مسيّرة اسرائيلية “تحتجز” مدنياً لبنانياً… “تركته يعاني من ألم حاد في عينيه ووجهه “
قد تكون الحادثة الأولى من نوعها التي تعترض فيها مسيرة إسرائيلية مواطناً لبنانياً كان عائداً عند الفجر، حين فتحت عليه أضواء، مما أثار خوفه، واضطره لإخلاء السيارة.. لكن الحادثة، تحتاج إلى مزيد من التمحيص لتفكيك الالتباسات التي تحيط بالحادثة، والتعرّف على التقنيات المتقدمة التي تستخدمها إسرائيل في حربها الأخيرة على لبنان.
بلدة الخلوات في حاصبيا
وانشغل الرأي العام اللبناني يوم الجمعة الماضي بخبرين نشرهما كل من قناة “الجديد”، وموقع “جريدة الأنباء” الالكترونية الناطقة باسم “الحزب التقدمي الاشتراكي”.
يقول الخبر في “الأنباء” إن المواطن طلال عامر، من بلدة الخلوات الحدودية في قضاء حاصبيا، تعرض لحادث خطير، حين اعترضته مسيّرة إسرائيلية حوالى الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل، محتجزة إياه داخل سيارته على طريق فرعية لمدة دقائق، وعرضته لأشعة خضراء قوية في عملية مسح له ولسيارته.
وأضاف عامر أن المسيّرة حاصرته لفترة من الوقت، قبل أن تغادر تاركة إياه مذهولاً ويعاني من ألم حاد في عينيه ووجهه نتيجة تعرضه للأشعة، واستمر الألم لمدة ربع ساعة تقريباً.
وبدا لعامر أنه لم يكن الشخص المستهدف، ونجا بأعجوبة، لكنه أشار إلى أن ما جرى معه أمر خطير جداً وقد يتعرض له أي مواطن في أي لحظة، ليس فقط في المناطق الحدودية، وإنما في مختلف المناطق اللبنانية المستباحة من قِبل إسرائيل.
أضواء و”ليزر”
ولم تُعرف طبيعة الضوء الاخضر الذي تم تسليطه عليه، ذلك أن أشعة الليزر التي تحملها المسيرات لتحديد أهداف عسكرية، عادة ما لا تكون غير مرئية. أما الأضواء الكاشفة، فتحملها مسيرات من اصناف أخرى لم يُوثق استخدامها في المعركة الاخيرة.
ويقول الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية مصطفى أسعد لـ”المدن”، أنّ هذا النوع من الليزر المرئي “غير متوفر أو ممكن في تقنيّات المسيّرات العادية التي تطير بشكل دائري والمستخدمة بجنوب لبنان، وحتّى أن ّ هذه التكنولوجيا غير موجودة”.
ويشرح: “المسيرّات يمكنها أن ترمي ليزر للتصويب، ولكن هذا الليزر لا يمكن للإنسان أن يراه في عينه المُجرّدة، وبالتالي ما ذكره المواطن اللبناني غير ممكن أن يكون ليزر، وقد يكون هناك شبهة في توصيف ما حدث معه، أو أن الامر اختلط عليه”.
“كواد كوبتر”
أما الطائرات التي تجري المسح، فهي المسيرات المعروفة باسم “كواد كوبتر” Quadcopter التي تستخدمها الشرطة، وهي لم يُوثق استخدام اسرائيل لها في جنوب لبنان، حسبما يقول أسعد، علماً أن هذا النوع من المسيّرات مجهزّ بـ”سبيكر” يتيح للشرطة توجيه تحذيرات لمثيري الشغب، ويجري مسحاً للوجوه في الاعتصامات.
مسح الوجوه
ومن المعروف أن تقنية مسح الوجوه، لا تحتاج الى أشعة ليزر، بل تحتاج الى كاميرا عالية الدقة، تجري مسحاً للوجوه وتنقلها الى غرفة العمليات، حيث يمكن تحليلها بأنظمة الذكاء الاصطناعي الموجودة آلياً، وتتم العملية خلال ثوان معدودة. وبدأت تلك التقنية في العام 2004 حين بدأت اسرائيل بتشييد الجدار العازل في الضفة الغربية، وطورتها لاحقاً بإضافة رشاش آلي ظهر في العام 2021 في اقتحامات حي الشيخ جراح في القدس، وبامكانه اطلاق النار على الاشخاص الذين يتم التعرف إلى وجوههم آلياً عبر تلك الكاميرات.
لذلك، يقول خبراء آخرون أن هناك عدة احتمالات لما تم استخدامه في اعتراض المواطن في حاصبيا، من بينها أن هناك ضوءاً تحذيرياً يمكن أن تكون قد اطلقته لاجبار المواطن على التوقف بما يمكن الكاميرا من التقاط صورة له واجراء مسح له.
وتأتي هذه الحادثة في سياق الحديث عن التقنيات التكنولوجية المتقدمة التي تستخدمها إسرائيل في عملياتها العسكرية ضد غزة وجنوب لبنان. وقد أثار اللبنانيون الأسبوع الماضي مخاوف بشأن اختراقات إسرائيلية محتملة لهواتفهم وتطبيقاتهم مثل “واتساب” وغيرها.
المدن -غالب ملي