تعويضات أضرار الحرب تتسابق مع هجرة مُعيدي التأمين..ماذا بعدهم؟
تعويضات أضرار الحرب تتسابق مع هجرة مُعيدي التأمين..ماذا بعدهم؟
مشهديّة الدمار المُستباحة في غالبية قرى الجنوب والبقاع ومدن الضاحية الجنوبية، تتقارب مع صورة انفجار 4 آب القاتمة التي تأطّرت بمساحة العاصمة وضواحيها… لكنها تتمايز عنها بالإقرار بإرهابيةّ العدوان: إنها الحرب…غارات إسرائيلية لم تُبقِ حجراً على حجر في بُقَع جغرافية من الضاحية والجنوب والبقاع، مروراً بالشوف وجبل لبنان، وصولاً إلى الشمال.
هذا الدمار المَهول دفع ببعض المنكوبين الذين يملكون عقوداً تأمينية إلى الاستغاثة بشركات التأمين الخاصة للتعويض عن هذه الأضرار “الموجِعة” ولو كانت “عَوَض الروح”، علّهم يجدون في تغطيتها يداً داعمة تحمل بارقة أمل من تحت ركام مصانع وشركات ومحال كما منازل تساوت بمشهدية غزة دماراً وحريقاً!
فهل وجد المتضرّرون في شركات التأمين الملاذ الآمن للتعويض قدر الإمكان عن أرزاق أصبحت من ماضٍ أليم لن تلتئم جراحه إلا بعد حين إن استطاع أحدٌ لذلك سبيلاً؟
رئيس جمعية شركات الضمان في لبنان أسعد ميرزا يؤكد لـ”المركزية” أن “شركات التأمين تؤمّن التغطية الكاملة للأضرار التي يحمل أصحابها عقوداً تأمينية تشمل “تغطيات الحرب”، أما التي تستثني هذا البند فلا تغطّيها الشركات بطبيعة الحال”.
ويقرّ في السياق، أن العدوان الإسرائيلي على لبنان اليوم يحق وصفه بـ”حالة حرب” على عكس ما حصل في انفجار مرفأ بيروت في 4 آب حيث لم يتحدّد وصفه لغاية اليوم إن كان عملاً إرهابياً أم نتيجة استهدافه بصاروخ أم غيره من الاحتمالات، الأمر الذي دفع عدداً من شركات التأمين إلى التريّث في تغطية الأضرار والبعض الآخر إلى صياغة تسوية بين الشركة والمؤمَّن حتى جلاء الصورة…
وعما إذا كانت كلفة التغطية اليوم تفوق الكلفة المقدَّرة لأضرار 4 آب، يشير ميرزا إلى أن “مناطق الجنوب مدمَّرة في غالبيتها ما يحتّم ارتفاع كلفة تغطيتها التأمينية، إنما تجدر الإشارة إلى أن هذه المناطق لا تضمّ مؤسسات أو مصانع ضخمة. في حين أن أصحاب مثل هذه المصانع الموجودة في أماكن معروفة، يطلبون أحياناً تغطية تحت مُسمّى “أضرار حرب” بأكلاف مرتفعة جداً في وقت يصعَب إيجاد مُعيد تأمين يوفّر الأموال المطلوبة”.
ويكشف في السياق، أن “كبار مُعيدي التأمين يغادرون لبنان حالياً بفعل ارتفاع منسوب المخاطر الناجمة عن الحرب الإسرائيلية على لبنان”، ويقول إنه تبلّغ اليوم من أحد كبار مُعيدي التأمين أنه يغادر لبنان وكذلك سيفعل كبار مُعيدي التأمين الأوروبيون وبالتالي لن يؤمّنوا أي تغطية تأمينية في لبنان في ظل الحرب القائمة، علماً أن 90% من عقود التأمين يتم تجديدها بتاريخ 31 كانون الأول من كل عام”، وبنتيجة ذلك يُبدي تخوّفه مما سيحصل بعد هذا التاريخ إذا لم تتوفّر تغطية مُعيدي التأمين!”.
.. “حتى اللحظة لا تزال شركات التأمين كافة تتمتّع بملاءة مالية جيدة” يقول ميرزا، “لكنها لا تزال دون مستوى ملاءة الأعوام السابقة، إذ تراجعت ملاءة قطاع التأمين من مليار و600 مليون دولار إلى 930 مليوناً هذه السنة، في ظل غياب وِرَش البناء وشبه انعدام النشاط المصرفي وغيرها من العوامل التي انعكست سلباً على حركة قطاع التأمين وإيراداته”.
أمام هذه الوقائع، بات من المرجّح أن يستفيق المنكوبون يوماً من “سكرة” النزوح ليجدون أنفسهم أما “فكرة” انعدام مصادر التعويض ونفاد مال الإعمار، فيضرَسون من “حصرم” أكله قوّادهم في غفلة من الزمن!
المصدر: ميريام بلعة – الوكالة المركزية