: إلى متى سيستمر هذا الوضع المأساوي؟ وما هي الحلول الممكنة لتخفيف معاناة النازحين في الجنوب؟

أسيل درويش

خاص- ليبانون ميرور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى