في صباحٍ هادئ من أيام الصيف، تنفست نادين خشاب نفساً أخيراً بعد أن استنشقت هواءً ملوثاً بمبيدات حشرات غير مرخصة لتكون ضحيةً لجشع شركات تفتقر إلى أبسط معايير الإنسانية والأمان و سلط موتها الضوء على واقعٍ فيه تنتشر المبيدات الفاسدة كالنار في الهشيم. هذه المبيدات، التي تفتقر إلى التصاريح والشهادات اللازمة، أصبحت وباءً يهدد الصحة العامة ويسبب حوادث تسممٍ وموتٍ مروع.
وانطلاقاً من هذه النقطة، تكمن المشكلة في أن شركات المبيدات الغير مرخصة تعمل بلا رقيب أو حسيب، مستغلةً ضعف الرقابة الحكومية والفساد المستشري وتستورد هذه الشركات مواد غير معتمدة تحتوي على مواد كيميائية خطرة تؤدي إلى تسمم التربة والماء والهواء. والأخطر من ذلك، أن هذه المبيدات تتسبب في أمراضٍ خطيرة قد تصل إلى حد الموت، كما حدث مع نادين خشاب.
بالإضافة الى ذلك، إن استنشاق مثل هذه المواد يسبب مجموعة واسعة من المشاكل الصحية، بدءاً من الحساسية الجلدية والجهاز التنفسي، وصولاً إلى أمراض السرطان. الأطفال وكبار السن هم الأكثر عرضةً لهذه الأخطار، مما يزيد من مأساوية الأمر. إضافة إلى ذلك، تتسبب هذه المبيدات في تلوث البيئة، حيث تتسرب المواد الكيميائية إلى المياه الجوفية وتدمر الحياة النباتية والحيوانية.
فضلاً عن ذلك، لا يمكن إغفال مسؤولية الجهات الحكومية التي تقاعست عن أداء دورها في مراقبة الأسواق ومحاسبة الشركات المخالفة. إن غياب التشريعات الصارمة والرقابة الفعّالة قد فتح الباب أمام انتشار المبيدات الغير مرخصة وتفاقم الأضرار الناتجة عنها.
لمعالجة هذه الأزمة، يجب اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة تبدأ بتشديد الرقابة على استيراد وتداول المبيدات، والتأكد من حصولها على التصاريح اللازمة. كما يجب تعزيز التوعية بين المواطنين حول مخاطر المبيدات الغير مرخصة وتشجيع استخدام البدائل الآمنة. بالإضافة إلى ذلك، يجب محاسبة الشركات المخالفة ومنعها من الاستمرار في نشاطاتها الضارة.
في المحصلة، تبقى قصة نادين خشاب شاهداً حياً على تقاعس الدولة وجشع الشركات غير القانونية تعكس الإهمال الحكومي والتواطؤ مع منتهكي القانون الذي يضع حياة المواطنين في خطر دائم والشركات التي تعمل بدون ترخيص تواصل جني الأرباح على حساب أرواح الأبرياء، غير مبالية بالدمار الذي تخلفه وراءها…فأين الرقابة في دولة “الحدث ولا حرج”؟!
خاص :موقع “ليبانون ميرور”
أسيل درويش