عن الطحين.. أزمة جديدة!
وسط الأزمة الاقتصادية الحادة التي يعاني منها لبنان منذ سنوات، تظهر مشكلة مخزون الطحين كأحد أبرز التحديات التي تهدد الأمن الغذائي في البلد، خاصة بعد انتهاء القرض المقدم من البنك الدولي وعدم تجديده. على الرغم من ذلك، لم تسع الحكومة الى إيجاد حلول ميسرة تخدم المواطن، بل وجدت نفسها مضطرة لرفع الدعم كليا عن هذه المادة الاساسية. هذا الاجراء يعني ارتفاع سعر الخبز، الذي يعد سلعة ضرورية لا غنى عنها، خصوصا للعائلات ذات الدخل المحدود. يأتي هذا التطور في لحظة بالغة الحساسية، حيث تتزامن الأزمة مع تصاعد التوترات بين حزب الله و”إسرائيل” في المناطق الحدودية الجنوبية، مما يزيد من احتمالات اندلاع نزاع عسكري واسع. تلقي مثل هذه الظروف الطارئة بظلالها على سلاسل التوريد، مما يهدد بتفاقم الأزمة الغذائية وزيادة الضغط على المخزون المحلي من الدقيق.
في المقابل، تتعاظم المخاوف بين المواطنين بشأن قدرة الجهات المعنية على تأمين احتياجاتهم الأساسية من الخبز إذا انزلقت الأوضاع أكثر. ورغم التصريحات المتكررة حول وجود احتياطي يكفي لفترة معينة، تظل الشكوك قائمة حول مدى كفاية هذا المخزون لتهدئة الناس في ظل التدهور المالي وزيادة التوترات السياسية. يبرز هنا التساؤل حول فعالية الحلول الحالية والحاجة الى التفكير في استراتيجيات بديلة لضمان استدامة الأمن الغذائي للسكان الأصليين والنازحين السوريين على حد سواء. كما من البديهي استفهام الرأي العام عمّا إذا كانت هذه التطمينات كافية في ظل الظروف الراهنة. فهل فكرت الحكومة في كيفية تمكين المواطن العاطل من العمل من ضمان قوت أبنائه؟ وهل وجدت حلولاً عملية للتخفيف من وطأة هذه الأزمة على الفئات الأكثر تضرراً؟ تستمر هذه الاستفسارات المشروعة دون إجابات شافية، في ظل غياب الخطط الواضحة والمستدامة، مما يزيد من قلق المواطنين حول المستقبل القريب والاستقرار الغذائي المحلي. وفي خضم هذه الأجواء المشدودة أمنياً واقتصادياً، يبدو ان الموقف الرسمي يتجاهل الأسئلة الجوهرية حول قدرة الاسرة على تأمين متطلباتها في ظل ارتفاع الأسعار. الى جانب ذلك، الأزمة لا تقتصر على الطحين فحسب، بل تمتد لتشمل قطاعات حيوية أخرى مثل الوقود والمواد الغذائية، التي تعد جميعها عصب الحياة اليومية للأفراد. لذلك فان رفع الدعم عن السلع الأساسية دون تقديم بدائل فعالة يضاعف من معاناة المجتمع الوطني ويبرز عجزاً واضحاً في التخطيط الحكومي. والسؤال المحوري في هذا المجال، هل تملك الوزارات رؤية واضحة للتعامل مع هذه الأزمات المتشابكة، أم أنها تكتفي بإجراءات مؤقتة ووعود غير واقعية؟ ففي ظل هذه الظروف، تتنامى الهواجس من أن تتحول هذه التحديات المعيشية المتفاقمة إلى وقود لمزيد من التهديدات الاجتماعية والاقتصادية، مما يدفع بالبلد نحو أزمة إنسانية أشد خطورة.
في تصريحات خاصة لـ “الديار”، أكد رئيس نقابة الأفران والمخابز العربية في بيروت وجبل لبنان ناصر سرور، “ان النقابة وضعت خطة للأفران في الجنوب قبل نحو 10 أشهر لضمان استمرارية توافر الخبز، ويكفي المخزون لأكثر من 20 يوما. مشيرا، الى انه في حال حدوث حرب شاملة، ستُنقل حصص الطحين من الأفران التي توقفت عن العمل إلى المناطق الآمنة بالتعاون مع وزارة الاقتصاد واللجنة الأمنية”. وفيما يتعلق بكميات القمح والطحين في لبنان، أوضح أنها تلبي الاحتياجات المحلية لمدة ثلاثة أشهر، وأن المادة متاحة في جميع المطاحن”. هل تلتزم السوبرماركت بالتسعيرة الجديدة؟ يجيب قائلا: “ان الدعم سيرفع في 10/09/2024، مما سينتج منه زيادة في سعر الربطة بنحو 5000 ليرة لبنانية اعتباراً من الأسبوع المقبل، لكن بالمقابل سيزيد وزن الحزمة بمقدار 30 غراماً.
وأشار إلى أن الـ 2000 ليرة لبنانية ستخصص لزيادة أجور العمال، التي سترتفع الى 550 دولارا، بعد أن كانت 350. في ضوء هذه المعلومات، يصبح سعر الربطة 65 ألف ليرة كحد أقصى، حسب أسعار القمح والطحين والنيلون والمحروقات وسعر صرف الدولار الحالي”. واوضح “أن تسعيرة الخبز في المحلات ستصل الى حوالي 75 ل.ل.، حيث يُضاف مبلغ قدره 10 آلاف ليرة كربح للمحل أو السوبرماركت والموزع. أما السعر الأساسي للربطة بعد رفع الدعم فهو 65 ل.ل. في جميع الصالات”. وفي سياق متصل، كشف سرور لـ “الديار” عن “مسعى من اجل الحصول على هبة من احدى الدول الشقيقة مثل قطر او المملكة العربية السعودية او إيران او الكويت، لافتا الى ان المشاورات مستمرة لفتح أبواب الدعم مع أي دولة ترغب في تقديم مساعدة للبنان”. وختم ” في حال اندلاع حرب مفتوحة، يتم التواصل بشكل دائم بين وزير الاقتصاد وقوات اليونيفيل لضمان إدخال القمح والطحين إلى البلد”.
المصدر – الديار