كيف يُؤثّر إنتخاب ترامب أو هاريس على وقف إطلاق النار في لبنان؟
كيف يُؤثّر إنتخاب ترامب أو هاريس على وقف إطلاق النار في لبنان؟
مع الوصول الى موعد الإنتخابات الرئاسية الأميركية التي جرت أمس الثلاثاء في 50 ولاية، وتداخل فيها الصوت العربي الذي أثّر على نتائج بعض الولايات المتأرجحة فيها، يجري التساؤل حول ما سيكون عليه الوضع الأمني في لبنان مع الإدارة الأميركية الجديدة. فهل سنذهب الى وقف لإطلاق النار خلال الفترة الفاصلة بين إعلان نتائج الإنتخابات، وحفل تسلّم الرئيس الأميركي الجديد مهامه في البيت الأبيض في 20 كانون الثاني المقبل، أم سيستمرّ العدوان “الإسرائيلي” على الجنوب وسائر المناطق اللبنانية لأشهر أو حتى الربيع المقبل؟ وما الذي تريد الإدارة الأميركية الجديدة تحقيقه في لبنان والشرق الأوسط بعد الإنتخابات الرئاسية، أكان فاز بها الرئيس السابق دونالد ترامب أو كامالا هاريس؟
تؤكّد مصادر سياسية مطّلعة بأنّه من الصعب التنبؤ بدقّة إذا كان العدوان “الإسرائيلي” على لبنان سيتوقّف في غضون أسبوعين بعد الإنتخابات الرئاسية الأميركية، على ما قال “الإسرائيلي” كونه لا يتمكّن من التوغّل البرّي في الجنوب اللبناني، أم ستتسارع وتيرته بهدف تحقيق إنجاز ما. ولكن يمكن الحديث عن بعض العوامل الأساسية أبرزها: أنّ الأوضاع في لبنان والشرق الأوسط ستبقى محور اهتمام كبير بالنسبة للسياسة الخارجية الأميركية. فالأمر يتعلّق بـ “أمن إسرائيل” بالدرجة الأولى، وليس كرمى للشعب اللبناني أو شعوب المنطقة. وبغض النظر عن الفائز في الانتخابات، فمن المحتمل أن تسعى الإدارة الجديدة الى تحقيق أهداف معينة تتعلق بالأمن والإستقرار، والشراكات الاستراتيجية، وقطاع النفط والغاز في لبنان.
فعلى صعيد تحقيق الأمن والإستقرار في لبنان والمنطقة، إنطلاقاً من أنّ الإستقرار في لبنان يُعتبر عنصراً أساسياً للأمن الإقليمي، فبغض النظر عن هوية الرئيس الجديد، على ما أضافت المصادر، يبقى هدفاً مشتركاً خلافاً لما يعتقد البعض، ويتطلّب تعاوناً إقليمياً ودولياً. ولكن في حال فازت هاريس بالإنتخابات، يميل الكثيرون الى التأكيد بأنّها تودّ حلّ النزاعات في الشرق الأوسط بالأطر الديبلوماسية والحوار. وإذا تمكّنت من فرض “حلّ الدولتين” الذي تحدثت عنه، وخفض التوتّرات، فقد تسهم في تخفيف حدّة الصراع بين الحزب و”إسرائيل”. وقد تضغط إدارة هاريس على “إسرائيل” لتكون أكثر اعتدالاً في تعاملها مع لبنان، ما قد يُساعد في تقليل إحتمالات استمرار الحرب.
وفي حال فاز ترامب، فمن المحتمل أنّ تستمرّ إدارته في سياسة تعزيز الدعم الأميركي لإسرائيل بشكل قوي، ما قد يؤدّي الى تصعيد التوتّرات في لبنان والمنطقة. على أن يتضمّن هذا الدعم المزيد من المساعدات العسكرية والتعاون الاستخباراتي، ما قد ينعكس سلباً على موقف لبنان. ولكن ثمّة أمرين، وفق المصادر، قد يبدّلان موقف ترامب الشخصي من استمرار الدعم لـ “إسرائيل”:
– الأول: أنّ ترامب كرجل أعمال وإقتصاد، لن يُوافق على أن يستمرّ بتمويل هذه الحرب بمليارات الدولارات، والتي لن تعود على بلاده بأي إيرادات. ويُفضّل بالتالي تسيير قطاع النفط والغاز في البلوكات البحرية في لبنان، والإستثمار فيه.
– الثاني: أنّ حفيده المقبل سيكون لبناني الجنسية. ما قد يجعله يتعاطف إنسانياً مع اللبنانيين. فصهره الجديد المتزوّج من ابنته الصغرى تيفاني، أي مايكل بولس هو نجل مسعد بولس اللبناني الأصل، المسؤول عن حملة ترامب فيما يتعلّق بالشؤون العربية، وقد عمل على تأمين الصوت العربي أو الشرق أوسطي له، في ظلّ التضارب بين الصوت المسلم العربي الذي يعطي صوته غالباً للحزب الديموقراطي وفق المعلومات، والصوت المسيحي العربي الذي يُشكّل بين 65 الى 70 % من أصوات الجالية العربية، ويؤيّد بشكل كاسح أي بين 80 و85 % مرشّح الحزب الجمهوري. ورابط القربى هذا قد يمنع ترامب من ترك “إسرائيل” تتمادى في محاولة “حصارها” الجوّي والبحري والبرّي الذي تنوي فرضه على لبنان.
وتلفت المصادر الى أن ترامب بعث برسالة الى اللبنانيين مفادها أنّه سيسعى الى إنهاء الحرب بين لبنان و”إسرائيل”. ولكنّه أضاف عبارة “بشكل صارم”. أمّا رئيس الأركان “الإسرائيلي” فقال إنّه “خلال أسابيع نستطيع وقف العملية البريّة في لبنان”. غير أنّ كلامه هذا سبق وأن قيل في غزّة مرّات عدّة للتمويه، ولم يتحقّق حتى الساعة. في حين ذكر نتنياهو “أنّنا ننتظر رؤية من سيخلف الرئيس جو بايدن قبل الالتزام بأي مسار ديبلوماسي”. الأمر الذي أوحى بأنّه ذاهب الى حلّ ديبلوماسي. ومن الطبيعي أن يلجأ الى هذا الحلّ في حال خسر في الميدان أمام رجال المقاومة الذين لا يزالون يُقاومون بشراسة منذ أكثر من شهر.
وفي ما يتعلّق بمواجهة نفوذ إيران المتزايد في لبنان والمنطقة، فتقول المصادر بأنّ استراتيجية إدارة ترامب في هذا السياق ستكون ربما فرض عقوبات جديدة على الأفراد والكيانات المرتبطة بالحزب، الذي يُعتبر حليفاً رئيسياً لطهران. وقد تسعى أيضاً إلى تعزيز التحالفات مع دول الخليج العربي و”إسرائيل” لمواجهة هذا النفوذ. وترامب الذي خرج من الإتفاق النووي- الإيراني فور انتخابه في الولاية السابقة، ستتبع إدارته سياسة أكثر تشدّداً في التعامل مع إيران، ومع “أجنحتها” في لبنان والمنطقة، أي الحزب وحماس، ما قد يزيد من احتمالية المواجهات العسكرية. في حين أنّه من المحتمل أن تسعى هاريس الى إعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران، ما قد يؤدي إلى تخفيف التوترات في المنطقة. وإذا نجحت في ذلك، فقد ينعكس ذلك إيجاباً على لبنان، حيث يمكن أن يؤدي استقرار الوضع الإيراني إلى تقليل الدعم المالي للحزب والذهاب الى وقف إطلاق النار في المنطقة.
أمّا عن الإستراتيجيات الجديدة حول القضية الفلسطينية، فتجد المصادر السياسية بأنّ هاريس ستُشجّع على استئناف المحادثات بين الفلسطينيين و”الإسرائيليين”، من أجل تحقيق “حلّ الدولتين ، والتوصّل الى حلّ شامل في المنطقة. في حين يذهب ترامب الى إعادة إحياء “صفقة القرن”، أو النسخة المستحدثة من “الشرق الأوسط الجديد”. علماً بأنّ إعادة رسم خارطة المنطقة لن يكون بالسهولة التي يظنّها كلّاً من ترامب ونتنياهو في ظلّ عدم قدرة هذا الأخير على تفكيك المقاومة، أكان حماس في غزّة، أو الحزب في لبنان.
ويبقى هناك تفاوت في الإهتمام بين الإثنين حول عناوين أخرى مثل الأزمة الإقتصادية في لبنان، ومسائل حقوق الإنسان والإنسانية وتعزيز العلاقات مع الشركاء التقليديين في المنطقة، ودعم قطاع النفط والغاز، وأزمة اللاجئين السوريين والفلسطينيين في لبنان وغير ذلك .
المصدر: دوللي بشعلاني- الديار