هل تؤدي تقديرات الموازنة إلى انهيار جديد لليرة؟
أقرّ مجلس الوزراء مشروع موازنة العام 2025 في جلسته المنعقدة بتاريخ 23 أيلول 2024، بعد مناقشات وملاحظات من الوزراء، وذلك بعد أن أحاله وزير المال يوسف خليل إلى الحكومة في نهاية شهر آب ضمن المهلة الدستورية. ورغم إقرارها في الحكومة وإحالتها إلى مجلس النواب، الذي يحتاج إلى إرادة سياسية لا يبدو أنها متوفرة، تواجه لجنة المال والموازنة مهمة صعبة لانعقادها.
تصف مصادر مالية واقتصادية الأرقام الواردة في الموازنة بأنها أرقام وهمية، لا سيما في ظل تداعيات الحرب المستمرة حتى اليوم. وتعتبر أن إقرارها بصيغتها الحالية سيؤدي إلى حاجة كبيرة للاستدانة، وهو ما لا يتوفر حالياً سواء من الداخل أو الخارج، ومن المتوقع أن يؤدي هذا الوضع إلى انهيار كبير في سعر صرف الليرة والقضاء على ما تبقى من ودائع.
تشير المصادر إلى أن الحكومة تفضل حتى الآن عدم استعادة الموازنة، حتى لا تخسر إمكانية إصدارها بمرسوم في نهاية شهر كانون الثاني، في حال لم يتمكن المجلس النيابي المعطل من مناقشتها. ووفقاً للمادة 86 من الدستور، إذا لم يبت المجلس في مشروع الموازنة قبل انتهاء العقد المحدد لدرسه، يمكن لرئيس الجمهورية بالتعاون مع رئيس الحكومة دعوة المجلس لعقد استثنائي يستمر حتى نهاية كانون الثاني لمتابعة دراسة الموازنة.
إذا أقدمت الحكومة على إصدارها بمرسوم، فإن النتيجة ستكون مماثلة من حيث التداعيات، إذ ستؤدي إلى الاستدانة والانهيار، لأن الصرف لن يقابله واردات كافية للخزينة لتنفيذ اعتمادات الموازنة. من هنا، تلفت المصادر إلى خيارين: إما أن تستعيد الحكومة الموازنة لإعادة النظر في أرقامها من حيث الواردات والنفقات، أو يتم دراستها في لجنة المال والموازنة وتعديلها وفق المعطيات المالية الجديدة.
وفي ظل انهيار الواردات من كافة القطاعات بسبب الحرب، يبقى التساؤل حول كيفية إعداد موازنة مع شبه انعدام للواردات. وتنفي المصادر عدم وجود إيرادات، مشيرة إلى أن هناك إيرادات تُحصّل يومياً مثل ضريبة القيمة المضافة، والرسوم الجمركية، والعقارية، وضريبة الدخل وغيرها، لكنها أقل مما كان متوقعاً، مما يستدعي ضرورة التصحيح.
تقدّر الحكومة واردات مشروع موازنة العام 2025 بقيمة 445.214 مليار ليرة لبنانية، مقابل واردات مقدّرة في قانون موازنة العام 2024 بقيمة 308.435 مليار ليرة، أي بزيادة قدرها 136.779 مليار ليرة ونسبتها 44.35%. وتعتبر المصادر أن هذه التقديرات خيالية في ظل الوضع الراهن، إذ وُضعت قبل العدوان الإسرائيلي الموسع الذي انطلق بعد عملية البيجرز، مما يجعلها غير قابلة للتطبيق اليوم.
تتخوف المصادر من إصدار الموازنة باعتمادات عالية، والتصرف في موضوع الصرف بشكل استنسابي وبدون معايير. ومن المتوقع أن تتعرض الحكومة لضغوط من النواب لاستعادة الموازنة وإعادة النظر في الأرقام.
في اتصال مع رئيس لجنة المال والموازنة، النائب إبراهيم كنعان، قال: “أتابع الموضوع مع المعنيين، وهناك إقرار من معظمهم بضرورة إعادة النظر بأرقام الموازنة كما أقرتها الحكومة، لكن علينا الاتفاق على الوسيلة الأنسب لتحقيق ذلك في ظل الأوضاع الصعبة الراهنة”.
المصدر: ليبانون ديبايت