اخبار دولية

“منعطفٌ حرج وضغطٌ كبير”.. هكذا يبدو وضع إيران تزامناً مع “الرّد المرتقب”!

“منعطفٌ حرج وضغطٌ كبير”.. هكذا يبدو وضع إيران تزامناً مع “الرّد المرتقب”!

قال توم أوكونور، كاتب مختص بالسياسة الخارجية الأميركية في مجلة “نيوزويك”، إن إيران تجد نفسها أمام منعطف حرج وهي تتنقل عبر المشهد الجيوسياسي المعقد في أعقاب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران.


وأثار هذا الحدث نقاشاً حاداً بين أعلى المستويات في إيران حول كيفية الرد على إسرائيل دون تفاقم الصراع الدائر في قطاع غزة.

ووضع مقتل هنية إيران في موقف صعب حيث يتعين عليها الموازنة بين رغبتها في الانتقام وخطر المزيد من زعزعة استقرار المنطقة، بحسب ما يقول أوكونور.

تفاقم الوضع

وأضاف الكاتب في مقاله بموقع المجلة الأميركية إنّ “الوضع يتفاقم بسبب تورط العديد من أصحاب المصلحة، الذين يعملون على التوسط في وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس”، وأضاف: “كذلك، تتعرض إدارة بايدن لضغوط للتوصل إلى اتفاق من شأنه أن يمنع المزيد من التصعيد، خاصة مع اقتراب الولايات المتحدة من انتخابات رئاسية مثيرة للجدل. وفي حين أن وقف إطلاق النار قد يوفر راحة مؤقتة، فإنه ما يزال من غير المؤكد ما إذا كان كافياً لإرضاء دعوات إيران وحلفائها للانتقام”.

ويقول الكاتب إن إيران تحت المجهر حالياً، لأن ردها قد يشكل سابقة للتفاعلات المستقبلية في المنطقة، ويضيف: “مع هذا، يفكر صناع القرار العسكري الإيراني في استجابة أكثر استراتيجية وتأثيراً مقارنةً بالإجراءات السابقة، مثل عملية الوعد الصادق، وهي ضربة إيرانية غير مسبوقة بالصواريخ والطائرات دون طيار ضد إسرائيل. مع ذلك، يظل التركيز الأساسي لإيران على إنهاء الحرب في غزة وتخفيف معاناة شعبها”.

توازن دقيق بين الدبلوماسية والانتقام

وصرحت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة أنه في حين يحق لإيران الرد على إسرائيل على مقتل هنية، فإن مثل هذه الإجراءات لا ينبغي أن تعطل الجهود الرامية إلى وقف إطلاق النار.

وبحسب 

أوكونور، فإن هذا النهج الحذر يسلط الضوء على موقف إيران المعقد، حيث تسعى إلى إيجاد توازن دقيق بين الانتقام والدبلوماسية، وأضاف: “إن الاتصالات بين طهران وواشنطن موجودة، وإن كانت التفاصيل ما تزال غير معلنة، مما يشير إلى أن الحوار مستمر رغم انعدام الثقة العميق بين البلدين”.

اختبار مبكر للقيادة الإيرانية

وأوضح الكاتب أن الوضع يزداد تعقيداً بسبب وجهات النظر المتنوعة داخل القيادة الإيرانية، فالبعض يدعو إلى رد مباشر ورادع على إسرائيل، في حين ينصح آخرون بالحذر لكبح جماح سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو العدوانية، وأضاف: “كذلك، يواجه الرئيس الإيراني المنتخب حديثاً مسعود بزشكيان اختباراً مبكراً للقيادة بينما يتنقل بين هذه الانقسامات الداخلية، ومن المرجح أن تسعى إدارته إلى خفض التصعيد، وإن كانت ما تزال ملتزمة بتقديم رد مناسب على إسرائيل بشأن مقتل هنية”.

وأضاف: “تتأثر الديناميكيات داخل إيران أيضاً بتحالف حلفائها المعروف باسم محور المقاومة، بقيادة حزب الله في لبنان. فعلياً، لقد أدى اغتيال المسؤول العسكري الأعلى في حزب الله فؤاد شكر مؤخراً على يد القوات الإسرائيلية إلى تكثيف التوترات على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية، مع تصريح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله برد قوي ومؤثر”.

وتابع: “قد تتضمن استراتيجية إيران التنسيق مع حلفائها في محور المقاومة لتنفيذ رد مشترك، مما قد يسمح لحزب الله بتولي زمام المبادرة في تصعيد التوترات مع إسرائيل. ومن شأن هذا النهج أن يمكن إيران من قياس رد فعل إسرائيل قبل تحديد مدى تورطها. إن احتمالية الضربات المنسقة من قبل مجموعات محور المقاومة، بما في ذلك تلك الموجودة في اليمن والعراق، ترفع من المخاطر لجميع الأطراف المعنية”.

وأردف: “رغم الوضع المتقلب، هناك جهد متضافر لتجنب حرب شاملة. لقد أعربت الحكومة الإسرائيلية، التي تدرك العواقب المحتملة لمزيد من التصعيد، عن استعدادها للرد على أي هجمات ولكنها تأمل في تجنب الصراع. كذلك، وُضع الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب قصوى، مما يؤكد الجدية التي تنظر بها إسرائيل إلى التهديدات الآتية من إيران وحزب الله”.

وقال أوكونور إن “القيادة الإيرانية، بما في ذلك الرئيس بزشكيان والمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، تواجه عملية صنع قرار حاسمة، ويتعين عليها أن تأخذ في الاعتبار العواقب المترتبة على أي إجراءات انتقامية، وموازنة الحاجة إلى الانتقام لموت هنية مع الرغبة في تجنب صراع أوسع نطاقاً”.

وذكر أنّ “هذه الحسابات الدقيقة تزدادُ تعقيداً بسبب التحول السياسي الأخير داخل إيران، في أعقاب الوفاة غير المتوقعة للرئيس السابق إبراهيم رئيسي”، وتابع: “لقد أثار اغتيال هنية في مجمع آمن يستخدمه الحرس الثوري تساؤلات حول الأمن الداخلي الإيراني وسلط الضوء على العمليات السرية طويلة الأمد التي تنفذها إسرائيل داخل إيران. وأدى هذا التاريخ من التخريب والاغتيالات إلى زيادة العزيمة الإيرانية على الرد بحزم، رغم إدراكها للعواقب المحتملة”.

اعتبارات استراتيجية وضغوط سياسية

مع هذا، يوضح الكاتب أنّ “رد إيران سيتشكل من خلال مجموعة من الاعتبارات الاستراتيجية والضغوط السياسية، وسوف تؤثر نتائج محادثات وقف إطلاق النار الجارية في غزة، فضلاً عن السياق الجيوسياسي الأوسع، على عملية صنع القرار في إيران”.

وخلص الكاتب إلى أنه “مع تأرجح المنطقة على شفا المزيد من الصراع، يراقب المجتمع الدولي عن كثب، مدركاً أن القرارات التي تُتخذ في طهران قد تكون ذات عواقب بعيدة المدى على الشرق الأوسط وخارجه، وستكون الأيام والأسابيع المقبلة حاسمة في تحديد ما إذا كانت إيران سوف تختار ضبط النفس أو التصعيد في سعيها إلى تحقيق العدالة في اغتيال هنية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى