هل تستطيع إيران تعويض خسائرالمتضررين من الحرب؟
هل تستطيع إيران تعويض خسائرالمتضررين من الحرب؟
على رغم الكلام عن وصول موفدين اميركيين الى إسرائيل اليوم هما آموس هوكشتاين وبريت ماغورك لبحث سبل التوصل الى اتفاق لوقف النار يقول المعنيون ان احتمالاته مبنية على فرص جدية ، يحاذر ديبلوماسيون وسياسيون في لبنان بناء رهانات كبيرة على ذلك . اذ لا ينزع هؤلاء من اعتباراتهم ان ادارة الرئيس جو بايدن حركت ديبلوماسييها بقوة على الاقل في اتجاه غزة كما في اتجاه لبنان من اجل توجيه رسائل الى الناخبين العرب الاميركيين بانها لا تزال تحاول حتى اللحظة الاخيرة من افول عهد هذه الادارة حتى لو لم تؤد محاولاتها الى اي نجاح حتى الان . ولكن نجاحها في الايام الاخيرة في ضبط الرد الاسرائيلي العسكري على ايران تحت السقف الذي رسمته لاسرائيل بالامتناع عن استهداف منشأت نفطية او نووية في ايران ، يترك مجالا للامل بان تنجح حيث اخفقت خلال العام الماضي لا سيما ان الظروف اختلفت عن كل المحاولات او الجهود السابقة بعد تدمير شبه كامل لحركة “حماس” وتوجيه ضربات قاصمة ل”الحزب” وتدمير غالبية مقوماته . الاعتبارات التي قد تفرض نفسها في هذا الاتجاه او ذاك مبنية ايضا على الاعتقاد بانه في اللحظات الاخيرة قبل الانتخابات الاميركية ، فان حسابات الدول الاقليمية لا سيما ايران ، تسمح بالتعويل على تنازل ممكن من جانبها او ابداء المرونة في حال ظهرت بوادر احتمال فوز دونالد ترامب فيما ان الاحتمال نفسه قد يسمح لاسرائيل برفع امالها بانها قد تحظى بفترة سماح اكبر لتنفيذ ما تريده لاحقا . اذ قد تساعدها ظروف تلتقي مصادر دولية عدة على اعتبار ايران راهنا اكثر ضعفا وهشاشة على المستوى الداخلي كما على مستوى المنطقة بعد اعاقة ذراعين اساسيين من اذرعتها في المنطقة هما “حماس” والاهم ” الحزب”.
الاسئلة المرافقة للشكوك حول التوصل الى اتفاق تتصل بمحاولة رصد ما اذا كانت اسرائيل حققت الاهداف التي اعلنت عنها في مساعيها لتدمير قدرات الحزب بما يسمح لها الذهاب الى اتفاق راهنا . وتتصل ايضا بما اذا كانت ايران تقبل اقله على سبيل كسب الوقت والرهان عليه للمرحلة المقبلة بابعاد ” الحزب” والتزامه القرار 1701 بحذافيره في الوقت الذي يعني ذلك نزع اسباب استمرار سلاحه في الجوهر والاساس اذا لم يعد مستمرا وقائما على الحدود اللبنانية مع اسرائيل. ويعتقد البعض ان ايران قد تكون مضطرة الى ذلك بحكم مواجهتها مأزقا كبيرا يتصل بما يتردد عن تدمير اسرائيل قدراتها الصاروخية ما يضطرها الى البحث عن مخارج لما تواجهه، في الوقت الذي تخاطر باحتمال تدمير اسرائيل المزيد من قدرات الحزب الى درجة اعاقته فعلا ، وتاليا فان مصلحتها وقف الحرب راهنا لحصر الاضرار للتمكن من اعادة بناء قدراته لاحقا .
يقول ديبلوماسيون ان الضغط الاهم من مضمون القرار 1701 الذي يمكن ان يوفر فرصة للدولة اللبنانية استعادة سلطتها وسيادتها ، هو ما تملكه الدول الخارجية والاهم الدول الخليجية لليوم التالي لوقف الحرب . فالاسئلة التي تتزاحم في هذا الاطار تنصب على محاولة استطلاع اذا كانت ايران هي من ستعوض ليس على لبنان خسائره الجسيمة التي ارتكبتها اسرائيل في الواقع ، انما باعتبار ما حصل كان نتيجة قرار ” وحدة الساحات ” الصادر من ايران واستفراد الحزب بقرار شن حرب على اسرائيل تحت عنوان مساندة غزة . فهذه الخسائر قدرها وزير الاقتصاد اللبناني قبل ايام بحوالي 20 مليار دولار ان لم يكن اكثر فيما الحرب لا تزال مستمرة ولم تنته بعد . والسيد حسن نصرالله في خطاباته خلال العام المنصرم عن الحرب ، كان يركز على خسائر اسرائيل في اقتصادها وما الى ذلك ويهمل كل التدمير لاقتصاد لبنان وبناه التحتية علما ان الامر تفاقم وتخطى باشواط ما يمكن ان يكون متوقعا على هذا المستوى . ولكن اذا اخذت في الاعتبار خسائر ابناء الطائفة الشيعية وحدها في الجنوب او الضاحية او البقاع وصولا الى بعلبك علما انها خسائر لا يمكن فصلها عن الاضرار اللاحقة باللبنانيين ككل ، فمن المرجح الا تقل عن عشرة مليارات من الدولارات على الاقل.
واعادة الاعمار التي ستلي الحرب ستطرح اشكالية فعلية سياسية واقتصادية واجتماعية كذلك فيما ان ايران المرتبكة اقتصاديا بفعل وضع داخلي صعب في ايران يدفعها الى مهادنة الدول الغربية وحتى مهادنة الولايات المتحدة من اجل رفع العقوبات المفروضة عليها لانعاش اقتصادها المتدهور ، ستكون عاجزة عن تلبية متطلبات الطائفة التي دفعت اثمانا باهظة لم تقتصر عليها واصابت لبنان ككل نتيجة قرار الحاق قرار لبنان بقرار حركة ” حماس” في غزة . ومن المرجح وفق مصادر سياسية ان تنكفىء ايران عن هذه المسؤولية نتيجة عجزها ولكن ايضا بفعل الرفض الاميركي والغربي ان تلعب دورا في الانخراط في لبنان على المستويات الاجتماعية والاقتصادية ناهيك بالسعي الى تجنب اعادة تسليحها الحزب مجددا . ويمكن بسهولة رصد طبيعة او ماهية الانخراط الخارجي في عملية اعادة الاعمار المحتملة او الممكنة من خلال مؤشر المساعدات التي انهالت من دول عربية وخليجية على لبنان ، وذلك علما ان المرحلة المقبلة في اليوم التالي للحرب ستكون اكثر تعقيدا . ففي اعادة تذكير لهذه المصادر باختلاف هذه الحرب عن مرحلة ما بعد حرب 2006 حين هبت الدول الخليجية للمساعدة واعادة الاعمار من دون حساب ، فان اوراقا مهمة يملكها الخارج المقتدر راهنا يتعين عليه استخدامها او توظيفها . وشروط الخارج كانت باتت اكثر من اي وقت مضى مرتبطة ، كما قبل الحرب ومساعدة لبنان بعد انهياره الاقتصادي ، ببناء الدولة ومؤسساتها على قواعد متوازنة فيما ان اركان الطائفة الشيعية يدفعون بقوة على رغم الحرب الى المحافظة على الوضع السابق لهذه الحرب. وتاليا فان الرهان لدى غالبية من القوى اللبنانية يتمحور في اتجاهين : الاول على المجتمع الدولي من اجل تنفيذ صحيح للقرار 1701 والثاني اشتراط الدول المانحة اعادة بناء الدولة سياسيا قبل اي امر اخر . ويرجو هؤلاء الا يتم التفريط باوراق القوة هذه .
المصدر: روزانا بو منصف – النهار