لهذا “دقّ” جنبلاط ناقوس الخطر

لهذا “دقّ” جنبلاط ناقوس الخطر

لم تعد المرحلة الفاصلة عن الإنتخابات الرئاسية الأميركية هي الأخطر، بعدما بات الحديث يتركّز على الفترة الفاصلة عن رحيل إدارة الرئيس جو بايدن من البيت الأبيض، وتحديداً منذ لحظة الإعلان عن نتيجة هذه الإنتخابات وحتى 10 كانون الثاني المقبل. والترجمة الفعلية للخطورة المتمثلة على الساحة اللبنانية، لا تقتصر فقط على تصعيد العدوان الإسرائيلي الذي يتدرّج من القصف والتدمير الممنهج، بل إلى ما وراء مشهد الميدان من مخطّط فتنوي بين اللبنانيين، بدأ التحذير منه أخيراً من قبل أكثر من مرجعية سياسية، ولكن من دون أن تكون الأصداء إيجابية لدى غالبية القوى التي تقف على تماس مع الأزمات والتي تتراكم بشكلٍ لافت منذ أسابيع، ولم تلقّ إلى اليوم سوى إشارات ومعالجات خجولة لا ترتقي إلى مستوى المسؤولية الوطنية التي من الواجب أن تتحلى بها الشخصيات المعنية بهذه الأزمات، والتي تأتي في مقدمتها أزمة النزوح.

تحذير الرئيس السابق للحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط من طول فترة الحرب الإسرائيلية على لبنان، يتجاوز الإطار الواضح لهذه الحرب، بل يتخطاه إلى ما بعد استمرار عدوان إسرائيل لأشهر بعد، كما يقول مرجع سياسي في مجالسه الخاصة، إذ يقرأ بين سطور زعيم المختارة عملية دقّ ناقوس الخطر من المرحلة الآتية، حيث الأفق مقفل على صعيد التهدئة، ما يستدعي تحويل الإهتمام باتجاه آخر.

وليس الإتجاه الآخر، سوى ملف رئاسة الجمهورية، المعلّق لأكثر من سبب غير معلن ولكنه معروف من الجميع في الداخل والخارج، حيث تشدّد المرجعية السياسية على أن انتخاب الرئيس كفيل بقطع الطريق على مشروع إسرائيل لتحويل النزوح من القرى التي “تمحيها”، إلى وقود مواجهة داخلية، يؤمّن ظروفها المناخ المتشنّج داخلياً بين القوى السياسية، وليس بين اللبنانيين من نازحين ومضيفين من جهة، وفي صفوف النازحين أنفسهم من جهة أخرى.

وتلاحظ المرجعية السياسية، أن ما يزيد من وتيرة التشنج، يتمثل في حملات “استقواء” إستعراضية يتبرّع للقيام بها البعض من خلال مواقف وتصريحات تضع المواطن بوجه المواطن الآخر، وتصوّب على بعض الذين في الداخل وليس على العدو الإسرائيلي، فتعمل ومن حيث لا تدري على إذكاء نار الفتنة في الشارع، وعلى تسريع أوانها تحت عنوان استهداف كل خطوط الحماية الداخلية من مؤسّسات رسمية وأمنية معنية بحماية الإستقرار.

ولذلك، أصرّ جنبلاط على انتخاب رئيس الجمهورية وفصل الرئاسة عن ملف الحرب، لأن ملء الشغور الرئاسي هو المعبر الوحيد إلى تحصين الساحة الداخلية في مواجهة الخطة (ب) لبنيامين نتنياهو لليوم التالي بعد وقف إطلاق النار، وهو إلغاء أي أسباب أو دوافع للنازح من الضاحية أو البقاع أو الجنوب، للعودة إلى منازلهم، بعدما دمّر العدوان القرى وأحرق الأراضي بالقنابل الفوسفورية، وقضى على كل مقوّمات الصمود الإجتماعي والإقتصادي، وباختصار جعل من غير الممكن لأي نازح أن يعيش في هذه المناطق كما كان عليه حاله قبل 8 تشرين الأول 2023.

الحرب طويلة.. قالها جنبلاط. ولكن إلى جانب الحرب، يتصاعد خطر كبير يهدّد التضامن العفوي الشعبي مع كل من نزح بفعل العدوان، وهو يتّخذ أشكالاً عدة ولا تقتصر على الأزمات الإجتماعية، بل على غياب الوعي في تحديد العدو والإنشغال بالصراعات والتجاذبات الداخلية المحدودة وغير المسؤولة، والتي بدأت مؤشّراتها تظهر في الأيام الماضية من خلال سيل الإشاعات والأخبار الكاذبة والمضلّلة، وصولاً إلى خلافات “الزواريب” السياسية ومقاربة الملف الرئاسي بمسؤولية ووطنية عبر انتخاب الرئيس بالأمس واليوم وغداً.

المصدر: فادي عيد – ليبانون ديبايت