لا يفوّت تجّار الأزمات فرصة. ففي مناخات الحرب، ينشط هؤلاء في أسواق وقطاعات كثيرة. وخلال الأيام القليلة الماضية، انتقل هؤلاء بثقلهم الى سوق بيع تذاكر السفر. واستغلّوا قرار شركات طيرانٍ عالمية تعليق رحلاتها إلى لبنان أو تأجيلها، فضاقت الخيارات أمام المسافرين وتمّ استغلالهم.إحدى العائلات اللبنانية كان من المُفترض أن تُغادر إلى فرنسا على متنِ الخطوط التابعة لشركة «transavia»، بتكلفة 500 يورو للتذكرة، إلا أنّ إلغاء الرحلة أجبر العائلة على الاستعانة بشركة «طيران الشرق الأوسط»، التي بلغت أسعار بطاقات الدرجة الاقتصادية لديها 1000 دولار، وبطاقات درجة رجال الأعمال 2000 دولار. وهي مبالغ تقدّر وفق أهل القطاع «تقريباً بضعف السعر المتعارف عليه». هذا مع العلم، أن حجز التذاكر قبل وقتٍ قصير من موعد السفر، يرفع من من سعرها، لكن ليس الى حدّ زيادة تتراوح بين 50 و100 بالمئة. ما دفع بأفراد أو عائلاتٍ يريدون العودة الى البلدان التي يقيمون فيها، الى رفع الصوت واتهام «شركة الطيران الوطنية، بالاستغلال». هو لسان حال مئاتٍ من المسافرين راجعوا جهات رسمية من أجل التدخل، مطالبين «الدولة بإلزام “الميدل إيست” بالتوقف ولو لمرة واحدة عن التفكير فقط بالأرباح”.
تعليق رحلات الشركات العالمية حصر عملياً معظم الرحلات من بيروت بشركتَي الشرق الأوسط والشركة التركية. وسط ضغط قلّص فرص الحصول على بطاقات بشكل سريع، ما دفع بالقائمين على الأمر الى استغلال الوضع مباشرة، أو من خلال مكاتب بيع بطاقات السفر، التي حوّلت الطلب على تذاكر السفر الى سوق سوداء. وتبيّن أن هناك عدد غير قليل من البطاقات قد تم حجزها مسبقاً، ثم عرضت على مسافرين بأسعار مضاعفة.
لكن الأمر لا يتوقف هنا، إذ إن كثيرين لم يجدوا مقاعد في الدرجة الاقتصادية، ما اضطرّهم إلى شراء تذاكر الدرجة الأولى، لأن البديل هو البقاء في بيروت حتى تتغيّر الأمور، وتتاح لهم فرصة أخرى”. وقد تكرر الأمر نفسه على مدى ثلاثة أيام، ليكتشف أحد المسافرين أن أصدقاء له قصدوا أحد مكاتب الـ«MEA»، وحصلوا على تذاكر في الدرجة الاقتصادية، لكن ذلك تمّ عبر وساطات ومعارف. وقد أكد صاحب أحد مكاتب السفر الكبيرة، لـ«الأخبار» أنّه «تلقّى إعلاناً من الـ«MEA» عن رحلة إضافية سيتم تسييرها إلى فرانكفورت، وفي غضون ساعة من إرسال الإعلان كان موقع الشركة قد أعلن نفاد جميع التذاكر»، معتبراً أنّ الزيادة في حركة المغادرة على خلفية العدوان على الضاحية بلغت معدلاً وسطياً بنسبة 50%، ومؤكداً “أن السبب لا يعود الى الضغط فقط، بل يوجد وراء نفاد بطاقات الدرجات الاقتصادية في أغلب الأحيان، لأن الحديث يدور حول بيع البطاقات للمحظيّين من أفراد ومكاتب سفريات”.
من جهة ثانية، علمت «الأخبار» أن لبنانيين كانوا في رحلات سياحية الى أنطاليا في تركيا وشرم الشيخ في مصر، تأخّرت عودتهم الى لبنان. إذ كان من المفترض أن يطيروا عبر شركتَي AIR Cairo وCorendon، وبعدما علّقت الشركتان تسيير الرحلات إلى لبنان، عرض الوكيل إعادة المسافرين إلى بيروت على متن الـ«MEA»، لكن شرط دفع فرق التكلفة، والذي قدر بضعف السعر الأساسي. وقد جرى تحميل الفرق للمسافرين بإصرار وتدخّل من جانب مكاتب السفر، وأدى الخلاف حول هذا الأمر إلى بقاء عدد من اللبنانيين في الخارج لغاية الآن.
قد يكون ما يجري مناسبة لإعادة التذكير بمشروع «الترمينال 2» الذي طرحه وزير الأشغال علي حمية، بغية توسيع المطار وإفساح المجال أمام شركات الرحلات العارضة ذات الأسعار الزهيدة، كما هو معمول به في كل العالم. وبرغم امتناع بعض هذه الشركات عن القدوم الى بيروت في الظروف الراهنة، فإنّ مروحة الخيارات الواسعة التي كان سيوفّرها المشروع كانت ستسمح ربّما ببقاء عدد أكبر من العدد الحالي للشركات المتدنّية الكلفة التي ما زالت تأتي إلى لبنان.
ندى أيوب- الأخبار