حالة من حرب استنزاف طويلة… هذا مصير البلد!
غيوم كثيرة تطغى على المشهد العام في لبنان بحيث لا يتبين تسلّل أي ضوء محتمل يحمل بشائر إنفراجات إن على الصعيد الأمني المتمثّل بالجبهة الجنوبية أو على صعيد الملفات الداخلية المتعلّقة بالشغور الرئاسي وما يستتبعه، إلا أن المفاوضات المتعلّقة بغزة قد تفتح إلى حد ما باب أمل ضئيل بتسوية تضبط إيقاع الحرب وتنسحب على المستوى الداخلي.
ويختصر الكاتب والمحلّل السياسي سركيس أبو زيد في حديث إلى “ليبانون ديبايت” الوضع الحالي بالسيئ حتى أنه يتوقع أن نذهب إلى الأسوأ.
ويعتقد سركيس أن التطورات التي تحصل الآن إن من جهة العدو الإسرائيلي أو من جهة إيران وحزب الله من الواضح هي نتيجة لعدم قيام الولايات المتحدة الأميركية بدورها الفعلي لا من حيث التقريب بين وجهات النظر أو الضغط بشكل كافٍ على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليلتزم بالقرارات التي سبق أن تم الإتفاق عليها والتي كان الرئيس الأميركي جو بايدن قد طرحها.
ومن هذا المنطلق يرى أن كل فريق يحاول أن يضغط بشكل يحسّن من خلاله الشروط الخاصة به، وبالتالي يقوم الجميع برفع السقف وفرض الشروط، لكن لا أحد منهم يريد الذهاب إلى حرب شاملة، لأن هذه الحرب ستؤدي إلى خسائر كبيرة على اسرائيل لا تتحملها كما ستؤدي إلى خسائر كبيرة على إيران وحزب الله لذلك يتشدّد الطرفان لكن من دون الوصول إلى هذا الوضع.
وينبّه إلى أن هذا الوضع يضعنا في حالة من حرب استنزاف طويلة الأمد تتخلّها هدنات متقطعة بانتظار أن يأتي الفرج أو ضغط أميركي حقيقي للحل لأنه مع تطور الأمور نقترب أيضاً إلى الإنتخابات الأميركية والتي سيجد الأميركي نفسه محشوراً، لا سيّما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يبتزّ الفريقين الجمهوري والديمقراطي في المنافسة على الرئاسة حيث يحتاج الطرفان إلى الأخير وبالتالي هما مستعدان لتقديم تنازلات أكثر له.
ويسأل: لكن الولايات المتحدة المقبلة على الإنتخابات هل ستسمح بتوسعة الحرب؟ لذلك يعتقد أبو زيد أنه لا بد أن تتدخل بقوة في لحظة معينة حتى تفرض تسوية معقولة على الفريقين.
ويتوقّع أن تقوم بشيئ ما قبل الإنتخابات لأنها في خطر كبير، ويبدو أن نتنياهو يشعر بذلك لذلك يدفع بالمفاوضات إلى مشارف الإنتخابات ليستطيع ابتزازهم أكثر.
ولكن السؤال اليوم هل يستمر الأميركي بالخضوع لهذا الإبتزاز أم سيبحث عن حل؟ لا سيّما أن الحروب لا يمكن ضبطها دائماً لا سيّما أن كثرة الشد قد تقطع كل حبال التسوية.
ويلفت إلى أمر بارز في المشهد الدولي أن الروسي والصيني اليوم لا يغيبان على المشهد حيث يترقبان ويتركان الأميركي يغرق في هذه الأوحال ولكنهما حتما سيتدخلان في الوقت المناسب ولا يتركان الأمور تتفلّت ويتركان الأميركي والإسرائيلي يسرحان ويمرحان كما يريدان في الشرق الأوسط، فنتيجة الحرب اليوم ستقرر مصير إدارة العالم هل ستتفرد الولايات المتحدة الاميركية بإدارة شؤون العالم بعد هذه الحرب أو ستكون كل من روسيا والصين شركاء وغيرهما بتشكيل إدارة متعددة الأقطاب لإدارة شؤون العالم، فكل هذه الأمور يقررها مصير المعركة في غزة.
ولا ينفي أنه في المفاوضات الحالية هناك نوع من شد الحبال بين الطرفين ولم يتوصلا إلى توافق إلا أن الولايات المتحدة ما زال يمارس سياسة كسب الوقت تاركاً المفاوضات على النار، فهو يعطي الوعود ويبث الآمال للجميع بأن المفاوضات ستنجح من أجل كسب المزيد من الوقت, لإيجاد حلول تأتي باللحظة المناسبة ويفرض رأيه على الجميع ويحشد قوى دولية تفرض على الجميع الإلتزام بوقف التصعيد وفرض تسوية أو حل معين.
أما على المستوى الداخلي فلا يخفي أبو زيد أن لبنان ذاهب باتجاه المزيد من الإنهيار والإرباك لأن لبنا غير قادر على اتخاذ أي قرار حتى يفرض عليه التسوية التي ستأتي ومن الأكيد أنه لن تكون هناك انتخابات رئاسية لا سيّما أن اللبنانيين منشغلين بتفاهات ولم يجربوا أن يتفقوا مع بعضهم لتفادي هذه الأمور وكل طرف يراهن على فريق معين ويفترض أنه في حال فاز هذا الفريق سينال حصة من ذلك، ويرى أن مصير الجمهورية والكيان ومستقبلها أصبح “بالدق” وكل ذلك مرهون بالتسوية التي سيتحصل، فإن تنعكس التسوية إيجاباً على لبنان ويستفيد أو ربما تأتي على حسابه وهو ما يشكّل خطراً كبيراً على البلد والجميع مسؤول إذا استمرينا نراقب بلدنا يزول.
ليبانون ديبايت