كيف سيتعامل جنبلاط مع “الحزب” عند انتهاء الحرب؟

كيف سيتعامل جنبلاط مع “الحزب ” عند انتهاء الحرب؟

يتعامل رئيس الحزب “التقدميّ الإشتراكيّ” السابق وليد جنبلاط مع “حزب الله” منذ 8 تشرين الأوّل الماضي بشكل لافت جدّاً، بحيث يدعم جهود “المُقاومة” في لبنان وفي فلسطين ضدّ العدوّ الإسرائيليّ، علماً أنّه كان من أبرز المطالبين بعدم إقحام وجرّ البلاد إلى النزاع الدائر في غزة. وأيضاً، فإنّ مناطق الجبل كانت ولا تزال في مُقدّمة البلدات اللبنانيّة التي فتحت أبوابها أمام النازحين من الجنوب، وستظلّ على أهبة الإستعداد في حال حدوث أيّ تطوّر أو طارئ بما يتعلّق بالوضع الأمنيّ على الحدود الجنوبيّة.

 
ومرّت العلاقة بين جنبلاط و”حزب الله” بتقلبات كثيرة، وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أنّ الحزب “التقدميّ” خاض الإنتخابات النيابيّة الأخيرة مع حلفائه التقليديين في “قوى الرابع عشر من آذار” مثل “القوّات اللبنانيّة” وحزب “الوطنيين الأحرار” وغيرهم، ضدّ سلاح “الحزب”. كذلك، فإنّ “الثنائيّ الشيعيّ” حاول التضييق على المختارة في العام 2022 عبر دعم مرشّحين دروز يدورون في فلك فريق الثامن من آّذار لخرق لوائح “التقدميّ” في عدّة أقضيّة.

في المقابل، فإنّ موقف جنبلاط معروف عندما يتعلّق الأمر بأيّ نزاع مع إسرائيل، وهو سيكون دائماً في الموقع الداعم لأيّ فصيل مُقاوم، أكان “حزب الله” أم غيره. ولكن إذا نجحت المُفاوضات الدائرة بين “حماس” والحكومة الإسرائيليّة وانتهت الحرب برعاية مصريّة وقطريّة وأميركيّة، فإنّ هناك بعض علامات الإستفهام بشأن مُقاربة رئيس “التقدميّ” السابق للعلاقة مع “حزب الله”.

وقد لا يبدو أنّ جنبلاط سيعود إلى مُخاصمة “حزب الله” بعد انتهاء الحرب لعدّة أسباب منها أنّه يُؤيّد الحوار الوطنيّ برئاسة صديقه وحليفه رئيس مجلس النواب نبيه برّي، ما يعني أنّه ليس بوارد التلاقي مع المُعارضة في التصويت لرئيسٍ لا يُشارك “الثنائيّ الشيعيّ” في انتخابه، وهو أساساً على خلاف مع “القوّات” لأنّها تقف عائقاً أمام إجراء تشاور بين كافة الكتل للتوافق على مرشّح وإنهاء الفراغ الرئاسيّ.

ثانيّاً من خلال الحوار، فإنّ جنبلاط يُريد إنجاح تسويّة تُريح كافة الأفرقاء لأنّ من شأن هذا الأمر أنّ يُعيد الإستقرار السياسيّ إلى البلاد للإنطلاق نحو مُعالجة المشكلات الإقتصاديّة والإجتماعيّة والمعيشيّة. كذلك، فإنّ “وليد بيك” سينتهج سياسة هادئة بعيدة عن إستفزاز أيّ طرفٍ وخصوصاً المُكوّن الشيعيّ كيّ لا تكون البلاد عرضة لأيّ خضّة أمنيّة في الشارع، في ظلّ رغبة المُعارضة بُمعالجة موضوع السلاح غير الشرعيّ وتطبيق القرارات الدوليّة الضاغطة على “المُقاومة”.

ويعتبر جنبلاط الذي يُعرف بانه أبرز المنادين بالتسويات أنّ أيّ توافق داخليّ بين أغلبيّة الأفرقاء سيُدخل لبنان في استقرار سياسيّ لمدّة مقبولة من الزمن. ولن يُبدلّ رئيس “التقدميّ” السابق دعمه لـ”حزب الله” في أوقات الحرب، وسيستغلّ موضوع سلاح “المُقاومة” في أيّ إنتخابات إنّ كان هذا الأمر يحفظ له المقاعد الدرزيّة الخاصة بـ”اللقاء الديمقراطيّ”، أو قد يدخل في تحالف مع “الثنائيّ الشيعيّ” إنّ دعت الحاجة السياسيّة إلى ذلك، كما حصل في العام 2005.

ولأنّ جنبلاط من أبرز المراقبين للوضع في المنطقة وسط التقارب العربيّ من إيران ودمشق، وتمدّد طهران في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين، وقيادتها “محور المُقاومة” الذي يرى أنّه سيخرج منتصراً من الحرب مع إسرائيل، فمن المتوقّع أنّ يبقى “التقدميّ” بإيعاز من رئيسه التاريخيّ السابق في موقع الوسط، وسيعتبر أنّ موضوع سلاح “المُقاومة” لا يُمكن مُعالجته في لبنان، وإنّما بحاجة لتسوية كبيرة بين إيران والولايات المتّحدة الأميركيّة إضافة إلى قيام دولة فلسطينيّة وإعادة الأراضي المُحتلّة إلى السيادة اللبنانيّة لإنهاء هذه الإشكاليّة.