بعد استهداف آلاف الـ”بيجر”… “سلاسل التوريد” في مرمى الاتهامات!
بعد الهجوم الإلكتروني الذي طال آلاف أجهزة “البيجر” التي يستخدمها عناصر في حزب الثلاثاء، أصبحت “سلاسل التوريد” في مرمى الاتهامات، فيما يستحيل تأمين توريد المنتجات الإلكترونية المختلفة.
الهجوم الذي وقع في لبنان، أثار قلق الحكومات بما في ذلك الولايات المتحدة حيث أصبحت سلاسل التوريد العالمية “أكثر تعقيدا” للأجهزة الإلكترونية، بحسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست.
وقد يضيف ما حصل زخما للجهود الأميركية التي تبذلها واشنطن “لتوطين إنتاج المزيد من التقنيات الاستراتيجية في الداخل، أو من خلال حلفاء موثوقين”، وفق تعبير الصحيفة.
ونقلت الصحيفة عن مدير السياسات السابق في لجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس الشيوخ الأميركي، مارك مونتغمري قوله إن “هذا يكشف نوعا من المخاطر التي كنا نواجهها”، حيث يتم تصنيع الأجهزة والبرمجيات “في بلدان مثيرة للقلق”.
ولم تتضح بعد الكيفية التي تم بها تنفيذ الهجوم على أجهزة البيجر أو بمساعدة من، وذلك على الرغم من وجود خيوط محتملة حتى الآن في تايوان والمجر وبلغاريا.
ولم تتضح بعد كيفية أو توقيت زرع متفجرات في أجهزة الاتصال ليتسنى تفجيرها عن بعد. ويظل السؤال ذاته مطروحا بشأن مئات أجهزة الاتصال المحمولة التي يستخدمها حزب الله والتي انفجرت، الأربعاء، في موجة ثانية من الهجمات.
وتشير إحدى النظريات إلى أن أجهزة البيجر تم اعتراضها وزرع متفجرات بها بعد خروجها من المصانع. وهناك نظرية أخرى تقول إن إسرائيل هي التي خططت لسلسلة التوريد القاتلة بأكملها.
ولم تؤكد إسرائيل أو تنفي ضلروعها في الهجمات.
قام محققون تايوانيون بتفتيش أربعة مواقع، الخميس، في إطار تحقيق محلي في مصدر أجهزة الاتصال “بيجر” التي كانت في حوزة عناصر من حزب .
وأعلنت شركة غولد أبولو التايوانية، الأربعاء، أن أجهزة البيجرز التي انفجرت من صنع شريكها المجري، لكنّ بودابست أعلنت أنّ شركة “بي إيه سي” (B.A.C Consulting) التي قُدّمت على أنها تنتج أجهزة الاتصال المستخدمة من حزب الله، هي “وسيط تجاري بدون موقع إنتاج أو عمليات في المجر”، بحسب وكالة فرانس برس.
وأوردت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، الخميس، أن الشركة في بوداسبت “كانت في حقيقة الأمر جزءا من واجهة إسرائيلية”، وذلك استنادا إلى ثلاثة مسؤولين في الاستخبارات اطلعوا على العملية. وأوضح المسؤولون أنه تم تأسيس شركتين وهميتين أخريين “لإخفاء الهويات الحقيقية للأشخاص الذين يصنعون أجهزة البيجر: ضباط استخبارات إسرائيليون”.
وقال مدير “أبولو غولد”، هسو تشينغ كوانغ، للصحفيين في تايبيه، الأربعاء: “ليست منتجاتنا… من البداية إلى النهاية”.
وأعلنت النيابة العامة التايوانية فتح تحقيق في مصدر هذه الشحنة.
وقال مكتب المدعي العام في تايبيه، الخميس: “طلبنا من إدارة الأمن القومي التابعة لمكتب التحقيق الاستماع إلى شاهدين وتفتيش أربعة مواقع” دون كشف المواقع التي تم تفتيشها والأشخاص الذين تم استجوابهم.
وأضاف “تعاونوا من خلال تقديم الوثائق والمعلومات ذات الصلة”.
وأصبحت بلغاريا والنرويج، الخميس، بؤرتي تركيز جديدتين في عملية تعقب عالمية لتحديد الجهة التي زودت حزب الله بالآلاف من أجهزة البيجر.
وقالت السلطات البلغارية، الخميس، إن وزارة الداخلية وأجهزة الأمن فتحت تحقيقا في احتمال صلة إحدى الشركات بالمسألة. ولم تكشف السلطات عن اسم الشركة التي تحقق معها.
وذكرت تقارير إعلامية محلية أن شركة نورتا غلوبال المحدودة، ومقرها صوفيا، سهلت بيع أجهزة البيجر لحزب الله.
وذكرت قناة “بي.تي.في” البلغارية نقلا عن مصادر أمنية، الخميس، أن 1.6 مليون يورو مرتبطة بعملية الشراء مرت عبر بلغاريا قبل تحويلها إلى المجر.
وامتنع مؤسس الشركة عن التعليق لرويترز.
وذكر موقع تيليكس الإخباري المجري نقلا عن مصادر أن شركة نورتا غلوبال المحدودة نسقت عملية البيع.
ولدى شركة نورتا مقر مسجل في بلغاريا بمبنى سكني في العاصمة، صوفيا، يضم ما يقرب من 200 شركة أخرى، وذلك وفقا لمكتب تسجيل شركات محلي. ولم تكن هناك أي علامة على وجود الشركة.
وكان المحامي فلاديمير كوزمانوف، الذي قال إنه يمثل الشركة، متواجدا في المقر لكنه أحجم عن الرد على الأسئلة عندما اتصلت به رويترز، الخميس.
وحذف محتوى موقع نورتا غلوبال على الإنترنت، الخميس.
واحتوى الموقع في وقت سابق على إصدارات باللغات الإنكليزية والبلغارية والنرويجية، وكان يعلن عن خدمات تشمل الاستشارات والتكنولوجيا والتوظيف والتعهيد.
وجاء في الموقع الإلكتروني، وفقا لنسخ منه قبل التعديل اطلعت عليها رويترز “هل تبحث عن شركة مرنة لمساعدتك على النجاح أو العثور على الحل التكنولوجي المناسب لك؟ لا تبحث أكثر”.
ويقيم رينسون خوسيه، مؤسس نورتا، في النرويج. وأحجم عن التعليق على واقعة أجهزة البيجر بعد التواصل معه هاتفيا وأنهى المكالمة عندما سئل عن أنشطة الشركة في بلغاريا.
وقالت شرطة أوسلو إنها بدأت “تحقيقات أولية بخصوص المعلومات التي استجدت”.
وذكر جهاز المخابرات الداخلية النرويجي إنه على علم بالوضع وأحجم عن التعليق أكثر من ذلك.
وقال أمون جوف، الرئيس التنفيذي لشركة دي.إن ميديا حيث يعمل خوسيه حاليا، لرويترز إنه على علم بالتقارير وأبلغ الشرطة وأجهزة الأمن. وقال إن خوسيه مسافر إلى الولايات المتحدة.
ولا يوجد دليل على وجود صلة بين دي.إن ميديا ونورتا.
الغموض الذي يلف الموقع الذي شهد تجميع أجهزة الاتصال التي انفجرت الثلاثاء في مناطق لبنانية مختلفة، يزداد تعقيدا بسلاسل التوريد التي يصعب تتبعها في بعض الأحيان.
ووفق واشنطن بوست، يمر جزء كبير من سلسلة توريد الإلكترونيات في العالم عبر تايوان، أو عبر دول أخرى في شرق آسيا، فيما يتشارك العديد من موردي المكونات والمقاولين وحتى مقاولين من الباطن في سلاسل التصنيع والتوريد.
دانييل كاسترو، نائب رئيس مؤسسة “ذا تيك بوليسي ثينك تانك”، قال للصحيفة: “عندما تكون لديك هذه الأسواق العالمية، يكون من الصعب أحيانا معرفة مصدر شيء ما بالتحديد”.
وبعد عقود من العولمة الاقتصادية واقتصاد السوق الحر، بدأ المسؤولون في واشنطن يحذرون من الاعتماد على المصنعين الأجانب في كل شيء، أكان في البطاريات أو حتى الأجهزة الميكانيكية الثقيلة، متخوفين من أخطار أمنية، وهو ما دفع إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى دعم إعادة توطين إنتاج الرقائق وأشباه الموصلات في داخل الولايات المتحدة، وأطلقت حكومات أوروبية حملات مماثلة.
أظهرت تحقيقات أولية أجرتها السلطات اللبنانية أن أجهزة الاتصال التي انفجرت هذا الأسبوع “تم تفخيخها قبل وصولها إلى لبنان”، حسبما ذكرت بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في رسالة إلى مجلس الأمن اطلعت عليها فرانس برس، الخميس.
وجاء في نص الرسالة التي أُرسلت إلى المجلس عشية اجتماع حول هذا الموضوع أن “التحقيقات الأولية أظهرت أن الأجهزة المستهدفة، قد تم تفخيخها بطريقة احترافية، قبل وصولها إلى لبنان، وتم تفجيرها عبر إرسال رسائل إلكترونية إلى تلك الأجهزة”.
ووصفت بعثة لبنان التفجيرات بأنها “غير مسبوقة في وحشيتها” وتقوض الجهود الدبلوماسية لوقف القتال في غزة وجنوب لبنان.
ودعت مجلس الأمن الدولي إلى إدانة الهجمات قبل جلسة طارئة مقررة، الجمعة، لمناقشة هذه الهجمات والوضع الخطير في الشرق الأوسط.
المصدر: لبنان 24