“إسرائيل” تعتمد استراتيجية تدمير المباني في الجنوب… فهل تنجح في إقامة منطقة عازلة؟

“إسرائيل” تعتمد استراتيجية تدمير المباني في الجنوب… فهل تنجح في إقامة منطقة عازلة؟

أكدت مصادر سياسية لـ”النشرة” أن فشل المفاوضات التي قادتها الولايات المتحدة الأميركية عبر مبعوثها آموس هوكشتاين لوقف إطلاق النار على الجبهة اللبنانية أو ترحيله إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية سيدفع المنطقة نحو المزيد من التصعيد العسكري، وسيكون للميدان كلمة الفصل فيه.


وأشارت إلى أن الأجواء السائدة لدى المسؤولين اللبنانيين هي أن مدّة الحرب طويلة وقد تمتد إلى ما بعد فترة الانتخابات وموعد تسلّم الرئيس الأميركي المنتخب مهامه رسميًا، المقررة في 20 كانون الثاني 2025، ما يجعل الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات، ومنها الحرب الإقليميّة بعد العدوان الإسرائيلي على إيران التي توعّدت بالرد المناسب قريبًا.


وبانتظار هذا الوقت المستقطع لحسم كيفية اتجاه الأمور، لاحظ المراقبون العسكريون أن “إسرائيل” بدأت باعتماد تكتيك جديد بعدما لم تنجح في احتلال أي بلدة جنوبيّة بالكامل عند الحافة الأمامية والسيطرة عليها، بعد مرور أكثر من شهر على بدء عمليتها العسكرية البرية في الجنوب، إذ إن ما نشرته من صور وفيديوهات يشير إلى التوغل ثم الانسحاب دون البقاء أو السيطرة بالنار، وذلك في إطار الحرب النفسية.

وتؤكد الوقائع الميدانية أن جيش العدو الإسرائيلي، الذي دفع بخمس فرق عسكرية هي: 210 و98 و91 و36 و146، وتضم كل منها لواءين أو أكثر نحو الجنوب، إضافة إلى لواء احتياطي للانضمام إلى المهام العملياتية على جبهة لبنان، قد تكبّد خسائر بشرية كبيرة نتيجة مقاومة الحزب في التصدي له. إذ أعلن الأخير عن أحدث حصيلة بشأن التوغل البري الإسرائيلي، حيث تجاوز عدد القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي 95 قتيلًا و900 جريح منذ بداية المناورة.
ووفقًا للبيان الرسمي الذي أعلن فيه عن “بدء هجماته البرية المحدودة والمكثفة” في 30 أيلول الماضي، فإن جيش العدو حدد أهدافه بتدمير البنية التحتية للحزب، وتفجير أنفاقه، وإبعاد عناصره عن الشريط الحدودي. ولكن حتى الآن، لم تعلن أيّ جهة رسمية لبنانية تمكّنه من التمركز في أيّ بلدة حدودية.

استراتيجية التدمير
بالمقابل، كشفت الحرب المفتوحة بين الطرفين عن اعتماد إسرائيل استراتيجية عسكرية تتجاوز العمليات التقليدية، إذ إنها خلال دخولها إلى القرى والبلدات الجنوبية على الحافة الأمامية، تقوم بتفخيخ المنازل والمباني والأحياء وتفجيرها ونسفها بالكامل، بالاضاقة إلى جرف الطرقات والحقول الزراعية، وحتى أماكن العبادة والمقابر، وتحويلها إلى أرض محروقة.

ووفقًا لخبراء عسكريين، فإن هذه الاستراتيجية، التي اعتمدتها إسرائيل أيضًا في حربها المفتوحة ضد غزة، تهدف إلى:
إجبار سكان القرى والبلدات الجنوبية الحدودية على النزوح وإنشاء “منطقة عازلة” بعد تسوية المباني بالأرض عبر تفخيخها وتفجيرها بالكامل، وذلك بعد فشل البقاء فيها واحتلالها بسبب التصدي وعمليات المواجهة المباغتة والهجوم التي ألحقت خسائر بشرية كبيرة في صفوفها، كما حدث في 11 بلدة منها مركبا، يارين، مروحين، الضهيرة، العديسة، محيبيب، وميس الجبل.

-محاولة إضعاف قدرات الحزب عبر تدمير المرافق الحيوية والبنية التحتية، مما يعوق دعمه اللوجستي والعملياتي. ويعتقد جيش العدو أن إنشاء مثل هذه المنطقة، التي تمتد إلى عمق 3 كيلومترات على الشريط الحدودي، سيوفر حماية لمستوطناتهم الشمالية من أي هجمات محتملة في المستقبل، على غرار ما حدث في 7 تشرين الأول 2023 على مستوطنات غلاف غزة.

– إحداث شرخ بين الحزب وبيئته، إذ إن سكان المناطق الحدودية يعيشون قناعة بأن الحزب هو من أعادهم إلى قراهم بعد التحرير في عام 2000 والصمود في عام 2006، بينما اليوم يُعتبر المُتَسبِّب في تدمير منازلهم. غير أن هذا الهدف لن يتحقق وفق الخبراء العسكريين أنفسهم، لأن العلاقة بين هذه البيئة والحزب أقوى من هذه المحاولات.
– جريمة حرب
وفيما يطرح هؤلاء تساؤلات حول مشروعية اعتبار جميع المنازل في تلك البلدات أهدافًا عسكرية وتدميرها، ومعها مقومات الحياة بهدف منع السكان من العودة إلى قراهم، قالت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في بيان إن العملية العسكرية الإسرائيلية الرامية إلى إحداث منطقة عازلة على طول الحدود، وبمسافة تقدر بحوالي 5 كيلومترات من الخط الأزرق، تشكل جريمة حرب تتمثل في التدمير غير المبرر والممنهج للمساكن والأعيان العامة.

وأشارت الهيئة إلى أن “الجيش الإسرائيلي، مستخدمًا الغارات الجوية والجرافات والتفجيرات المتحكم فيها يدويًا، دمر المباني المدنية بشكل غير قانوني، وسوى أحياء كاملة بالأرض بكل ما فيها من منازل ومدارس ومساجد وكنائس ومزارات ومواقع أثريّة، إضافة إلى جرف الأراضي الزراعية وشبكات المياه ومحطات تحويل الطاقة ومحطات الطاقة الشمسية والآبار الارتوازية.”

وأعلنت الهيئة أنه “من خلال تحليل صور الأقمار الاصطناعية ومقاطع الفيديو التي نشرها الجنود الإسرائيليون على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر هؤلاء وهم يتهيأون لالتقاط الصور احتفالًا بالتدمير بينما تهدم البيوت في الخلفية.”

المصدر: النشرة