لبنان يعيش على توقيت الحرب … و”الحزب”:الرد بالرد والردع سيد الموقف!

جاء في “الشرق الأوسط”:

يعيش لبنان واللبنانيون على توقيت التهديدات بالحرب التي تكبّل حياتهم منذ مساء السبت، إثر التهديد الإسرائيلي بشن حرب على لبنان، وازداد الإرباك على ضوء دعوات السفارات لرعاياها بمغادرة لبنان، وتعليق شركات طيران عالمية لرحلاتها إلى بيروت.

واتخذ بعض المغتربين الذين يزورون لبنان قرار المغادرة باكراً “قبل فوات الأوان”، وخوفاً من انفلات الأمور، حيث قطعوا إجازات الصيف التي يقضونها في بيروت، واضطر بعضهم إلى شراء بطاقة سفر جديدة لعدم قدرتهم على تقديم موعد سفرهم، وشهدت قاعات المطار في العاصمة اللبنانية ازدحاماً لافتاً.

وتستعد المستشفيات لـ”الحرب” ولتطبيق خطة الطوارئ التي كانت قد أعدتها وزارة الصحة بالتنسيق مع أصحابها، بينما تهافت اللبنانيون على المحلات التجارية للتموين، وهو ما سجّل في اليومين الأخيرين لدى السوبرماركات في مختلف المناطق، رغم التطمينات التي تؤكد توفّر المواد الغذائية بكميات كبيرة.

تسير المفاوضات السياسية مع الدولة اللبنانية و مع “حزب الله” بشكل متسارع لمحاولة لمنع التصعيد في ضوء الضربة الاسرائيلية المتوقعة والتي لا يدور النقاش حول تجنّبها، بل للبناء على ما سيأتي بعدها على اعتبار ان هذه الضربة حاصلة لما محال وإن كانت كل المساعي تضغط لتجنّب التصعيد بعدها.

هذه المفاوضات تقوم على فكرة ان يتجنب “الحزب” القيام بأي رد فعل جدي وحقيقي على الضربة الاسرائيلية، ولكن، وبحسب مصادر عسكرية مطّلعة، فإنه ليس من مصلحة “الحزب” تجنب الرد بل على العكس، إذ ان ذلك من شأنه أن يمنح رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو انتصاراً ولو شكلياً في لبنان، وهذا ما سيصبح قادراً على الاستثمار فيه من دون أن يؤدي بطبيعة الحال الى انهاء الحرب، بل ستستمر من حيث بدأت الضربة الكبرى.

كما ان “حزب الله” يعتبر ان عدم حصول ردّ سيشجّع العدوّ الاسرائيلي على القيام بضربات متعددة تحت ذرائع مختلفة في أوقات مختلفة ومتى يريد على الأراضي اللبنانية، ما يعني أنه بين كل فترة و اخرى سيستبيح العدوّ الأجواء اللبنانية و ينفّذ ضربات على ما يظنّ انها اهداف عسكرية لحزب الله، وهذا ما لا يمكن للمقاومة القبول به حتى لو أدّت الامور الى حرب مفتوحة نعرف كيف تبدأ ولا احد يعرف كيف تنتهي.

وترى المصادر ان اسرائيل تورّط نفسها في مخاطرة جديّة، اذ ان نتنياهو مصرّ على القيام بضربة للبنان يستعيد من خلالها ماء وجهه ويحقق انتصاراً على الجبهة الشمالية. لكنه في الوقت نفسه يعلم أنه سيصبح في مأزق كبير إذا ما رفع “حزب الله” سقف ردّه، لأنه بذلك سيكون ملزمًا أيضاً بأن يرد على الردّ، وهذا يعني امكانية التدحرج الى حربٍ مفتوحة لا تريدها اسرائيل ولا حلفاؤها ولا يتمناها نتنياهو.

وتشير المصادر الى أن هناك جهودا حقيقية لدفع “تل ابيب” نحو القيام بضربة محدودة، عندها سيكون “الحزب” امام واقع جديد يجعله أيضاً يردّ بشكلٍ محدود، وبذلك تنتهي الضربة من دون ان تلزم إسرائيل نفسها بردٍ على الرد ومن دون ان يجد “حزب الله” نفسه محرجاً من الضربة الاسرائلية والتي قد تضعه امام فكرة انكسار الرّدع لصالح تل ابيب.
وعليه فإنّ رده على الضربة المحدودة ينهي الأزمة بأقل اضرار ممكنة على المجتمع الدولي.