ماذا سيُعلن أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله اليوم بعد اغتيال القياديّ الكبير في الحزب فؤاد شكر بالغارة الإسرائيلية التي طالت الضاحية الجنوبية لبيروت الثلاثاء؟ الإجابة على هذا السؤال تُثير حيرة كبيرة، فمن جهة يطرحُ ترقب كبير داخل لبنان مما قد يعلنه نصرالله كـ”ردّ” على قصف الضاحية، فيما إسرائيل تتحضر لـ”ضربة عسكرية” يسددها الحزبُ باتجاهها انتقاماً لشكر.
وانطلاقاً من كل ذلك، ما الذي يمكن أن يعلنه نصرالله إثر ما حصل؟ وما هي سيناريوهات الرد التي قد يفرضها؟
في بادئ الأمر، من المتوقع أن يُعلن نصرالله معادلة جديدة اليوم مرتبطة بالرّد المباشر على استهداف الضاحية كبقعة جغرافية في قلب بيروت. عملياً، فإن ما حصل في تلك المنطقة يُمثل ضربة للعاصمة بشكلٍ أساسيّ، ما يعني أن إسرائيل استهدفت المنطقة التي لطالما حذر نصرالله من ضربها، ملوحاً بالعواقب التي يُنذر بها إن حصل سيناريو القصف.
تتوقعُ مصادر معنية بالشأن العسكري أن يكون ردُّ “حزب الله” مدروساً، وتقولُ لـ”لبنان24″ إنَّ نصرالله قد يُكرر عبارة “الكلمة للميدان”، ما يعني أنه سيزيد الإرباك أكثر في صفوف الإسرائيليين وسيجعلهم أمام ضربات مفاجئة غير معروفة المصدر أو التوقيت.
بحسب المصدر، فإن عبارة “الكلمة للميدان” ستعني نسف توجهات الحرب الشاملة وحصر الأمور بـ”ردود موجعة” تمنع الانجرار نحو المواجهة المفتوحة، في حين أنّ إسرائيل قد تتعامل مع تلك الخطوات بناء لتهديداتها المتكررة بالرّد، بينما سقفها في ذلك سيكون مرتبطاً بمسار المواجهة الحالي، أي من دون الإنتقال إلى حرب موسعة علماً أن “الأيام القتالية المحدودة” واردة إلى حدّ كبير.
وعليه، سيكون خطاب نصرالله مؤسساً لمعادلات الرد من دون الكشف عن كافة تفاصيلها، في حين أن ذلك سيشمل تهديدات واضحة بتوسيع جبهة المعركة إن بادرت إسرائيل إلى ذلك. هنا، تقول المصادر المعنية بالشأن العسكريّ إنَّ “حزب الله” يقفُ أمام مفترق طرق، فالمعادلة التي لا بد أن يرسيها نصرالله يجب أن تضمن مجدداً أمن بيروت والضاحية، وذلك من خلال التأكيد على أن أيّ قصفٍ للعاصمة وضاحيتها سيؤدي إلى فرض حربٍ على مدينة إسرائيلية وذلك وفق قاعدة “مدينة مقابل مدينة”.
إنطلاقاً مما ذُكر، فإنّ “حزب الله” قد يكرر تجربة الردود التي كان نفذها سابقاً إثر اغتيال القيادي في حركة “حماس” صالح العاروري في الضاحية، كما أنه قد يستنسخ أيضاً تجربة الردود عقب اغتيال القادة الميدانيين التابعين له، لكن هذه المرة ستكون حلقة النار أوسع وأشمل وقد تستهدفُ نقاطاً حساسة داخل إسرائيل سيثير أمر استهدافها مخاوف كبيرة جداً.
أيضاً، وإلى جانب كل ذلك، فإنّ ما قد يقوله نصرالله يرتبط برفضه مسار أي توقيت للرد، وقد يجعل الأمر هذا الإسرائيليين في حالة استنفار دائم. المسألة هذه واردة تماماً، وتقول المصادر إنّ إسرائيل فرضت اللعبة نفسها على حزب الله قبل يومين إثر هجوم مجدل شمس في الجولان السوري. حينها، جعلت تل أبيب الحزب يستنفر ميدانياً ويسحب كتلة من عناصره نحو الجبهة وساهمت بإحداث إرباكٍ في صفوفه بينما هي “تماطل” في تنفيذ الرد. فعلياً، المسألة هذه كانت عكس المسألة التي ارتبطت باليمن، فبعدما أطلق الحوثيون طائرة من دون طيار باتجاه تل أبيب، كان الرد الإسرائيلي جاهزاً بعد ساعات ليتم تنفيذه ضد ميناء الحُديدة.
إذاً، ما يتبين هو أن “حزب الله” قد يستنسخ وعلى طريقته، تجربة إسرائيل في الدعاية السياسية والحرب النفسية، وقد يلعب بأوراق الإسرائيليين، لكن المسألة الأساس بالنسبة له تقتضي بإرساء معادلة ردع تحسم أمرين: الأول وهو أنّ التهديد لبيروت سيقابل بردّ كبير يمنع التمادي الإسرائيليّ لاحقاً، فيما الأمر الثاني يرتبط بالأسلحة التي سيستخدمها الحزبُ للردّ على أي ضربة جديدة قد تطالُ بيروت، إذ يمكن أن يُهدد باستخدام شيء ما جديد تماماً.
الأمر المنتظر إعلانه أيضاً في خطاب نصرالله يكمن في مدى نية الأخير الكشف عن مضامين الحرب الأمنية وبالتالي تقديم ولو معلومة واحدة عنها باعتبار أنها ساهمت في التصفيات والاغتيالات.
وفقاً للمصادر، فإن “حزب الله” يتكتم كثيراً عن إجراءاته المُضادة ضدّ الإسرائيليين في الوسط الحزبي لمنع أي تسريب، لكن في الوقت نفسه، قد يعلن نصرالله عن ملامح تلك الحرب الإستخباراتية وأبعادها.
في ختام القول، ما يظهر هو أنّ خطاب نصرالله سيقلب الموازين.. فكيف ستتغير الأمور من بعده؟ وهل ستكون الكلمة للميدان في لحظة الخطاب أم بعده بوقتٍ غير قصير؟ حتماً.. فلننتظر..
لبنان 24