“انزال وسقوط إسرائيلي”.. هذا سيناريو “غزو لبنان”

“انزال وسقوط إسرائيلي”.. هذا سيناريو “غزو لبنان”

مرة جديدة، عادت إسرائيل لتهدد بتنفيذ هجومٍ برّي ضد لبنان بهدف إقامة منطقة عازلة أمنياً داخل الجنوب، وذلك في سبيل إبعاد “حزب الله”.

الإيعاز هذا جاء عبر توصية أطلقها أوري غوردين، قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيليّ الذي اعتبر أن الأخير تمكّن من تصفية عدد كبير من عناصر “قوة الرضوان” عند الحدود اللبنانية، في حين أن نزوح السكان من هناك سيُمكن الجيش الإسرائيلي من تنفيذ مناورة بريّة، على حد قول غوردين.


قراءة هذا الكلام من الناحية الميدانية تشيرُ إلى أن إسرائيل “تتذرع” بالنزوح في لبنان للدخول إلى الجنوب، بينما تعتبرُ أن خلو تلك المناطق من سكانها سيمهد لها الطريق نحو “إحتلال جديد” على غرار الواقع الذي كان قائماً قبل العام 2000 إبان تحرير الجنوب من العدو الإسرائيليّ.

فعلياً، تصفُ مصادر معنية بالشأن العسكري تهديد إسرائيل بـ”الفقاعة الإعلامية” لا أكثر، معتبرة أن أي عملية برية باتجاه لبنان ستصطدم بصدّ كبير لـ”حزب الله” وبمفاجآت لن تكون محسوبة، وتضيف: “على ماذا يُراهن الإسرائيليون؟ صحيحٌ أن مناطق جنوب

لبنان الحدودية باتت فارغة من سكانها، ولكن ما الذي يضمن لإسرائيل ألا تكون تلك الحدود والمناطق الفارغة مأهولة بمقاتلين لحزب الله فوق وتحت الأرض؟”. أمام كل ذلك، جاء الرّد من رئيس مجلس النواب نبيه بري يوم أمس حينما قال رداً على سؤال حول تعليقه عن نية إسرائيل غزو الجنوب قائلاً “فشروا”.

مصدرٌ سياسيّ مقرّب من “حزب الله” يصفُ كلام جوردين بـ”الساذج جداً”، مشيراً إلى أنّ التوصية بشن هجوم بري ستعني حصول أمرين: الأول وهو أن “حزب الله” سيأخذ مبادرة التصدّي لأي حملة عسكرية على الأرض، وبالتالي ستكون هناك “انتكاسة” جديدة لإسرائيل من خلال تدمير مدرعاتها ودباباتها في إطار تنفيذ الحزب لوعوده في هذا الإطار.

الأمر الثاني، بحسب المصدر، هو أنّ “حزب الله” قد يأخذ زمام المبادرة باتجاه تنفيذ “هجوم مضاد” عبر البر، ما سيمثل “مقتلاً” كبيراً لإسرائيل من الناحية الأمنية إن تمكن عبر “قوة الرضوان” من الدخول نحو مناطق في الجليل واحتلالها بسهولة رداً على أي هجوم إسرائيليّ.

إنزال جوي وعملية خاطفة؟

السؤال الأكثر طرحاً هنا يتعلق بـ”مدى وحجم العملية البرية التي تريد إسرائيل تنفيذها”، كما تقول المصادر، في حين أن النقطة الأساسية التي تثير التساؤلات هي التالية: من أين ستبدأ إسرائيل هجومها إن اتخذت قرار تنفيذه فعلياً؟
يستذكر المصدر المقرب من “حزب الله” مشهدية عام حرب تمّوز عام 2006 حينما حاولت دبابات إسرائيلية التوغل داخل سهل مرجعيون من ناحية بلدة الخيام. حينها، مُنيت تلك المدرعات بدمارٍ هائل في مشهدٍ لا يمكن نسيانه بتاتاً، علماً أن الأمر ذاته حصل في وادي الحجير ومناطق أخرى ضمن الجنوب.

بالنسبة للمصدر، فإن إسرائيل، إن أرادت الدفع بقوات نحو لبنان، فإن ذلك سيعني تناقص أعداد جنودها في غزة من جهة ونقل قوات إضافية من الضفة الغربية إلى جبهة الشمال من جهة أخرى، ما سيؤدي إلى “اهتزاز” جديد على صعيد الجيش الإسرائيليّ.

في المقابل، يرى الخبير العسكريّ ناجي ملاعب في حديثٍ عبر “لبنان24” أنّ إسرائيل تعتمد سياسة “الهروب إلى الأمام” عبر وضع أهداف عالية وكبيرة لا يمكن تحقيقها أبداً، وقال: “هذا الأمر رأيناهُ في غزة، إذ منذ بدء الحرب أعلنت تل أبيب عن هدفها لتحقيق النصر الكامل على حركة حماس، لكنها لم تتحقق من ذلك. أما على صعيد جبهة لبنان، فقد أقرّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه يجب إصلاح التوازن هناك ما يعني اعترافاً بأن الأمور ليست لصالح إسرائيل خلال المعركة ضد حزب الله”.

وشدّد ملاعب على أن العدو الإسرائيلي يعيشُ حالة ارتباكٍ شديد، مشيراً إلى أن أيّ عملية برية ضد لبنان ستكون مترافقة مع ارساء سياسة “الأرض المحروقة”، لكنه أضاف: “عملياً، فإن هذه السياسة والخطوة فاشلة والدليل على ذلك هو أن حزب الله أطلق مؤخراً عشرات الصواريخ من نقاطٍ ميدانية متقدمة في جنوب لبنان وسط سيطرة جوية إسرائيليّة”.

وأكمل: “إذا عُدنا أيضاً إلى العام 2006 واستذكرنا مجزرة دبابات الميركافا، عندها سنتأكد تماماً أن الدخول البري سيكون صعباً للغاية. هنا، من الممكن أن يكون هناك إنزال جوي على تخوم مناطق لبنانية لاحتلالها بالتوازي مع حزام ناري للمنطقة يفرض تأمين عبور الدبابات إلى الداخل. هنا، فإن سيناريو الإنزال قد يُكرر ما حصل في منطقة مصياف بسوريا قبل أيام، حينما تحدثت

إسرائيل عن تنفيذ عملية إنزال لقوات الكوموندوس باتجاه مصنع لصواريخ تابع لحزب الله”.

وأردف: “السؤال الأساسي هنا: في حال تحقق الانزال.. فهل ستصمدُ القوات الإسرائيلية داخل لبنان؟ وهل ستبقى مكانها؟ هناك عُنصر مهم جداً خلال الحرب ويرتبط بأنفاق حزب الله التي سيكون لها دور كبير. أيضاً، فإن إسرائيل تعاني من جيشٍ مُترهل ومن الصعب جداً أن يستمر باحتلال أي منطقة حتى وإن قام بعملية خاطفة لن تصمد طويلاً”.

لبنان 24