اخبار محلية

“مؤامرة” وزارة التربية والمانحين.. لإفلاس المدارس الرسمية

“مؤامرة” وزارة التربية والمانحين.. لإفلاس المدارس الرسمية

يبدو أن وزارة التربية بصدد فرض رسم تسجيل على تلامذة التعليم الرسمي الأساسي، كي تتمكن المدارس من إطلاق العام الدراسي المقبل. قرار بات وشيكاً في ظل امتناع الدول المانحة عن دفع المستحقات، التي تعهدت بها لإطلاق العام الدراسي السابق ولم تنفذها إلى حد اليوم. فمنذ شهر نيسان المنصرم كان يفترض أن تفرج منظمة اليونيسف عن مستحقات صناديق المدارس، ولم تدفعها بعد.

فرض رسم تسجيل على التلامذة
يشكو مدراء المدارس من أن صناديق مدارسهم فارغة، ولم يتمكنوا من دفع حتى مستحقات الأساتذة المتعاقدين على حساب الصناديق (نحو 4 الاف متعاقد). وكان يفترض أن تحول وزارة التربية الدفعة الثانية من مستحقات صناديق المدارس منذ نحو ثلاثة أيام، لكن مثل كل منتصف شهر (منذ نيسان المنصرم) لا تحول المستحقات. ومع اقتراب بدء الأعمال الإدارية في نهاية الشهر الحالي في المدارس الرسمية، لإطلاق العام الدراسي، عادت قضية المستحقات إلى الواجهة. أما البديل للعام المقبل عن أموال الدول المانحة، فهو فرض رسم تسجيل بقيمة خمسين دولاراً عن كل تلميذ. وقد فاتح ممثلو الأساتذة وزير التربية عباس الحلبي بالموضوع وأعطى موافقة مبدئية، على أن يتم شرعنة هذا الرسم قانونياً.
ووفق المصادر، يؤدي فرض رسم على تلامذة التعليم الأساسي إلى ضرب مبدأ حقوق الطفل في التعليم الرسمي المجاني، في التعليم الأساسي. وبالتالي، فرض الرسوم يحتاج إلى تغطية قانونية. فإلى حد الساعة ما زالت الدولة  اللبنانية تدفع 120 ألف ليرة عن كل طالب لصناديق المدرسة، أي بما يوازي دولاراً وربع الدولار في السنة عن كل تلميذ. وتشرح مصادر مطلعة على الملف، أن منظمة اليونيسف، وفي ظل إفلاس الدولة، تعهدت بدفع 40 دولاراً عن كل طالب لبناني لصناديق المدارس. وتعهدت بدفع 80 دولاراً عن كل طالب سوري، هذا فيما كانت تسدد 600 دولار عن كل طالب سوري ونحو تسعين دولاراً عن كل طالب لبناني قبل اندلاع الأزمة الاقتصادية.

تلاعب في ميزانيات المدارس؟

وتضيف المصادر، أن اليونيسف لم تدفع من المستحقات إلا نحو ثلاثين بالمئة كدفعة أولى في مطلع العام الدراسي المنصرم، ما أدى إلى عجز المدارس عن دفع مستحقات الأساتذة المتعاقدين على حساب صندوق الأهل، وإلى عجز مالي لا يمكّنها من فتح أبواب المدارس بداية الشهر المقبل. علماً أنه منذ سنتين كان المبلغ المحدد من اليونيسف 18 دولاراً عن كل تلميذ لبناني، ولم تدفع اليونيسف منها إلا خمسين بالمئة أيضاً. ويعلق المدراء على هذا الأمر، بأن منظمة اليونيسف ووزارة التربية تساهمان في الإضرار بالعام الدراسي في التعليم الرسمي، الذي يشهد إقبالاً لطلاب جدد من التعليم الخاص، جراء غلاء الأقساط. فعندما تتعثر المدارس ويهدد الأساتذة بالإضراب، سيحجم أهالي الطلاب عن تسجيل أولادهم في القطاع الرسمي، خوفاً من تكرار الإضرابات وتوقف التعليم كما حصل منذ سنتين.
وتلفت المصادر إلى أن الذريعة بعدم الدفع هي وجود تلاعب في ميزانيات المدارس. هذا رغم أن شركة التدقيق الخاصة تحقق في كل مدارس  لبنان. ورغم أن المدارس التزمت منذ بداية العام الدراسي بوضع الميزانيات وقطع الحساب وكل الفواتير على النظام الالكتروني، ويتم مراجعتها من الوزارة واليونيسف. لكن الصيت الذائع هو أن لا شفافية في المدارس. وتلفت مصادر متابعة للملف، أنه تم ضبط أخطاء وتلاعب في نحو سبع مدارس في البقاع، فقط لا غير. لكن عوقبت نحو 340 مدرسة لم تحول لها المستحقات.

نفاد التمويل الدولي
وتكشف مصادر خاصة لـ”المدن”، أن اليونيسف كان لديها أربعون مليون دولار لإنفاقها على تعليم الطلاب السوريين واللبنانيين وصناديق المدارس فقط لا غير. وقد استنفد جزء كبير من المبلغ على الحوافز الدولارية للمعلمين، ما أثر على أموال صناديق المدارس. هذا فيما ينفق المانحون ملايين الدولارات على المشاريع التي تنفذ بالتعاون مع وزارة التربية، وعندما يأتي دور دعم التعليم الرسمي، تكون الحجة عدم توفر التمويل الدولي.
وتضيف المصادر، أن المانحين يشترطون على وزارة التربية تشحيل الهيئة التعليمية في القطاع الرسمي، كي تواصل تمويل التعليم بتلك المبالغ الزهيدة. والدولة اللبنانية غير قادرة على عدم الالتزام. وقد طرح الوزير الحلبي هذا الأمر مع ممثلي الأساتذة منذ نحو شهر، مشيراً إلى أنه بصدد تشحيل الهيئة التعليمية، على اعتبار أن التعاقد قام على منطق المحسوبيات والتنفيعات وليس لحاجة إليهم. وثمة قرار قد يصدر عن وزارة التربية، تلبية لرغبة الدولة المانحة، بوقف العقود التي يقل فيها عدد ساعات التعليم عن سبع ساعات بالأسبوع.
ووفق المصادر، ثمة ذرائع وحجج في قضية تضخم الهيئات التعلمية. فلدى الوزارة كل العقود لكل الأساتذة، وتستطيع أن تعاقب أي مدير يقدم على مثل هذه المحسوبيات. قد تكون بعض المدارس قد أقدمت على هذا الأمر، لكن لا يجوز التعميم كذريعة لعدم تمويل التعليم الرسمي.

وتشرح المصادر، أن المشكلة ليست في التعاقد بقدر ما هي في المحسوبيات وفي مناقلات الأساتذة كل عام. ففي هذا الملف تجرى وساطات لنقل الأساتذة من مدرسة إلى أخرى. فتتضخم الهيئة التعليمية في مدرسة وتلجأ المدرسة الأخرى إلى التعاقد. وبالتالي،الأجدى هو وقف هذه المحسوبيات لوقف التعاقد بداية. وبعدها تتم مراجعة ملف التعاقد الحالي لتشحيل الأعداد المتضخمة. لكن ما هو حاصل يُحدِث بلبلة في القطاع الرسمي بغية ضربه، خدمة للمدارس الخاصة، التي شكت من تراجع عدد طلابها للعام المقبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى