لبنان تحت المرحلة الثانية من الحرب…
لبنان تحت المرحلة الثانية من الحرب…
عكست التطورات العسكرية والميدانية التي تلاحقت في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة دخول لبنان تحت وطأة المرحلة الثانية الأشدّ عنفاً من الحرب الإسرائيلية على “الحزب” التي تشمل بنيرانها المدمرة مناطق لبنانية واسعة. وقد تسارعت مؤشرات إشعال المرحلة الثانية من الحرب على نحو لم يعد معه من شكوك في أن المواجهة البرية بين الجيش الإسرائيلي و”الحزب” في جنوب الليطاني تقترب يوماً فيوم من معركة واسعة بعدما شهدت الأيام الأخيرة كثافة في المواجهات اليومية ومحاولات توغل القوات الإسرائيلية بوتيرة متدحرجة.
وإذ اتسمت الساعات الأخيرة بمواجهات متلاحقة عند الحدود، اعترف الجيش الإسرائيلي رسمياً بإصابة 27 جندياً بينهم حالتان خطرتان في كمين نصبه الحزب في جنوب لبنان أمس، في حين تحدثت تقارير إعلامية إسرائيلية عن سقوط ستة قتلى بين الجنود وأكثر من 25 جريحاً. وهو الأمر الذي شكل مؤشراً ملموساً إلى اقتراب المواجهة الكبيرة، إذ ان “الحزب” شن مساء امس هجوما بالمسيرات والصواريخ في اتجاه جنوب حيفا وعكا، كما أعلن أنه شنّ هجوماً جوياً على تجمع لقوات إسرائيلية في ثكنة زرعيت. وتحدث الإعلام الإسرائيلي عن إصابة 15 شخصا بينهم حالة خطرة جراء سقوط مسيرة قرب بنيامينا.
أما التطور الآخر الذي لا يقل خطورة، فتمثل في اتساع الصدام بين إسرائيل وقوات “اليونيفيل” مدعومة بموقف دولي واسع شكل الإدانة الأكبر لإسرائيل في اعتداءاتها على القوة الدولية من دون أن يردعها ذلك عن المضي في محاولة إبعاد هذه القوة عن مراكز انتشارها وتموضعها على الحدود الجنوبية مع إسرائيل. وبلغ الصدام ذروته أمس مع دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى إبعاد قوّة “اليونيفيل” عن “الخطر على الفور”. وقال نتنياهو، في بيان مصوّر، متوجّهاً إلى غوتيريش: “أبعدوا قوات اليونيفيل عن الخطر. يجب القيام بذلك الآن وعلى الفور”. واعتبر أنّ “رفض سحب قوات اليونيفيل من جنوب لبنان يعني تركهم رهائن بيد “الحزب”، ويعّرض حياتهم وحياة جنودنا للخطر”.
ولكن إسرائيل تعرّضت لانتقادات حادة دبلوماسية دولية. وأكدت 40 دولة على الأقل دعمها الكامل لقوة “اليونيفيل”، وحثت على حماية عناصرها. ودانت هذه الدول المساهمة في “اليونيفيل”، بشدة الهجمات الأخيرة ضد قوات حفظ السلام ودعت إلى أن يتم التحقيق فيها بشكل مناسب. وشددت الدول الأربعون، على أهمية الدور الذي تؤديه “اليونيفيل”، خصوصاً في ضوء تصاعد التوترات في الشرق الأوسط واكدت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في اتصال هاتفي مع نتنياهو أن “الهجمات الإسرائيلية على قوات اليونيفيل غير مقبولة”.
ولكن الصدام لم يقف عند هذا الحد، إذ أن “اليونيفيل” أعلنت عصر أمس أنه “في وقت مبكر من صباح الاحد، رصد جنود حفظ السلام في موقع للأمم المتحدة في رامية ثلاثة فصائل من جنود الجيش الإسرائيلي تعبر الخط الأزرق إلى لبنان.
وبينما كان جنود حفظ السلام في الملاجئ، قامت دبابتان من طراز ميركافا تابعتان للجيش الإسرائيلي بتدمير البوابة الرئيسية للموقع ودخلتاه عنوةً، وطلبت القوة مرات عدة إطفاء أنوار القاعدة، ثم غادرت الدبابتان بعد حوالى 45 دقيقة.
وأبلغ جنود حفظ السلام في الموقع نفسه عن إطلاق رشقات نارية عدة على مسافة 100 متر شمالاً، ما أدى إلى انبعاث دخان كثيف. وعلى الرغم من ارتداء أقنعة واقية، عانى 15 جندي حفظ سلام من آثار ذلك، بما في ذلك تهيّج الجلد ومشاكل في المعدة بعد دخول الدخان إلى القاعدة. ويتلقى جنود حفظ السلام العلاج اللازم”.
توسيع الحرب
تزامنت الاعتداءات الإسرائيلية المتجددة على “اليونيفيل” مع تصعيد مخيف للغارات التي شنتها إسرائيل في اليومين الأخيرين على مناطق لم يسبق لها أن استهدفتها مثل ديربلا بين البترون والكورة، وتجدد الغارات على المعيصرة في فتوح كسروان، حيث حصلت مجزرة ذهب ضحيتها 16 شهيداً و21 جريحاً، والتدمير المخيف لسوق النبطية وعشرات البلدات في الجنوب، ناهيك عن القصف الثقيل لبلدات في وسط البقاع ومحيط زحلة متسببة بعشرات الشهداء والجرحى.
وتحدثت إذاعة الجيش الإسرائيلي أمس، بأن الجيش وسّع عملياته البرية مجدداً في جنوب لبنان فيما أظهرت بيانات “الحزب” التصعيد الواسع في المعارك والاختراقات والمواجهات المباشرة. وعكس وزير الدفاع الإسرائيلي يؤاف غالانت هذا التطور التصعيدي بإعلانه أن “كل قرى الخط الأول في لبنان هدف لنا وندمرها الواحدة تلو الأخرى”. وقال إنه “حتى بعد انسحاب الجيش من مناطق في جنوب لبنان لن نسمح لـ”الحزب” بالعودة”.
وذكرت التقارير الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيليّ أقدم على أسر عنصر من “الحزب” في جنوب لبنان. وذكر الجيش الإسرائيلي أنه تم العثور على نفق تحت الأرض داخل أحد المباني ويقود إلى منطقة تواجد عناصر أخرى من الحزب مع وجود مخرج مجاور. وإثر ذلك، جرى تطويق المبنى والبحث في فتحة النفق، وعثرت القوات الإسرائيلية على مجمع تحت الأرض على عمق نحو 7 أمتار ومساحة سكنية تبلغ 50 متراً كان يتحصن فيها عنصر من الحزب إلى جانب أسلحة ومعدات لإقامة طويلة.
واشتد القتال بين “الحزب” وقوات إسرائيلية حاولت مرات عدة الدخول إلى بلدة رامية، وفي المقابل أصدر “الحزب” سلسلة بيانات عن عملياته وأعلن مساء أنه هاجم القوات الإسرائيلية في الحارة الغربية لِبلدة عيتا الشعب، ودارت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والصاروخية وقذائف المدفعية.
المصدر: النهار