باليوم والساعة والدقيقة: هذا موعد الحرب!
باليوم والساعة والدقيقة: هذا موعد الحرب!
نحن، جيل الحرب، اعتدنا على المواعيد. “بآخر تشرين بتروق”، و”بأوّل آذار ممكن تولع”، وكم سقطت أوراقٌ من روزنامة أيّامنا ونحن في انتظار هدنة أو جولة جديدة من المعارك، غالباً بين أشقّاء باتوا أعداءً.
لا نعرف راحةً في لبنان. منذ قيل “انتهت الحرب”، قبل قرابة الربع قرن، ونحن نعيش أزماتٍ متتالية، تبعدنا عن الاستقرار ولا تدخلنا تماماً في الحرب. بلدٌ كأنّه، دائماً، فوق رمالٍ متحرّكة. لعنة الجغرافيا، ولعنات كثيرة أخرى، بعض السياسيّين أكبرها.
يعيش اللبنانيّون اليوم، ومنذ تحوّل بلدٌ بأكمله الى “جبهة إسناد”، في ترقّب المواعيد. في هذا اليوم سيردّ حزب الله. وفي غيره ستردّ إسرائيل على الردّ. وهذا موعد الحرب الكبرى، ولتوخّي الدقّة، هناك من يمنحك التوقيت باليوم والساعة وكأنّه بعد خارج من اجتماعٍ مع بنيامين نتنياهو. محلّلون، كما جماعة التنجيم. لا بل يصيب المنجّمون أكثر. ويغفل هؤلاء، وقد انضمّ اليهم سياسيّون، عمّا يزرعونه في قلوب سامعيهم من رعب، فتجد من يلغي زيارةً الى لبنان، ومن ينتقل الى منطقةٍ أخرى تحسّباً، ومن يموّن غذاءً في بيته، ومن يحجم عن شراءٍ أو عملٍ أو استثمار…
تتأثّر دورةٌ اقتصاديّة، بينما ينظر محلّلون الى حجم المشاهدات لفيديوهاتهم عن “الحرب الكبرى القريبة” وعن “الحرب التي ستدمّر لبنان”، وغيرهما من العناوين التي تتصدّر السوشال ميديا التي تحوّلت الى “جبهة غباء”، وما من إسنادٍ ينفع فيها.
في الأمس، ردّ حزب الله. تبيّن أنّ ضرر انتظار الردّ كان أقسى من الردّ نفسه. تأثّر العدوّ، بالتأكيد، ولكنّنا تأثّرنا أيضاً. اختُصر الموسم السياحي وتضرّرت الدورة الاقتصاديّة وفضّل مغتربون عدم زيارة لبنان، وكان مشهد المطار، بين قادمٍ متردّد ومغادرٍ يائس، أشبه ببرج بابل. المهمّ أنّ مئات راكبي الدراجات الناريّة احتفلوا أمس بالانتصار في مسيرات، من دون شدّة على الياء، انطلقت من الضاحية الجنوبيّة.
تشرق الشمس اليوم، بانتطار مواعيد جديدة يضربها المحلّلون وأفرادٌ في مجموعات “واتساب” العائلة، وتشمل الحرب والتسوية والرئاسة… وفي بعض المجموعات زوال إسرائيل!
داني حداد -موقع mtv