ورقة الحكومة: بَديل من الترسيم البري؟

ورقة الحكومة: بَديل من الترسيم البري؟

بدأت الحكومة اللبنانية تعد العدة لمرحلة ما بعد انتهاء الحرب في غزة وتالياً في الجنوب اللبناني. الجمعة الماضي، وزّع مكتب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وأيضاً وزارة الخارجية “ورقة الحكومة اللبنانية التي تظهر القواعد الهادفة إلى تحقيق الاستقرار على المدى الطويل في الجنوب”.

وطرحت الورقة 3 نقاط تحقّق خفض التصعيد وإرساء الاستقرار. الأولى، تتمحور حول التزام لبنان بالقوانين الدولية والإنسانية وقوانين الحرب وضرورة “التزام جميع الأطراف بمبادئ التناسب والتمييز والضرورة لحماية أرواح المدنيين وممتلكاتهم، وتجنب المزيد من التصعيد. كما يحتفظ لبنان بحقّ الدفاع عن النفس وفقاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”. لذلك و”إلى أن يتم التنفيذ الكامل والمتكافئ لقرار مجلس الأمن الرقم 1701، هناك حاجة إلى خفض التصعيد الفوري ووقف الأعمال الاستفزازية من أجل تخفيف المخاطر وحماية المدنيين. وأي نشاط يدخل ضمن هذا المسار يجب ألا يعيق إعادة الالتزام الكامل بالقرار 1701 أو يزيد من خطر نشوب صراع شامل”.

لكن الأهم، هما النقطتان ٢ و٣. فبعد وقف النار في غزّة ترى الحكومة أنه يفترض تطبيق كامل قرار مجلس الأمن ١٧٠١ على المدى المتوسط لأنّه “حجر الزاوية لضمان الاستقرار والأمن في جنوب لبنان”. وفي هذا السياق “سيؤدي الجيش اللبناني وقوات اليونيفل دوراً محورياً. وبهدف ضمان توافر الشروط اللازمة لتنفيذه تلتزم الحكومة اللبنانية بزيادة عدد أفراد الجيش اللبناني من خلال حملة تجنيد جديدة”. انطلاقا من هنا، وفي النقطة ٣، تتعهد الحكومة بالقيام بعملية تجنيد لبنانيين إضافيين دلالة على التزامها الواضح بتنفيذ القرار. وهو ما يشكل “خطوة مهمة نحو تعزيز قدرة القوات المسلحة اللبنانية على الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة”، طالبة مساعدة ودعم المجتمع الدولي لضمان التنفيذ الناجح. وهذه المساعدة وفقاً للورقة الحكومية يمكن أن تأتي بأشكال مختلفة، “بما في ذلك الدعم المالي والتدريب والمساعدة الفنية لضمان تنفيذ عملية التجنيد بفعالية وكفاءة”. وأكّدت الحكومة التزامها بالعمل بشكل وثيق مع اليونيفل لضمان أمن واستقرار المنطقة.

للمرّة الأولى منذ ٧ تشرين، تتطرّق الحكومة بهذا الاسهاب الى الواقع الجنوبي، وفق ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”. فبينما أُبلغت أنّ أيّ “ديل” جديد للترسيم البري لن يتم ابرامه في المدى المنظور، نقل اليها العاملون الدوليون على خط التهدئة أن لا بدّ لها من إبداء استعداد لتنفيذ القرار ١٧٠١ بجدية هذه المرّة، لا كما طبق منذ العام ٢٠٠٦، شكليًّا لا أكثر. عليه، وبضوء أخضر من حزب الله، وضعت هذه الخريطة التي تتضمن بنوداً تدلّ على رغبتها بتسليم الجنوب الى الجيش اللبناني هذه المرّة، حيث تنوي رفع عديده وتطلب من العالم دعمه ليتواجد جنوباً كما يجب، وبذلك يتمّ تجنيب لبنان حرباً إسرائيلية لإبعاد حزب الله عن الحدود على اعتبار أن الجيش واليونيفيل صارا موجودين فعلاً في هذه المنطقة.

وفق المصادر، هذا الموقف الحكومي الواضح كان يجب أن يصدر في ٨ تشرين وربما كنا وفّرنا على الجنوب الخراب والدمار ومئات الشهداء. على أيّ حال، تبقى معرفة ما إذا كانت هذه الورقة ستطبّق حقًّا، أم إذا كانت “تخريجة” نتاج توافقٍ من تحت الطاولة بين حزب الله وإسرائيل برعاية دوليّة، للنزول عن شجرة التصعيد والتلويح بالحروب، فتُحل الأمور جنوباً بعد التهدئة في غزة، سريعاً وبالتي هي أحسن، ويعود القديم الى قدمه مع ضمانات لإسرائيل بعدم مهاجمتها من الشمال، ويا دار ما دخلك شرّ! تختم المصادر.

كتبت لارا يزبك في “المركزيّة”: