أسبوع ملتهب على وقع مزاعم “صفقة”…”لبنان المفاوض” يرفض “صك استسلام”
في منحى مزدوجٍ من التصعيد العسكري العنيف الذي شهدت بعلبك وقراها نموذجاً مخيفاً عن وحشيته، وتعبئة اعلامية كثيفة تضخ “معلومات” تفصيلية عما سماه الإعلام الإسرائيلي “صفقة لبنان”، بدا واضحاً بما لا يقبل الشك في أن الحرب المتدحرجة على لبنان وُضعت على وقع العد العكسي للأسبوع الأخير للانتخابات الرئاسية الأميركية بما يخشى معه أن يكون أسبوعاً ملتهباً. ولم يكن أدلّ على الطابع التصعيدي المقترن بضخ معطيات دعائية تروج لصفقة لم يحن وقتها بعد، من مبادرة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين بنفسه أمس إلى تبديد “الروايات” عن مهمته، فنفى كلّ ما تردّد إعلامياً عن لقاء جمعه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وكتب عبر منصة “إكس”: “أنّا في واشنطن” من دون إضافات.
ومع أن بعض التقارير لم يستبعد توجّه هوكشتاين في وقت لاحق من الأسبوع الحالي إلى إسرائيل، بدت الجهات اللبنانية المعتادة على التواصل مع الموفد الأميركي وفي مقدمها الرئيس نبيه بري في أجواء استبعاد أي تحرك جديد وشيك لهوكشتاين خلال الأسبوع الانتخابي الأخير في بلاده. والأبرز من ذلك أن مراجع رسمية معنية بالمفاوضات والاتصالات الدبلوماسية نفت كل ما صدر في الإعلام الإسرائيلي عن مشروع حل لوقف النار في مقابل شروط إسرائيلية وصفتها هذه المراجع بأنها اقرب إلى صك استسلام ليس وارداً أن يقبله لبنان. وأشارت إلى أن الأمر الجدي الذي اتفق مع الموفد الاميركي عليه يتصل حصراً بتنفيذ القرار 1701 بحذافيره والبحث في آليات التنفيذ في ظل ما خلفته الحرب من تداعيات ميدانية وأن لبنان ينتظر أجوبة هوكشتاين بعد عرض نتائج محادثاته في بيروت على إسرائيل.
وإذ أفيد أن نتنياهو سيجتمع مع وزرائه في شأن مشاورات لحل سياسي في لبنان، أفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أنّ “المحادثات الجارية من أجل التوصل إلى تسوية في لبنان بلغت مرحلة متقدمة”. ولفتت إلى أنّ “هوكشتاين يقود هذه الجهود، ويعتزم زيارة كل من إسرائيل ولبنان”. كما نقلت عن مصادر غربيّة، قولها إنّ “الحزب” وافق على فصل ملفّ لبنان عن غزة، لافتةً إلى أنّ الحزب حصل على الضوء الأخضر من إيران للتراجع إلى شمال الليطاني. وكشفت أنّ “المقترح الجديد يبدأ بوقف إسرائيل و”الحزب” الأعمال القتالية لمدة 60 يوماً، ويتضمن انتشار الجيش اللبناني في الجنوب”. كما لفتت المصادر الغربيّة، إلى أنّه سيتم تعزيز قوات “اليونيفيل” واستبدالها بقوات أخرى من جنسيات ألمانية وبريطانية وفرنسية.
وافادت صحيفة “يسرائيل هيوم” أنّ وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش قال إنّ الحرب في الشمال ستنتهي قبل نهاية العام”. ونقلت عن مسؤول سياسي أن “الجدول الزمني لنهاية الحملة في لبنان قريب ويتضمن أسابيع قليلة”.
في المقابل، قال مصدر لبناني إن “المعلومات في شأن مقترح تسوية في لبنان غير صحيحة”. وأضاف أن هوكشتاين، لن يعود إلى لبنان قبل الانتخابات الأميركية، كما أوضح، أن الرئيس بري و”الحزب” يتحدثان حاليًا عن إمكان التوصل إلى هدنة قد تمهد لوقف نار.
نعيم قاسم
في غضون ذلك وفي ما بدا أنه إجراء إنتقالي موقت حتى نهاية الحرب عين “الحزب” الشيخ نعيم قاسم أميناً عاماً خلفاً لأمينه العام الراحل السيد حسن نصرالله. وسارعت إسرائيل إلى تهديد قاسم بالاغتيال، إذ نشر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت صورة لقاسم، وكتب: “لقد بدأ العد التنازلي لموعده”. ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن غالانت أنه لم يبق لـ”الحزب” سوى عشرين في المئة من صواريخه.
وسجلت الاعتداءات على قوة اليونيفيل تطوراً جديداً، إذ بعد الاعتداءات الإسرائيلية عليها تعرضت أمس لاعتداء من “الحزب”. وأعلنت وزارة الدفاع النمساوية، عن إصابة 8 جنود نمساويين من قوات اليونيفيل، وكشفت أن “لا إصابات خطيرة، ومصدر الهجوم ليس واضحاً في الوقت الراهن”. ونددت بالهجوم، مشيرة إلى أنه “من غير المقبول تعريض قوات الأمم المتحدة للخطر”. وسارعت قيادة “اليونيفيل” إلى إصدار بيان أوضحت فيه أن “صاروخاً أصاب المقرّ العام لليونيفيل في الناقورة، ما أدى إلى اندلاع حريق في ورشة تصليح سيارات، وبينما أصيب بعض جنود حفظ السلام بجروح طفيفة، فإنه ولحسن الحظ لم يصب أحد بجروح خطيرة. تم إطلاق الصاروخ من شمال المقر العام لليونيفيل، على الأرجح من قبل “الحزب” أو مجموعة تابعة له، وقد فتحنا تحقيقاً في الحادث”.
أما ميدانياً، فإن البارز في الساعات الاخيرة تمثل في توغل عدد كبير من دبابات الجيش الإسرائيلي من محيط مستعمرة المطلة إلى الأراضي اللبنانية ووصل الرتل إلى تلة الحمامص والأطراف الشرقية لبلدة الخيام. وتواصلت موجات الغارات الإسرائيلية حتى ساعات الفجر على البقاع الشمالي حيث سجلت مجازر في مدينة بعلبك وعلى امتداد قرى القضاء، جنوباً وشرقاً وشمالاً وغرباً بلغت حصيلتها الدامية أكثر من 63 شهيداً.
كما تعرضت بلدة جباع لأعنف هجوم جوي إسرائيلي اعتباراً من منتصف الليل، أدى الى تدمير 12 مبنى ومنزلًا فيها، واستخدمت في الغارات الصواريخ الارتجاجية التي حولت أحياء ومنازل إلى ركام، وبدا حجم الدمار الهائل صباح أمس في البلدة التي اقفلت فيها معظم الطرق بفعل الردميات والركام. وتواصل تصعيد الغارات أمس على مختلف مناطق الجنوب منها غارة على حارة صيدا أدت إلى سقوط خمسة شهداء.
من جهته، أعلن “الحزب” أنه استهدف مستوطنتي دلتون كفر فراد وتجمعاً لجنود إسرائيليين في مستعمرة معالوت، وأعلن أن وحدات الدفاع الجوي في الحزب أسقطت مسيّرة هرمز 900 فوق منطقة مرجعيون، وقصف تجمعاً للجنود الإسرائيليين في موقع رأس الناقورة البحري وتجمعاً للجنود في منطقة وطى الخيام ومستعمرة كريات شمونة وقاعدة بيت هلل والمطلة.
المصدر: النهار