اخبار محلية

بعد “هجوم البيجر”… على العالم أن يقلق!

بعد “هجوم البيجر”… على العالم أن يقلق!

لسنوات، حث قادة الحزب أفرادهم على تقليل الاعتماد على الهواتف الذكية، بحجة أن إسرائيل قادرة على التنصت على هذه الأجهزة للتسلل إلى شبكة اتصالاتهم.

فعلياً، كان البديل هو العودة إلى تكنولوجيا أجهزة النداء واللاسلكي التي تعود إلى حقبة التسعينيات، والتي يُنظر إليها على أنها خيار أكثر أماناً.

تقرير لجيسوس ميسا في موقع “نيوزويك” يشير إلى أن التصعيد الأخير بين الحزب وإسرائيل فتح فصلاً “مرعباً” في الحروب بصفة عامة.

وكان الحزب يعتقد أن القدرات المحدودة لأجهزة النداء تسمح له بتلقي البيانات دون الكشف عن موقع المستخدم أو أي معلومات أخرى قد تعرضه للخطر.

وقد جاء هذا الاعتقاد من أعلى المستويات، حيث حث السيد أعضاءه على “دفن” هواتفهم المحمولة، خوفاً من أن يتمكن الإسرائيليون من اختراقها واكتشاف تحركاتهم.

اعتقاد زائف

هذا الأسبوع، أظهرت الاستخبارات الإسرائيلية للحزب وللعالم أن حتى أبسط التكنولوجيا الاستهلاكية لم تعد آمنة في عصر الحرب المتقدمة.

وانفجرت أجهزة استدعاء يستخدمها مئات من عناصر الحزب، الثلاثاء، في وقت متزامن تقريبا في أجزاء من لبنان وسوريا، ما أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 14 شخصاً وإصابة أكثر من 2700 آخرين.

وفي اليوم التالي، استشهد أكثر من 20 آخرين وجُرح المئات عندما انفجرت أجهزة اتصال لاسلكية في لبنان بشكل غامض.

ولم تتكشف بعد تفاصيل العملية التي نفذتها الاستخبارات الإسرائيلية، والتي قيل إنها استغرقت 15 عاماً.

ويعتقد بعض التقارير أن الاستخبارات الإسرائيلية أنشأت شركة وهمية في بودابست بهدف صريح يتمثل في بيع أجهزة النداء المحملة بالمتفجرات للحزب، بعد أن تنبأت بشكل صحيح بأن الأخير سيبحث عنها.

وقال خبراء لنيوزويك إن العملية المنسقة تؤكد على التحول العالمي في ديناميكيات ساحة المعركة، حيث تفسح التكتيكات التقليدية المجال بشكل متزايد لتقنيات متقدمة مثل الأجهزة المتفجرة وطائرات بدون طيار انتحارية تعمل بالذكاء الاصطناعي – والتي غالباً ما تستفيد من الإلكترونيات الاستهلاكية المتاحة بسهولة عبر الإنترنت.

ساحة المعركة الجديدة

يشير الكاتب إلى أن تركيز الدول الآن يعتمد على شل الأنظمة الرقمية والإلكترونية لأعدائها بدلاً من الاعتماد فقط على التكتيكات العسكرية التقليدية.

ويقول محلل الدفاع حمزة عطار إن الحرب الحديثة تبتعد عن ساحات المعارك التقليدية، وتتجه نحو العمليات السيبرانية والسرية.

كذلك، يوضح عطار لمجلة نيوزويك أن “إسرائيل تدفع الحزب إلى الزاوية، وتثبت أنه غير قادر حتى على تأمين عملياته، وفي حين يُعرف الحزب بوعيه السيبراني، فإن هذا الوضع يرسل رسالة معاكسة إلى أنصاره”.

ويكمل: “في لبنان، حيث أدت أزمة الكهرباء إلى الاعتماد على الأجهزة التي تعمل بالبطاريات، أصبح الناس الآن أكثر حذراً من أي وقت مضى”.

وأكد عطار على الضعف المتزايد الذي تعانيه البنية التحتية المدنية في مواجهة الهجمات الإلكترونية المتطورة بشكل متزايد، محذراً من أن الهجوم الإلكتروني المتقدم والمنسق على السيارات أو الطائرات قد يؤدي إلى خسائر بشرية كبيرة في غضون ثوان، حيث أصبحت هذه الأنظمة متكاملة بشكل متزايد مع أدوات التحكم الرقمية التي يمكن اختراقها.

ويتابع: “إذا تمكن القراصنة من اختراق أنظمة الطائرات، فسنواجه كارثة عالمية، حيث ستسقط الطائرات من السماء، إنها فكرة مخيفة، ولكن بصفتي باحثاً، كنت أتوقع حدوث هذا منذ فترة طويلة”.

ويضيف: “مع انتشار الأجهزة المحمولة والرقائق في كل مكان، أصبحت احتمالات الهجوم أكبر بكثير من الدفاع”.

مشكلة سلسلة التوريد

ومع تعرض خطوط إمداد الحزب للخطر وشكوك حول معداته الإلكترونية، سلط الهجوم الذي وقع هذا الأسبوع الضوء على نقطة ضعف رئيسية في الحرب الحديثة: الاعتماد على سلاسل إمداد عالمية طويلة ومترابطة بشكل فضفاض.

ويعني هذا التعقيد المتزايد مشاركة المزيد من الكيانات في سلاسل الإمداد عبر المزيد من المواقع، مما يجعل الرقابة والمساءلة أكثر صعوبة.

وفي الهجوم على أجهزة النداء، يبدو أن هذه الأجهزة جاءت من شركة تايوانية، رغم أنها قالت إن أجهزة النداء صُنعت في الواقع من قبل مقاول فرعي مجري مرخص لاستخدام علامتها التجارية.

وقال بروس شناير، وهو خبير تقني أمني مشهور تشمل أعماله إيجاد ثغرات في ما يسميه “مسرح الأمن” في المطارات الأمريكية بعد هجمات 11 أيلول إن “فكرة إمكانية اعتراض الأشياء والتلاعب بها أصبحت معروفة الآن”.

وأضاف أنه “ليس من المستغرب أيضاً أن يشتري الحزب أجهزة استدعاء من شركة مجرية لها مورد تايواني، فهذه السلسلة الدولية من التوريد تخلق نقاط ضعف”.

وفي حين أن المخاوف من أن الصين قد تحول الدراجات الإلكترونية أو البنية الأساسية للهواتف المحمولة إلى أسلحة لا أساس لها من الصحة إلى حد كبير، فإن الكثير من شبكات بيانات الجيل الخامس المتقدمة اليوم أصبحت “محددة بالبرمجيات” بشكل متزايد.

وقد أدت المخاوف من تحديثات البرامج الضارة إلى قيام الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بحظر بيع واستيراد معدات الاتصالات من شركات التكنولوجيا الصينية مثل هواوي قبل سنوات.

بالنسبة لشناير، في حين أن هذه التكتيكات ليست جديدة – فهو يستشهد باغتيال الموساد عام 1998 ليحيى عياش، كبير صانعي القنابل في حماس، باستخدام هاتف محمول متفجر – إلا أنه يعتقد أن السيناريو الحالي يمثل تصعيداً في كيفية تطبيق هذه الأساليب، مما يثير أسئلة أوسع نطاقاً لخبراء الأمن العالميين.

ويتساءل شناير: “إن دولاً مثل الصين قد تقوم بزرع أفخاخ في معدات الشبكات، ليس لتفجيرها، بل للتنصت، ولكن ماذا يعني هذا بالنسبة للمخاوف الأمنية؟ هل سيُسمح لنا بحمل الهواتف المحمولة على متن الطائرات؟”.

الحرب السيبرانية المتطورة

العملية الاستخباراتية الإسرائيلية الأخيرة ضد الحزب ليست سوى أحدث مثال على كيفية إعادة تشكيل تكنولوجيا الطائرات المسيرة لساحة المعركة.

وفي عام 2020، استخدمت إسرائيل روبوتاً مدعوماً بالذكاء الاصطناعي، يتم التحكم فيه عن بعد عبر الأقمار الصناعية، لاغتيال أكبر عالم نووي في إيران.

كذلك، استخدمت إسرائيل وحلفاؤها الحرب الإلكترونية لتعطيل جهود التطوير النووي الإيرانية.

وقد أثار التكامل السريع للذكاء الاصطناعي في ساحة المعركة أوجه تشابه مع تطوير الأسلحة النووية، حيث وصف بعض الخبراء هذه اللحظة بأنها “لحظة أوبنهايمر” للذكاء الاصطناعي. فالطائرات بدون طيار ذاتية التشغيل، بما في ذلك تلك التي طورتها إسرائيل، أصبحت قادرة بشكل متزايد على العمل بأقل قدر من التدخل البشري، ومسح الأعداء وإطلاق ضربات دقيقة دون سيطرة مباشرة من المشغل.

وكانت الحرب السيبرانية واضحة بشكل خاص في الحرب الدائرة في أوكرانيا مع روسيا، حيث وفرت أرض اختبار حقيقية لتكنولوجيا الطائرات بدون طيار.

استخدمت القوات الأوكرانية الطائرات بدون طيار على نطاق واسع للتعويض عن التفوق الجوي الروسي، باستخدام مسيرات انتحارية، كما استخدمت روسيا جيشا من الطائرات بدون طيار على الخطوط الأمامية.

وبعيداً عن تطبيقاتها العسكرية المباشرة، تمثل المسيّرات تحولاً في الاستراتيجية الأوسع للجيوش الحديثة، فهي توفر إمكانية تنفيذ عمليات أقل تكلفة وأكثر تأثيراً ويمكن التحكم فيها عن بعد، مما يقلل من المخاطر التي يتعرض لها الجنود البشريون مع السماح لهم في الوقت نفسه بتوجيه ضربات عميقة إلى أراضي العدو.

وبطبيعة الحال، يعتمد هذا التخفيض في المخاطر التي تهدد حياة البشر على المكان الذي تجلس فيه.

المصدر: لبنان24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى