تهاتف مخيف على شراء المواد الغذائية…وبحال الحرب: المخزون يكفي لهذه المدة!
قد يكون من البديهي عند وقوع اي كارثة ان يتهافت المواطنون على التبضع وتخزين المواد الاستهلاكية الضرورية، كنوع من البحث عن الأمان والاستقرار الذي يعتبر أمرا أساسيا لكل مجتمع. لكن قد يتحول هذا الاندفاع إلى حالة من الهلع والخوف، لا سيما عندما تتصاعد وتيرة الاعتداءات العسكرية، على النحو الذي حدث في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث غدرها صاروخ “اسرائيلي” وأوقع 4 شهداء وعشرات الجرحى. لذلك اضطر الناس بعد هذا الفعل الاجرامي، إلى اتخاذ إجراءات سريعة لتأمين احتياجاتهم الضرورية، فقصدوا “السوبرماركات” لشراء ما تيسر لهم، تحسبا لأي تدهور في الأوضاع الأمنية او توسعة الحرب. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل يوجد خوف من احتمال انقطاع المواد الغذائية في الأسابيع المقبلة؟
أكد وزير البيئة ناصر ياسين لـ “الديار” أنّ “مخزون الأدوية والمواد الغذائية والنفط مؤمّن في حال اتّساع رقعة الحرب”، مشيرا إلى “أن المحروقات مؤمنة لحوالى 4 أسابيع لأن لا مكان للتخزين، والمواد الغذائية مؤمنة لـ 3 أشهر”.
من جانبه، قال رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي لـ “الديار”: “أؤكد أنه حتى لو تصاعدت الأعمال العسكرية، وزادت الضغوط من الضربات “الإسرائيلية”، فلا ينبغي أن تكون هناك مشكلات آنية في توافر المواد الغذائية، لأن المستودعات ممتلئة بجميع أنواع السلع”. وأضاف: “لا يوجد ما يُعرف بمستودع مركزي للمواد الغذائية لكي يُقصف، بخلاف قطاعات أخرى مثل المستشفيات والمطار والمنشآت النفطية التي قد تكون هدفا للعدو، لذلك انا أجزم بعدم وجود عقبات او صعوبات في هذا المجال”.
وتابع: “البضائع متوافرة بكثرة، ولا يوجد أي انقطاع في الأصناف، والاقبال على التخزين كإجراء احتياطي هو أمر طبيعي. والنداء الذي أطلقناه البارحة كان لتسريع عملية إخراج البضائع من مرفأ بيروت ونقلها إلى المستودعات، حتى إذا تدهورت الأوضاع لا سمح الله، يكون لدينا مخزون كافٍ”. واشار الى “ان المشكلة تكمن في إجراءات التخليص التي تستغرق أحيانًا أكثر من أسبوعين”.
ومما لا شك فيه أن العدوان الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية قد هزَّ أمن واستقرار المنطقة بأكملها، وخلف وراءه حالة من الذعر بين المواطنين، الذين شعروا بضرورة التحضير لأي طارئ أو مستجدات قد تحدث. ومع تصاعد وتيرة الاعتداءات، اندفع الناس نحو المحلات التجارية و”السوبرماركات” بشكل غير مسبوق لتأمين اللوازم الأساسية، وشراء كميات كافية من المواد الغذائية، مما أدى إلى فراغ الرفوف تماما من البضائع بعد أقل من ساعة من التفجير، وفق ما قاله عاملون في متاجر “سبينس” و “شاركوتيه عون” و “رمال” لـ “الديار”.
وفي هذا السياق، أخبر بعض المواطنين “الديار” أن “الصوت المدوي للانفجار والمشاهد المروعة، كانت كافية لزرع الخوف في قلوب الكبار والصغار، مما دفعنا الى تخزين بعض المستلزمات الأساسية مثل الزيوت والأرز والبرغل”.
ولم يتوقف الجزع عند شراء المواد الاستهلاكية فقط بل امتد إلى محطات الوقود، حيث اصطف الناس في طوابير للحصول على البنزين، وشراء المياه المعبأة، والمنتجات الطبية، والسلع الأساسية الأخرى. حتى إن العديد من المحلات التجارية وجدت نفسها غير قادرة على تلبية الطلبات. وقد لاحظ المستهلكون زيادة في الأسعار مقارنة بما كانت عليه قبل أيام، وبشكل خاص في أسعار الحبوب.
Mass Panic
اوضحت الاختصاصية النفسانية والاجتماعية غنوة يونس لـ “الديار” ان “الذعر الجماعي هو حالة من الخوف الشديد الذي ينتشر بين مجموعة كبيرة من الناس بسرعة، مما يؤدي إلى سلوكيات غير منظمة مثل التهافت على شراء المواد الغذائية والوقود”.
اضافت : “وتحدث ردة الفعل هذه عندما يشعر الافراد بالتهديد المفاجئ أو الخطر، وقد ينجم عن هذا الوضع تصرفات جماعية غير عقلانية، بغية تأمين احتياجاتهم الأساسية”.
وأشارت الى “ان مصطلح الـ War Panic او “الذعر من الحرب”، يُستخدم لوصف الوجل الذي ينتاب الناس بسبب التهديدات العسكرية أو الحروب. وتتضمن هذه الحالة الخوف من العنف وعدم الاستقرار ونقص الموارد، وقد يظهر هذا السلوك أيضا في ممارسات معينة مثل تخزين المواد الغذائية، والتعبئة السريعة للبنزين، والهجرة من المناطق المتأثرة.
ولفتت الى “ان الإجهاد النفسي الناتج من الحروب يشير إلى الضغوط النفسية التي يتعرض لها الأفراد خلال النزاعات العسكرية، ويتضمن الاضطراب والفزع المستمر من الأحداث، وقد يؤدي إلى تصرفات غير منطقية، ويؤثر في الناس بطرق متعددة، منها الخشية من عدم توفر الموارد الأساسية.
واعتبرت “ان الصدمة النفسية هي استجابة عاطفية شديدة لوقائع تهدد الحياة، وتشمل أعراضها القلق المستمر والاكتئاب والسلوكيات القهرية مثل المبالغة في ادخار الاطعمة. لذلك قد تولّد الحروب صدمات نفسية تجعل الأفراد يشعرون بضرورة تأمين احتياجاتهم بشكل مفرط.
واستكملت “يعد القلق من انعدام الأمن نوع من التشوش، ينشأ عندما يشعر الأفراد بعدم الأمان في بيئتهم، والذي يمكن أن يكون بسبب التهديدات العسكرية أو نقص الموارد، مما يدفع الأشخاص إلى اتخاذ إجراءات احترازية مثل حفظ المواد الغذائية والوقود.
وختمت “هذه الظواهر تشير إلى كيفية تأثير الخوف من الأوضاع غير المستقرة مثل الحروب في سلوك الناس، مما يؤدي إلى تصرفات جماعية مثل الاقبال على تخبئة الموارد الأساسية. وانطلاقا من كل ما تقدم، يتناول علم النفس وعلم الاجتماع هذه الحالات من زوايا متعددة، مما يساعد في فهم سلوك الأفراد والجماعات تحت ضغط الحروب والأزمات”.
المصدر: ندى عبد الرزاق – الديار