لماذا يصرّ برّي على ترحيل الرئاسة “خلافاً لرغبة الأكثرية”؟
على رغم التناغم بين وليد جنبلاط والثنائي الشيعي إن عبر “الحزب” بداية ومن ثم مع الرئيس بري حيال رعاية النازحين وتأمين حاجاتهم الإنسانية والإغاثية لمواجهة أعباء النزوح، يتمايز جنبلاط عن الثنائي في شأنين أساسيين أحدهما يتصل بربط الساحة اللبنانية بساحة غزة، والآخر يتعلق بالاستحقاق الرئاسي حيث يؤمن جنبلاط بأن ليس هناك ما يبرر ربط انتخاب رئيس الجمهورية باتفاق وقف النار، كما يطالب بري.
تنبع دعوة جنبلاط إلى بت الاستحقاق الرئاسي من خشيته من إمكان أن تطول الحرب وتتقلص معها احتمالات التوصل إلى وقف لإطلاق النار بعدما سقط الاتفاق السابق بفعل رفض إسرائيل الالتزام به، علماً بأن بري الذي نعى بنفسه الاتفاق، لا يزال مقتنعاً بإمكان حصول خرق يعيد إحياءه. ما يبرر لبري هذا الاقتناع عدم توقف الاتصالات بينه وبين الأميركيين رغم الانشغال بانتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة، ذلك أن هناك مسعى أميركياً جدياً من الإدارة الحالية لإنجاز شيء ما قبل تسليم مقاليد الحكم إلى الجمهوريين، على نحو يعطي الرئيس الجديد دونالد ترامب إنجازاً يبدأ به عهده على مستوى السياسة الخارجية، ويحقق وعده للناخبين العرب بإنهاء حرب غزة ولبنان.
ولكن ما الذي يدفع بري إلى ربط الرئاسة بوقف النار، هل هذا يعود إلى عدم رغبة “الحزب” في انتخاب رئيس يُفرض عليه قبل أن تتبلور ملامح التسوية أو الاتفاق الذي سيلجأ إليه ترامب مع طهران؟ لا يمكن إغفال أن رئيس المجلس قدم تنازلات في الملف الرئاسي عندما تراجع عن ربط الانتخاب بجلسة حوار وطني، أو عندما اقترح جلسة واحدة بدورات متعددة لا جلسات، وعندما تبنّى الرئيس “الذي لا يشكل تحدياً” بعدما كان مصراً على التمسك بترشيح سليمان فرنجية. ولكنه اليوم ذهب إلى ربط الرئاسة بأمر لا يبدو أنه سيتحقق قريباً، ما قد يشير إلى أن بري مدرك أن لا رئاسة في الوقت الراهن، وأن الأولوية اليوم هي لوقف الآلة العسكرية الإسرائيلية وصولاً إلى تبيّن ما ستكون عليه سياسة الرئيس الأميركي تجاه لبنان ضمن الصفقة التي سيعقدها مع طهران.
لأوساط عين التينة قراءة مختلفة، إذ تعزو شرط بري إلى أسباب أمنية عسكرية في الدرجة الأولى، انطلاقاً من أن البلاد في حالة حرب، ونواب الحزب مستهدفون في شكل مباشر، وأي جلسة للانتخاب ستعرّض أمن هؤلاء، والرئيس بري ليس في وارد تحمّل مثل هذه المسؤولية.
أما على المستوى السياسي، فترى هذه الأوساط أن انتخاب رئيس من دون الاتفاق على سلة متكاملة حيال الحكومة لن يحقق الهدف المرجوّ منه، لجهة إعادة تكوين السلطة وإحياء عمل المؤسسات.
المصدر: سابين عويس -النهار