أصبحت القوانين والتشريعات في مجلس النواب غبّ الطلب حتى لا نصفُها بالسطحية، حيث يُسارع بعض نواب الأمة إلى تقديم إقتراحات قوانين بدون أي دراسة لإيهام الرأي العام اللبناني بأنهم يقومون بواجبهم التشريعي بينما لا يقدم القانون المقترح أية حلول عملية أو منطقية.
وهذا ما ينطبق على إقتراح القانون الذي تقدّم به تكتّل “الجمهوريّة القويّة”، بصفة المعجّل المكرّر والذي يجيز الترخيص لإنتاج وتوزيع الطاقة الكهربائيّة من مصادرها المتعدّدة.
ويسمح إقتراح القانون بإعطاء تراخيص من قبل مجلس الوزراء بما يفوق الـ 10 ميغاوات وللمجالس البلدية واتحاد البلديات بإعطاء أذونات فيما بين 1.5 و10 ميغاوات إلى شركات خاصّة والتي تقوم بدورها بتوزيع وجباية ما تنتج من كهرباء، وتقوم مؤسّسة كهرباء لبنان بتحضّير عقود ودفاتر شروط نموذجيّة، إضافة إلى تحديدها النطاق الجغرافيّ, على أن يتمّ إرسال هذه الدفاتر والعقود إلى هيئة الشراء العام التي تشكّل سلطة الرقابة وتعدّ مع ملاحظاتها الملزمة خلال مهلة شهرين دفاتر الشروط إلى مؤسسة كهرباء لبنان.
في هذا الإطار، تعتبر الخبيرة في شؤون الطاقة المحامية كرستينا أبي حيدر في حديث إلى “ليبانون ديبايت”, أنّ “ما يحصل اليوم ليس حلاً لمشكلة الكهرباء، بل هذا الإقتراح يعتبر هروباً من إيجاد حلول من شأنها خلق منافسة شفافة، وحقيقية وضبط تعرفات الكهرباء غير التنافسية وتأمين شفافية السوق والأخطر من كل ذلك أن هذا القانون يشرّع المولدات المتواجدة ويكرس احتكارها”.
وتؤكد أنّ “الحل الوحيد لمشكلة الطاقة في لبنان هو فتح السوق في مجالي توليد الطاقة وتوزيعها عبر خلق نوع من التنافس الشفاف مع تأمين مراقبة من قبل هيئة عامة مستقلة وهي الهيئة الناظمة التي يجب انشاؤها كما هو منصوص عنها في قانون تنظيم الطاقة والذي يعود للعام 2002 وتضيف هذه الهيئة يمكنها إبعاد السياسة عن العمل الإداري اليومي كما تشجع الشركات العالمية المحترمة للدخول إلى هذا القطاع، بينما مع الأسف فإن مشروع القانون يعطي مجلس الوزراء صلاحية واسعة في اعطاء التراخيص وكلنا يدرك أن السياسة هي التي تتحكم بقرارات مجلس الوزراء”.
وتضيف أنّ “السماح للبلديات بإعطاء الأذونات وفي هذه الظروف مضحك ويخالف القوانين المرعية الإجراء، خصوصاً في ظل الإنهيار المالي والفني والتقني للبلديات إضافة إلى الانقسامات التي تتحكم بالمجالس البلدية”.
وتشير إلى أنّ “القانون لم يعطِ إجابات على أسئلة كثيرة ربما بسبب التسرع بكتابته مثلًا ما هي المعايير البيئية لمعامل الانتاج ومن يراقب أصحاب التراخيص والاذونات في حال إرتكاب مخالفات وما هي العواقب القانونية والإدارية لهذه المخالفات، إضافة لذلك كيفية التنسيق فيما بين إنتاج الكهرباء من قبل مؤسسة كهرباء لبنان وأصحاب التراخيص، من المعروف أن حسن سير خدمات الإنتاج والتوزيع حتى إيصال التيار الكهربائي إلى المستهلك هي من الشروط الأساسية لخصخصة أي قطاع وهذا ما لم يتطرّق إليه القانون، في كل الأحوال فإن المواطن سيدفع فاتورتين للكهرباء فأين الإنجاز في هذا القانون؟”.
ومن هذا المنطلق، تطالب أبي حيدر “بتطبيق القانون 462، والذي من شأنه تعيين أعضاء الهيئة الناظمة وكسر احتكار مؤسسة كهرباء لبنان عبر إشراك القطاع الخاص بالإنتاج والتوزيع ومن ثم يترك النقل مع شركة عامة وإبعاد هذا القطاع عن التجاذبات السياسية”.
وتنتقد ما قاله عضو التكتل النائب غسان حاصباني حول “أهمية خطط الكهرباء، لا سيّما أن الخطط التي بدأت منذ العام 2010 ولغاية اليوم هي خطط لم تقدم أية حلول لا بل أوصلتنا إلى العتمة الشاملة”، وختمت بالقول:”إقتراح الجمهورية القوية هو هروب إلى الأمام من الحلول المستدامة”.