المفوضية السامية للاجئين “تفش خلقها” بموظفيها اللبنانيين

لا تكفي معاناة ال​لبنان​يين مع فرص العمل التي يستولي عليها ​النازحون السوريون​، ولا تكفيهم الظروف الاقتصادية الصعبة، وما يعانونه من ترهل مؤسسات الدولة وشلل الخدمات العامة والقلق على مستقبلهم ومستقبل ابنائهم، حتى تأتيهم الضربات هذه المرة من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

المفوضية التي لا تتقاعس ابداً في خدمة اكثر من مليون ونصف مليون نازح سوري في لبنان، وتخصص لهم ميزانيات سنوية ضخمة، فتساعدهم بذلك على عدم التفكير في العودة الى بلادهم برغم تحسن الظروف الامنية فيها، تصعِّد الاجراءات التي تتخذها بحق موظفيها اللبنانيين، بحجة تخفيض ميزانيتها.

في العام الماضي، عمدت المفوضية الى تخفيض عدد موظفيها في لبنان، بنسبة 10 %، اي ان اكثر من مئة لبناني ولبنانية ورب اسرة، وجدوا انفسهم فجأة بلا عمل، ولم يعد امامهم سوى دقّ ابواب الهجرة، املاً بالعثور على بديل.

اما هذه السنة، فقد قررت المفوضية استخدام سكّينها الطويل لذبح موظّفيها. فقبل ايام، جمع ممثل المفوضية في لبنان إيفو فرايسن الموظفين في مكتب جبل لبنان، وأبلغهم اتخاذه قراراً باقفال المكتب، وانهاء خدمات جميع موظّفيه، والحجّة دائماً هي تخفيض الميزانية. علماً أنه لم يكن مضطرا الى اتخاذ هذا الاجراء التعسّفي في الوقت الحاضر بل كان يمكن تأجيله، وجعله اقل حدّة، نظراً لأنّ تخفيض الميزانيّة لا ينعكس حالياً على الموظفين، بل يمكن ان يكون له انعكاسات مستقبليّة طفيفة عليهم.

ووسط صدمة الموظفين الذين سيجدون أنفسهم بلا عمل، بعد التضحيات والجهد المضني الذي بذلوه على مدى سنوات، بدا السيد فرايسن مرتاحا لقراره العشوائي الذي اثار الاستياء بسبب سياسة الانتقائية التي يعتمدها. فهو ابقى على معظم الموظفين الدوليين في مكتب بيروت، والذين تبلغ معاشاتهم اضعاف ما يتقاضاه اللبنانيون، كما انه سيبقي على معظم اللبنانيين في هذا المكتب الذي يعتبره حديقته الخلفية وفريقه الخاص.

فلماذا لم يعمد الى تأجيل هذه الخطوة، طالما انه قادر على ذلك؟.

ولماذا لم يعمد في الوقت الحالي الى تخفيض عدد الموظفين الدوليين، واسناد مهامهم الى لبنانيين؟.

ولماذا لم يساوِ بين مكتب بيروت ومكتب جبل لبنان؟.

ولماذا لم يتحرك باتجاه رئاسة المنظمة في جنيف، طالباً مراعاة ظروف اللبنانيين، وايجاد حل يبقيهم في وظائفهم، ويقيهم شرّ البطالة، بدلاً من الالقاء بهم في الشارع، وخصوصاً في ظلّ الاوضاع الامنيّة الحسّاسة والخطرة التي تعصف بلبنان؟.

وهل الشعارات الانسانية التي تحملها المفوضية، وعملها الانساني، يبيحون لها التصرف بلا انسانيّة تجاه اللبنانيين في احلك الظروف؟.

ومؤخراً كان السيد فرايسن في حديث له الى صحيفة “الشرق الاوسط”، قد دافع عن عمل المفوضية في لبنان، بالقول، إنَّه «لا توجد مؤامرة دولية لإبقاء النازحين السوريين في لبنان، كما أنَّه لا توجد أجندة خفية في هذا الشأن”. وربما سها عن باله ان المؤامرة الحقيقيّة قد تكون في تهجير اللبنانيين أنفسهم، وهو يساهم من حيث يدري او لا يدري بتنفيذها، عبر قطع أرزاق عشرات الموظفين في المفوضية.

النشرة