بري يخوض “مناورة”.. هل اقترب “حل الحرب”؟

بري يخوض “مناورة”.. هل اقترب “حل الحرب”؟

بصفته المفاوض الأبرز والمُخول رسمياً للحديث باسم “حزب الله” في ملف المساعي لوقف الحرب الإسرائيلية على  لبنان، تتجهُ الأنظار بشكلٍ أساسيّ إلى ما قد يتخذه رئيس مجلس النواب نبيه بري من مواقف فعلية في إطار الضغط نحو تكريس وقف فعلي لإطلاق النار استناداً لمضمون القرار 1701 الذي تم التمسك به وعدم التنازل عنه سواء في الجلسات المغلقة أو حتى في التصريحات العلنية.

ما يقوم به بري يُمثل حجر أساس لمستقبل جنوب لبنان، فحديثه عن أن تطبيق الـ1701 الذي أنهى حرب تموز عام 2006 بحرفيته ومن دون أي تعديلات، يمنح لبنان مظلة جديدة من الإستقرار، كما أن هذا الأمر يقطع الطريق على أي استغلال إسرائيلي لتمرير مخططات أو شروط عبر أي اتفاق جديد.

وخلال لقائه مع الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين، أمس الإثنين، كان بري حازماً في أمرين أساسيين وهما عدم التنازل عن القرار 1701 وعدم القبول بأي شروط إسرائيلية تنتهك سيادة لبنان.
عملياً، فإن بري يعتمد حالياً على أسلوب التفاوض المرِن والضاغط في الوقت نفسه، في حين أنّه بات يمرر الموقف  اللبناني باتجاه الأميركيين عبر أدواته الدبلوماسية المرتبطة بعنوان عريض عنوانه أن لبنان ليس لقمة سائغة لدى الإسرائيليين لفرض ما يحلو لهم من شروط.

قبل زيارة هوكشتاين إلى لبنان، صرح بري إن هذه هي الفرصة للأميركيين للوصول إلى حل، وخلال لقاء مطول مع هوكشتاين، قال بري ما قاله عن موقف لبنان الذي يمثل ركيزة أساسية لميدان “حزب الله” القتالي.
حتماً، أراح بري الجبهة الأمامية القتالية بالضغط الذي يمارسه على الأميركيين، وما عزّز موقف بري أكثر فأكثر هي سلسلة الاستهدافات التي نفذها “حزب الله” خلال الساعات الماضية وتحديداً من خلال إطلاق طائرات مسيرة باتجاه مطار بن غوريون ونشر فيديو مصور للحظة استهداف تجمع للجنود الإسرائيليين.

الرسائل الميدانية هذه تعتبر ورقة قوية جداً تؤازر موقف بري، فالأخير قد يعمد إلى اعتماد هذه العمليات كعنوان تفاوضي على أساس “قوة لبنان”، فالضربات النوعية التي يمارسها “حزب الله”، من وجهة نظر خبراء معنيين بالشأن العسكري، تُثبت أن هناك قدرة على المناورة وفرض ورقة الميدان على طاولة التفاوض وعدم السير بما يريده الأميركيون والإسرائيليون بشأن القرار 1701 الذي وصفه هوكشتاين بأنه “غير كافٍ”.
إذاً، ما يتضحُ بشكل جليّ هو أنّ بري لم ولن يتنازل عن أي ورقة تحمي ظهر “حزب الله” خلال التفاوض، بينما الأمر الأكثر تأثيراً هو أن بري قد يكون متمسكاً، وأكثر من أي وقتٍ مضى، بالعمليات النوعية التي ينفذها الحزب لكي تكون عنصراً حاسماً خلال أي اتصال لاحق مع الأميركيين.

أمام كل ذلك، يمكن القول إن “حزب الله” بات يشعر بارتياح أكبر إزاء تحرّك بري، وما يُكمل هذا الأمر من الناحية العملية هو الموقف المساند لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي يتكامل مع رئيس البرلمان في الموقف والبنود المرتبطة بأي مفاوضات.

إن تم النظر قليلاً في خلفيات الأمور، فإن حديث أوساط حكومية، أمس، عن أن لبنان لن يقدم اقتراحه للحل إلا بعد وقف إسرائيل إطلاق النار، يمثل أسلوباً دبلوماسياً للضغط وتعزيز المناورة لصالح لبنان وبالتالي رمي الكرة في ملعب إسرائيل.

كل ذلك يمثل عناصر قوة، وعليه، فإن ما يفعله بري بالتكامل مع ميقاتي، يفتحُ الباب أمام ركيزة أساسية وهي: تقوية موقف لبنان ومحاصرة إسرائيل أمام شروط دبلوماسية، الدفع نحو انتاج وقف إطلاق النار رغم تعجرف تل أبيب في ذلك، الذهاب نحو تفاوض تحت سقف دولي، ومنح الفرصة للبنان باتجاه انتخاب رئيس بأسرع وقت ممكن إن جرى فرض هدنة فعلية قد تساهم في إيصال رئيس يمكنه الإشراف على الترتيبات الجديدة للمرحلة المقبلة.