ماذا عن تبعات توسّع الحرب وخريطة الاستهدافات؟
كانت العاصمة اللبنانية بيروت ومناطق عدّة في مرمى نار الضربات الجويّة الإسرائيلية في الأيام الأخيرة، وهو ما شكّل توسّعاً غير مسبوق في خريطة الاستهدافات، فإذا بغارة جويّة تضرب شقّة سكنيّة تابعة لـ”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” في منطقة الكولا، قبل أن تصل الشرارات الحربيّة الإسرائيلية إلى منطقة الباشورة حيث استُهدف مركز إسعافٍ تابع لـ”الحزب” وسط العاصمة اللبنانية.
أن تصل الحرب إلى بيروت، فذلك لم يكن تفصيلاً صغيراً رغم أنه لم يكن بعمل مستبعدٍ بعد كلّ التفجّر الذي طال مناطق عدّة.
ولا يزال نوّاب لبنانيون وبخاصّة عن مدينة بيروت يتحدّثون عن هواجسهم من توسّع أكثر اشتعالاً للنار، ذلك أنّ ما حصل في العاصمة شكّل وفق النائب وضاح الصادق “درساً حتى ندرك جميعنا أنه لا يمكن حماية لبنان إلا إذا كانت هناك دولة وجيش لبناني، مع تطبيق الدستور والاحتكام إلى القوانين اللبنانية، وأن نكون شعباً واحداً يتساوى في الواجبات في كلّ لبنان”.
لم يشكّل تطوّر وصول الغارات الإسرائيلية إلى بيروت ومناطق إضافية قبل أيام تفصيلاً صغيراً، لكنّه لم يكن عملاً حربيًاً مستبعداً، بحسب الصادق، الذي يؤكد لـ”النهار” أنّ “الإسرائيلي اتخذ القرار بحرب واسعة مدمّرة واستطاع أن يحظى بنَفَسٍ لم يكن يتوقّعه بعد قضائه على قادة “الحزب”، وهو سيكمل في اتجاه تغيير هدفه الذي تحوّل من إعادة السكان إلى الشمال الإسرائيلي نحو القضاء على “الحزب” وحركة “حماس”. كذلك هناك قرار اتخذ دوليّاً لإعادة نفوذ إيران إلى داخلها”. ويضيف الصادق: “لا يمكن تمييز بيروت عن مدن لبنان الأخرى، وما دامت هناك مناطق تعاني الإجرام الإسرائيلي فإن لبنان كلّه معرّض للغارات. لا تزال بيروت العاصمة ضمن حدود استهدافات محدودة. السماح للإسرائيلي بدخول لبنان والقضاء على “الحزب”، يأتي بدعم دوليّ كبير شرط أن تكون الخسائر المدنية محدودة مع تحييد بعض المنشآت”.
ولا يغفل أن “على الدولة اللبنانية أن تستعيد قرارها مع أولوية وقف النار. لا بد من انتخاب رئيس للجمهورية يطبّق القرار الدولي 1701 بكل مندرجاته. بعد ذلك، ننتقل إلى الحكومة والوزراء والإصلاح وإعادة بناء الدولة”.
من ناحيته، يقول عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب محمد خواجه لـ”النهار” إنّ “الخطر الإسرائيلي لا يستهدف حزباً أو جهة أو منطقة، بل جميع اللبنانيين، وهو ليس حديث العهد. الوحدة الوطنية وتآلف اللبنانيين، وخصوصاً في هذه المرحلة الصعبة والخطرة التي يعيشها لبنان، أفضل سلاح لمواجهة العدوّ، لكننا نخسر بالتفرقة والتشرذم والكيديات”. ويعتقد أن “هذه المرحلة إن تمكّنا من اجتيازها فقد تمهّد لولادة وطن حقيقي وهوية وطنية جامعة بديلة من الهويات الفرعية، أكانت طائفية أم مناطقية، فيما هناك ثلاثة عناصر قوة لدى اللبنانيين هي توالياً: الجيش اللبناني الوطنيّ الذي نعتزّ به، ومقاومتنا ووحدتنا الوطنية”.
كلّ الغارات الإسرائيلية في بيروت والمناطق، يختصرها النائب ملحم خلف لـ”النهار” بأنها “تفلّت من القيود الأخلاقية والإنسانية والمواثيق الدولية وقانون الحرب، وكلّ المبادئ والقيم التي قامت منذ أكثر من مئة عام”. ويستفظع استهداف الأحياء المدنية الخالية من الأهداف العسكرية، مناديا بتحصين لبنان داخليّاً، “وهذا أصبح واجباً، لا يتحقّق إلا باسترداد الدولة القادرة والعادلة التي تتجسّد في انتخاب رئيس للجمهورية ليكون لدى الدولة حكومة فاعلة حتى تعود بحضورها إلى المحافل الدولية”.
ويستنتج ضرورة “إعادة تثبيت موقع لبنان من خلال حكومة لا بد أن تعمل فوراً على وقف النار. وعلى لبنان أن يواجه هذا العدوان بتحصين الجبهة الداخلية الوطنية وانتخاب رئيس وتأليف حكومة فورية، لتكون هناك دولة تفاوض خارجياً على وقف النار”.
المصدر: النهار