الرئيس التوافقي “مش لبناني”

الرئيس التوافقي “مش لبناني”

سابقة هي أن يطمئن طرفا الصراع في لبنان أي محور المقاومة من جهة والمحور السيادي من جهة أخرى لنتائج الإنتخابات الأميركية التي عادة ما كانت تشكل فوزاً لطرف وخسارة لآخر. لكن فوز الرئيس “الجمهوري” دونالد ترامب بالرئاسة على حساب “الديمقراطية” كامالا هاريس، كسر القاعدة وبعث الإطمئنان في نفوس الطرفين، حتى بات يمكن القول إن ترامب هو “الرئيس الذي اتفق عليه غالبية اللبنانيين”.

كثيرة هي الأسباب التي جعلت من فوز ترامب إنتصاراً للجميع في لبنان، إذ تعوّل إيران وحلفاؤها في المنطقة وفي مقدمتهم حركة “حماس” و”الحزب” على وعد ترامب بوقف الحرب بعد فشل الإدارة الديمقراطية الحالية برئاسة جو بايدن بكبح جماح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ووقف عدوانه على غزة ولبنان ما خلّف دماراً وقتلاً وتهجيراً تخطى كل الحدود.

مهمة وقف إطلاق النار ليست بالمهمة السهلة كما يظن البعض، فحرب غزة مستمرة منذ أكثر من سنة، والحرب في لبنان لا تزال مشتعلة منذ أكثر من شهر. ورغم كل محاولات وقفها محلياً وعربياً وأميركياً، وحده بنيامين نتنياهو يسعى إلى استمرارها، وآخر أفعاله التي تؤكد ذلك هي استبداله لأبرز وزراء حكومته.

الفريق الآخر هلّل لفوز ترامب أيضاً، فهو على غرار محور المقاومة يريد وقفاً سريعاً لإطلاق النار خوفاً على لبنان الذي يتكبّد خسائر فادحة على كل المستويات، ويعلم هذا الفريق أن ترامب الصارم لن يرعى تسويةً سياسية كبرى تخدم إيران وحلفاءها.

ترامب نفسه يشكّل ارتياحاً للدول العربية والخليجية على اعتبار أنه لا يتهاون في الملف النووي الإيراني، عكس الإدارة الأميركية الحالية التي تراخت مع إيران كثيراً.

يقارب الجميع انتخاب ترامب ولكن كلٌ من منظار أمنياته. إلاّ أن النظرة الأكثر واقعية لما سيقوم به ترامب في ولايته الثانية هي التي ترتكز على تجربته السابقة في الشرق الأوسط خلال رئاسته الأولى، معطوفةً على مجموعة وعود أطلقها في حملته الإنتخابية الأخيرة، ليس أقلّها إنهاء الحروب في أوكرانيا وفي الشرق الأوسط. وصدقية ترامب في تحقيق وعوده أو السعي الجدّي لتنفيذها، تنطلق بشكل أساسي من شخصية صاحبة طموح جامح لا تقبل الخسارة وتسعى دائماً لإنجازات وانتصارات.

غير أن هذه التوصيفات لا تكفي لتحديد ما ستكون عليه سياسة ترامب المقبلة، ولعلّ أولى إشاراتها ستكون عند تحديد هوية فريق عمله للشرق الأوسط وتحديداً من سيكون مسؤول ملف النزاع بين إسرائيل ولبنان كبديلٍ عن آموس هوكشتين.

المصدر: محمد المدني – ليبانون ديبايت