مهمة مستحيلة للمستشفيات… ومهلة شهر

مهمة مستحيلة للمستشفيات… ومهلة شهر

 

تسلّم نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون أمس كتاباً من “نقابة مستوردي الأجهزة والمستلزمات الطبيّة” دعت فيه المستشفيات إلى “إيجاد الآلية المناسِبة لتسديد التزاماتها للشركات في مهلة لا تتخطى الشهر، خصوصاً أن الشركات قد استنفدت جميع قدراتها المالية وليس لديها أي منفذ للتجاوب مع طلب المستشفيات لمُهَل إضافية…”.

كتاب “نقابة مستوردي الأجهزة والمستلزمات الطبيّة” جاء يَنكأ جِراح المستشفيات التي أرهقتها مماطلة الجهات الضامنة في تسديد المستحقات المتوجّبة عليها، وأثقلتها ظروف الحرب وهموم الكهرباء والفيول لزوم مولدات الكهرباء، وأتعبَها نقص الطاقم الطبّي لأسباب باتت معروفة…

كل هذه التحديات مجتمعةً، تواجهها المستشفيات في المرحلة الراهنة من “اللحم الحيّ”، كما كل القطاعات الاقتصادية في لبنان، متوسّلة من الجهات الضامنة الرسمية والخاصة مستحقات في ذمّتها “لا تُفقِر” هذه الجهات و”لا تُغني” المستشفيات إنما تساعد الأخيرة في تأمين ديمومة معالجة المرضى ترجمةً لدورها الإنساني الطالع، وتساهم من جهةٍ أخرى في صمود القطاع الاستشفائي خصوصاً في ظل التهديدات المتصاعدة بحرب شاملة على لبنان…

“نقابة مستوردي الأجهزة والمستلزمات الطبيّة” مُحقّة في طلبها إذ إنها تعاني بدورها من ثقل الأزمة المالية والاقتصادية وشروط الشركات المصنِّعة، إنما نصيبها أفَلَ على سوء لكون المستشفيات عاجزة عن إسنادها في حرب الشَحّ الدولاري والشلل الاقتصادي… حتى أن النقابتَين تسبحان في المغطس ذاته ولا من مُنقِذ، أقله حتى اللحظة، يقيهِما شرّ الغَرَق!

هارون: سبق وحذّرنا…

…”إنها المشكلة التي نبّهنا منها مراراً وتكراراً” يقول النقيب هارون لـ”المركزية” في معرض تعليقه على شرط “تسديد التزامات المستشفيات للشركات في مهلة لا تتخطى الشهر”. ويوضح أن “مستوردي المستلزمات الطبية يشترطون علينا “مهلة الشهر” في حين أن الجهات الضامنة وشركات التأمين الخاصة تتأخّر أشهراً لتسديد المستحقات المتوجّبة عليها للمستشفيات. من هنا إنها مهمّة مستحيلة تعجز المستشفيات عن القيام بها… وهذا الشرط سيتسبّب لها بأزمة كبيرة هي في غنى عنها في هذه الظروف التي يعرفها الجميع!

ويكشف في هذا السياق أن “كثيرين من مستوردي المستلزمات الطبيّة لا يقبلون سوى بالدفع نقداً قبل تسليم البضاعة للمستشفيات.. إذ إن القلة النادرة منهم التي تُمهِل المستشفيات مدة شهر لدفع ثمن البضاعة المستورَدة!”.

في انتظار تلقف الجهات الضامنة وشركات التأمين هذه المؤشرات الخطيرة على القطاع الإستشفائي، تنشر “المركزية” نَصّ كتاب نقابة مستوردي الأجهزة والمستلزمات الطبيّة:
“حضرة الأستاذ سليمان هارون المحترم،
الموضوع: تسهيلات الدفع الفواتير الصادرة من الشركات المستوردة للمستلزمات الطبية.
تحيّة طيّبة وبعد،
في البداية، نودّ أن نعرب عن تقديرنا العميق لجهودكم المستمرة في تقديم الرعاية الصحيّة في ظل الظروف الصعبة التي نمرّ بها جميعًا في هذا البلد. إننا ندرك تماماً التحديات التي يفرضها الوضع الحالي علينا جميعاً، ونتفهّم الضغوط التي تواجهونها في ظل هذه الأوقات العصيبة.

ومع ذلك،
وردتنا مؤخراً من معظم الشركات المستوردة للمستلزمات الطبية والمنتسبة لنقابتنا، أن بعض المستشفيات تطالب بتسهيلات علماً أن جميع الشركات كانت وما تزال تمرّ بعجز مالي مؤلم لأسباب عديدة نُعيد التذكير بها على سبيل المثال لا الحصر:
– الأموال المودَعة في المصارف والعالقة منذ فترة ناهزت الأربع سنوات.
– توقف جميع التسهيلات المصرفية.
– توقف جميع الموردين على منح تسهيلات بالدفع.
– الخسائر التي تكبّدتها الشركات جراء رفض المصرف المركزي للعديد من الفواتير، إضافة الى عدم إنضاح مصير الفواتير العالقة في “المركزي” حتى تاريخه.

لذلك، 
– فإن الشركات لا تستطيع تحمّل أعباء مالية إضافية وعدم حصولها على أموالها من المستشفيات سوف يعيق عملها وتداعياته سوف تكون على المريض بسبب فقدان المستلزمات الطبية المطلوبة.

– إننا لسنا الجهة التي يجب على المستشفيات الطلب منها أي تسهيلات بل بالأحرى يجب عليهم التوجّه إلى الجهات الضامنة والطلب منها الإسراع في الدفع وذلك لأن أسعار المستلزمات الطبية مدروسة ومحدّدة من قبل وزارة الصحة والأسعار بحسب الجدول لا تتضمّن التكلفة المالية لأي تسهيلات إضافية.

– نرجو إعلام المستشفيات بأن تجد الآلية المناسبة لتسديد التزاماتها للشركات في مهلة لا تتخطى الشهر سيما وأن الشركات قد استنفذت جميع قدراتها المالية وليس لديها أي منفذ للتجاوب مع طلب المستشفيات لمُهَل إضافية.

نحن جميعًا نعيش في بلد يمرّ بظروف استثنائية بسبب الحرب، وهذا يجعل من الضروري أن نتكاتف جميعًا لضمان استمرارية الخدمات الأساسية، بما في ذلك توفير المستلزمات والمعدات الطبية.

إن التزام المستشفيات بشروط الدفع المتفَق عليها والتي لا تتخطّى مهلة الشهر، يلعب دوراً حاسماً في دعم هذا الهدف.

نحن نقدّر تفهّمكم وتعاونكم في هذه الأوقات الصعبة، ونتطلع إلى استمرار الشراكة المثمرة بيننا.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام”.

كتبت ميريام بلعة في “المركزية”: