خلود شحادة-الجريدة
كشفت مصادر خاصة لموقع “الجريدة” أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR اتخذت قرارات خطيرة، في التعامل مع ملف النازحين السوريين، بحيث تنكفئ عن دورها تحت عنوان “التقشّف”، وتضع الدولة اللبنانية بمواجهة هذا الملف الثقيل بكل أعبائه.
وفي حين برّر مسؤولو المفوضية في لبنان إجراءات التقشّف بأنها في سياق “تحديات التمويل”، بحيث لجأت إلى تخفيض موازنتها في العام 2025، إلا أن الواضح أن هذه الإجراءات، التي تضمّنت تخفيض التقديمات للنازحين السوريين في أكثر من جانب حساس وأساسي، تأتي في سياق المواجهة بين الدولة اللبنانية وبين UNHCR ومسؤوليها في لبنان، بشأن كيفية التعامل مع ملف النازحين، خصوصاً بعد الاشتباك الأخير المتعلّق بـ”طرد” النازحين السوريين من العديد من المدن والقرى والبلدات اللبنانية، وبتوجيه رسمي من الدولة عبر تعاميم وزارة الداخلية، إضافة إلى الاشتباك المتعلّق بـ”داتا” النازحين التي يصر لبنان على الحصول عليها وتتهرّب المفوضية من تسليمها للأمن العام اللبناني.
وما يدحض تبرير مسؤولي المفوضية لتخفيض تقديماتهم في لبنان، هو أن رئيسة الاتحاد الأوروبي أورسولا فوندرلاين كانت أعلنت، خلال زيارتها لبنان في مطلع شهر أيار الماضي، عن حزمة مساعدات مالية بقيمة مليار يورو للفترة الممتدة من السنة الحالية 2024 ولغاية 2026.
من هنا، فإن قرارات مفوضية اللاجئين ستترك آثاراً سلبية على العديد من القطاعات في لبنان، خصوصاً أن التقشف طال نقاطاً عديدة، من بينها إقفال مكاتب والتوقف عن التغطية الصحية والسكن والتعليم للنازحين، وهو ما ستكون له تداعيات كبيرة جداً، في ظل إصرار المفوضية، ومن خلفها المجتمع الدولي، على منع لبنان من إعادة النازحين إلى سوريا، وكذلك من إلزام لبنان وقواته العسكرية والأمنية أن يكونوا حراس حدود لأوروبا لمنع الهجرة إلى الدول الأوروبية عبر البحر.
ويفترض أن تبادر الدولة اللبنانية سريعاً إلى استدعاء مسؤول المفوضية في لبنان لمعرفة خلفيات قرار التقشف وما إذا كان يرتبط بقرار سياسي من الأمم المتحدة وعلى علاقة بتوجه دولي لإقفال ملف النازحين، أو أنه مرتبط بمسائل مالية. وبالتالي، يفترض بالدولة اللبنانية، أن تتعامل مع الواقع الجديد بصيغة مختلفة، سواء بترحيل النازحين السوريين أو بالتوقف عن منعهم مغادرة لبنان براً أو بحراً، لأنه لا يمكن للبنان أن يستمر بـ”العمل” عند الدول الأوروبية والمجتمع الدولي لمنع موجات الهجرة عبر البحر وعدم ترحيل النازحين إلى سوريا.
وعليه، فإن قرارات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ستفرض نفسها، خلال الأيام المقبلة، على عمل الحكومة والقوى السياسية، لأنه لا يمكن للبنان أن يتحمل عبء التغطية الصحية للنازحين بديلاً عن العالم بينما عاجز عن تأمين التغطية الصحية للبنانيين!
وبالعودة إلى القرارات الخطيرة لمفوضية اللاجئين، فقد علم موقع “الجريدة” أنها تتضمّن إقفال مكاتب المفوضية منتصف العام المقبل 2025، في كل من: جبل لبنان، ومدينة صور في الجنوب، والقبيات في عكار، وبالتالي صرف الموظفين العاملين في هذه المكاتب، وذلك في ظل توجّه نحو تصغير حجمها، كما جاء في رسالة ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان إيفو فريجسن، إلى الموظفين!
وقد قررت المفوضية تحويل وجودها الميداني إلى مكتب مركزي واحد فقط يغطي لبنان بأكمله، على أن يستمر العمل، في المرحلة الحالية، في المكتب المركزي ومكتبين فرعيين في كل من طرابلس وزحلة