نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيليّة تقريراً جديداً قالت فيه إن سوريا تحاول تجنّب التورط المباشر في الحرب الدائرة في المنطقة، علماً أنها تعتمد على إيران وملتزمة تجاه روسيا في حين أنها تواجه حصاراً من الغرب وتهديداً من إسرائيل بالإضافة إلى وجودٍ لـ”الحزب” فيها.
وذكر التقرير أن المسعى الأساسي اليوم هو أن يبقى الرئيس السوري بشار الأسد في دائرة البقاء، أي في الاستمرار ضمن الحكم، مشيراً إلى أن سوريا كانت دائماً دولة غير عادية في “محور المقاومة”، لكن دورها حتى الآن لا يتواءم مع ما تتعرض له أطراف المحور خلال الحرب ضدّ إسرائيل.
ويلفت التقرير إلى أنّ “الحزب” “حماس” يقفان على خطّ المواجهة ضد إسرائيل بشكل مباشر، في حين أنّ إيران أيضاً دخلت في احتكاك غير مسبوق مع إسرائيل بينما الجماعات الشيعية في العراق وجماعة الحوثي في اليمن تساهم في المعركة بشكلٍ كبير.
وأردف: “في المقابل، فإنّ سوريا تكتفي بالدعم الرمزي لأطراف محور المقاومة وتسمح للإيرانيين والحزب وجماعات أخرى مؤيدة لطهران بالعمل من أراضيها وإطلاق الصواريخ كطائرات من دون طيار على إسرائيل ونقل الأسلحة إلى لبنان، لكنها في الوقت نفسه تتجنّب التدخل المباشر في الحرب”.
وأكمل: “في ضوء الضربات القاسية التي تعرض لها الحزب في الأشهر الأخيرة واحتدام الاحتكاك بين إيران وإسرائيل، يقولُ معسكر المقاومة إن الوقت قد حان لإظهار التزام سوريا بالنضال، ومن ناحية أخرى، فإن الواقع يفرض نفسه فسوريا تعاني من 13 عاماً من الحرب الأهلية، وجيشها منهك، واقتصادها مدمر، وهي تعتمد على قوى خارجية، وعلى رأسها إيران وروسيا. مع هذا، فإن الحكومة السورية تحكمُ جزءاً فقط من البلاد، بينما تسطير قوى أخرى والأكراد وبقايا تنظيم داعش على أجزاء أخرى من سوريا”.
واعتبر التقرير أنّ الاعتبار الرئيسيّ الذي يُحرّك الرئيس السوري بشار الأسد في الوقت الحالي هو “بقاء النظام”، ويضيف: “الوضع الاقتصادي في أدنى مستوى غير مسبوق، وهناك مسعى لاستعادة الجيش لكن قدراته لا تزال فقيرة وغير قويّة، فيما يركز الأسد على تعزيز الجماعات التي يعتمد عليها النظام. كذلك، يشجع الروس هذا النهج الحذر إذ يشعرون بالقلق من المخاطرة بأصولهم الاستراتيجية في الشرق الأوسط، فموسكو حساسة للغاية تجاه أي هجوم إسرائيلي على أهداف سورية”.
من جهته، يقول البروفيسور الإسرائيليّ إيال زيسر من جامعة تل أبيب إن “ما حدث للحزب مؤخراً في لبنان يُعزز لدى الأسد الإعتراف بأنه كان على حق بعدم التورّط في مع إسرائيل والاستمرار في سعيه للبقاء”.
لكن في المقابل، يشير التقرير إلى أن التحالف بين الإيرانيين والسوريين تعزز خصوصاً في أعقاب الحرب الأهلية التي عصفت بسوريا مطلع العام 2011، حيث بات يعتمدُ الأسد بشكلٍ جوهريّ على الإيرانيين، ويضيف: “لقد أحكمت هذه القوى قبضتها على البلاد من خلال مجموعة متنوعة من الوسائل منها إنشاء مؤسسات ثقافية ودينية تنشر الرؤية الإيرانية. أيضاً، ينتشر في سوريا نحو 3000 عنصر أمني في نحو 600 موقع”.
التقريرُ يزعم أيضاً أن “الحزب يشعر بالغضب لأن دمشق لم تهب لمساعدته في صراعه الصعب ضد إسرائيل، في حين أن التنظيم اللبناني قدّم المساعدة لنظام الأسد خلال حربه الأهلية”، ويتابع: “تقول أصوات في لبنان إن التجربة السورية للحزب تسببت في التأثير عليه عسكرياً ما جعله أكثر عرضة للخطر”.
كذلك، فقد رأى التقرير أن “نقاط الضعف في معسكر المقاومة غير مسبوقة، لكنها لم تخلق واقعاً جديداً تماماً في الشرق الأوسط”، وأضاف: “حتى الآن، لا تزال إيران قوة رائدة في المنطقة فيما لا يزالُ الحزب موجوداً. أما الأسد، فما زال محاطاً بأعداء لدودين في الداخل ويحتاج إلى معسكر المقاومة من أجل بقائه. مع هذا، فإنه من المشكوك فيه أن يوافق على التخلي عن تحالف استراتيجي قائم منذ نصف قرن، أو يستسلم بالكامل للقوى العربية والغربية التي تحاول إغرائه بالحوافز الاقتصادية، أو يلجأ إلى التسوية مع إسرائيل”.
وختم: “يمكن للأسد أن ينظر إلى الضربات التي تعرض لها الحزب على أنها فرصة لاستعادة موقعه في المنطقة، بما في ذلك في لبنان. وبالنظر إلى المستقبل، سيُطلب من إسرائيل التحرك ضد أي جهد من جانب إيران لإعادة تسليح الحزب، حتى لو تم ذلك عبر الأراضي السورية وبمساعدة عناصر في البلاد”.