لهذه الأسباب طمأن “نصرالله” اللبنانيين!
حصل الرد والوعد الذي اعلن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله انه سيتم بعد اغتيال القائد الجهادي في الحزب فؤاد شكر، بعد انتظار دام نحو 25 يوما، وجاء توقيته على ساعة المقاومة التي درست بنك اهداف عسكري واستخباراتي، فحددت 12 موقعا ابرزها مقر وحدة الاستخبارات “الاسرائيلية” المعروفة بـ 8200 في منطقة غيليلوت، التي تبعد نحو 1500 متر عن “تل ابيب” التي حاولت التقليل من اهمية الرد وبانه لم يحقق اهدافه، لا بل ان القيادة العسكرية “الاسرائيلية” علمت به قبل وقت، ونفذت هجوما استباقيا على منصات صواريخ المقاومة، ودمرت 6 آلاف منها بمئة طلعة جوية قامت بها مئة طائرة حربية، لكن السيد نصرالله فند بالوقائع في اطلالته الاعلامية بعد حوالى 12 ساعة من العملية، مزاعم العدو الاسرائيلي واكاذيبه، وتبعه خبراء عسكريون وباحثون سفّهو السردية “الاسرائيلية”، وبدأت وسائل الاعلام الصهيونية تعرض ما تركته العملية من اضرار عسكرية واقتصادية ونفسية، والرعب الذي اصاب المستوطنين الذين يقيمون في الملاجىء.
فالرد اتى كما خططت له المقاومة، فابتعد عن المدنيين وتوجه نحو من يقف وراء عمليات الاغتيال، وهي وحدة المخابرات التي فقدت ثقة “الاسرائيليين” بها منذ عملية طوفان الاقصى، اذ جرى اتهامها ليس بالتقصير فقط، بل غيابها الكامل عن المعلومات لما كانت تحضر له حماس لمستوطنات في غلاف غزة وعلى مسافة نحو 20 كلم ، وقيام نحو اكثر من الف عنصر من حماس بالعملية الذين تدربوا عليها لاكثر من عام، والمخابرات في سبات عميق، حيث حاول رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو اعادة الثقة بوحدة المخابرات، وبانها علمت برد حزب الله فكانت العملية الاستباقية للجيش “الاسرائيلي” وسلاح الطيران فيه، لكن ذلك لم يمنع حزب الله من ارسال 34 مسيرة الى الكيان الغاصب ووصلت الى مسافة 175 كلم، وهو تطور نوعي في المعركة العسكرية مع العدو الصهيوني.
والسؤال ماذا بعد الرد على عملية اغتيال شكر وعن اليوم التالي؟ فكان الجواب في الميدان الذي استمرت قواعد الاشتباك على ما هي عليه منذ 8 تشرين الاول الماضي باسناد غزة، ولن يتوقف الا مع انهاء الحرب “الاسرائيلية” التدميرية عليها، والتي لم تنجح المفاوضات او الاتصالات في دفع “اسرائيل” الى القبول بوقف الحرب، التي لا يبدو انها ستتوقف في المدى المنظور، وستبقى جبهة الجنوب اللبناني – ساخنة، وهذا ما يؤكده مصدر في حزب الله الذي كشف عن ان الرد على اغتيال الشهيد شكر ليس مرتبطا بالمساندة واشغال العدو الاسرائيلي في شمال فلسطين المحتلة، فلم تتوقف الاعمال العسكرية لا بل ارتفعت وتيرتها، وكان آخرها استهداف القيادي في حركة حماس نضال حليحل (ابو عمر) قرب صيدا، وتم الرد على الاغتيال بقصف مقرات عسكرية “اسرائيلية” في الجليل الاعلى والجولان.
فقواعد الاشتباك ما زالت قائمة، وان السيد نصرالله اعطى اللبنانيين جرعة امل وتفاؤل بعد الرد بانه لن يتوسع، والذي خيضت حوله التحليلات ورسمت له “السيناريوهات” وجرى توقيت موعد الحرب، مما اوقع المواطنين في حالة من الارباك بان الرد سيؤدي الى حرب واسعة، التي لا يريدها حزب الله الا اذا فرضها العدو الاسرائيلي، الذي ما زال بعض قادته يهددون بتوسيع الحرب وشن عملية واسعة تصل الى حدود نهر الليطاني واقامة “حزام امني”، لكن لم يحصل اجماع “اسرائيلي” حولها، لان كلفتها ستكون عالية على الكيان الصهيوني كما على لبنان ايضا، فكان رد حزب الله مدروسا وعملا بما وعد به السيد نصرالله، بان يكون شجاعا وحكيما وقاسيا، اذ يقول المصدر في الحزب عن اهم ما في الرد بانه عسكري بامتياز، وهذا ما تعمل به المقاومة في اسنادها لغزة، التي لم يتمكن العدو من تحقيق اهدافه فيها.
من هنا، فان تطمين السيد نصرالله للبنانيين مستند الى تحييد المدنيين “الاسرائيليين” حماية للمدنيين في لبنان، بالرغم من خروج العدو الاسرائيلي عن قواعد الاشتباك، وتوسيع اعتداءاته واصابة المدنيين، ومنهم من استشهدوا اثناء الغارة التي استهدفت المبنى السكني الذي كان يقيم فيه الشهيد شكر، ومع ذلك فلم تستهدف المقاومة في ردها المدنيين، يقول المصدر، وهذا هو التطمين للبنانيين بان حزب الله منذ فتح جبهة الجنوب فانما استهدف موقعا عسكريا “اسرائيليا” في مزارع شبعا المحتلة، وركز على ابراج المراقبة وعلى ثكنات عسكرية، وهذا ما هو مستمر به الحزب، الذي اعلن عن المرحلة الاولى من الرد وهو يقوم باستعراض ردود الفعل “الاسرائيلية”، وتكوين معلومات عما احرزه الرد ، وهذا سيؤدي الى وضع خطة للمرحلة المقبلة التي سيتم التعاطي معها وفق ما ينتجه الميدان، الذي يبقى القرار رهن تطوراته، وهذا ما اكد عليه السيد نصرالله في استعراضه للرد، الذي له تتمة اذا غامر العدو بأي عمل عسكري يخرج عن قواعد الاشتباك، التي ستبقى قائمة طالما لم تتوقف الحرب على غزة.
فالحرب قائمة منذ نحو 11 شهرا سواء على غزة او ساحات المساندة لها، وتتوسع اذا قررت اميركا ان تتحول اقليمية، لكن ما يصدر عن الادارة الاميركية لا يؤشر الى انها ستحصل في زمن الانتخابات الرئاسية الاميركية.
كمال ذبيان- الديار