الكشف أسرار شبكة استخباراتية وتحقيقات لبنانية في خفايا اختفاء القبطان أمهز

الكشف أسرار شبكة استخباراتية وتحقيقات لبنانية في خفايا اختفاء القبطان أمهز

في مشهد يكشف عن تعقيدات استخبارية متشابكة في  لبنان وسوريا، برزت قضية القبطان البحري عماد أمهز وآخرين متورطين في نقل الأسلحة من سوريا إلى لبنان عبر البحر. ويبدو أن دور دولة صديقة لكل من لبنان، سوريا وإسرائيل كان أساسيا في الكشف عن هذه المعلومات، حيث أبلغت السلطات للدولة الصديقة بالتحركات السرية لتجنّب ضربة عسكرية إسرائيلية كانت قد تهدد النظام في سوريا. ومع تزايد القلق من تصاعد التوترات الإقليمية، بدأت التحقيقات اللبنانية في عملية إنزال إسرائيلية غامضة جرت على الساحل  اللبناني الشمالي في محلة البترون، كشفت العديد من الأسئلة حول آلية تنفيذها والأهداف الكامنة وراءها.

كشفت التقارير الأمنية الخارجية، أن “الدولة الصديقة، التي تحافظ على علاقات جيدة مع الأطراف المتنازعة، هي من زوّدت اسرائيل بمعلومات دقيقة (معلومات تصنّف ذهبية) عن نقل الأسلحة عبر البحر. ورغم حساسية هذه المعلومات، فإنها جاءت لدرء خطر محدق بالنظام السوري، وتجنّب ضربات إسرائيلية مؤلمة وصاعقة كانت لتوجه للنظام السوري كجزء من التصعيد الإقليمي. ومع ذلك، فإن تفاصيل الدور الذي لعبته هذه الدولة الصديقة لم تتضح بشكل كامل، ما يفتح المجال لفرضيات متعددة حول أهدافها وأبعاد تدخلها في هذا الملف الشائك”.

بحسب التقارير الخارجية، “فقد تلقت السلطات الألمانية تحذيرات من الجانب الإسرائيلي حول عملية وشيكة على الساحل اللبناني الشمالي، لكن اللافت أن الألمان لم يبلغوا الجيش اللبناني بهذه المعلومات، ما أثار تساؤلات حول دوافع هذا القرار ومدى تأثيره على أمن البلاد. وبسبب غياب التنبيه، فشل الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية في اكتشاف فريق الكوماندوس الإسرائيلي في وقت العملية، كون اسرائيل تمتلك اجهزة تشويش واعماء للرادارات اللبنانية على طول الساحل اللبناني”

واوردت التقارير الخارجية “أحد الأسئلة المطروحة على طاولة التحقيقات والذي يتمحور حول ما إذا كانت إسرائيل قد أبلغت الولايات المتحدة بالعملية، خصوصا مع وجود قاعدة جوية في منطقة حامات اللبنانية يتواجد فيها خبراء أميركيون، والتي تقع على بعد عشرات الأمتار من موقع الإنزال الإسرائيلي. ولم يصدر أي تعليق رسمي من الجانب الأميركي حول علمه المسبق بالعملية أو عدمه، باستثناء تسريبات صحافية نفت علم واشنطن بالعملية، لكن هذه التساؤلات تزيد من تعقيدات القضية وتطرح شكوكا حول مدى التنسيق الأمني بين الأطراف”.

اكدت التقارير ذاتها “امتلاك الأجهزة الأمنية اللبنانية، ولا سيما فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، داتا ضخمة من الكاميرات الأمنية التي وثقت الكثير من التحركات في المنطقة المحيطة بالعملية. ولم يتمكن الإسرائيليون من مسح محتوى هذه الكاميرات، ما وفّر للجيش اللبناني وفرع المعلومات أرضية صلبة لتحليل البيانات ومعرفة الخطوات التي قام بها فريق الكوماندوس الإسرائيلي، والتحقيقات تجري الآن للوقوف على حقيقة ما جرى، ويتركز البحث حول ما إذا كان الإنزال البحري هو العنصر الوحيد في العملية أم أن هناك فريقا داعما على الأرض سبق الإنزال الإسرائيلي ومهّد له”.

اوضحت التقارير نفسها ان “المحققين اللبنانيين يواجهون تحديا يتمثل في تأخر اكتشاف اختفاء القبطان عماد أمهز ليومين بعد العملية، ما أتاح للجهات المحتملة المغادرة وإخفاء آثارها. هذا الفاصل الزمني أعاق التحقيقات بشكل كبير، حيث قد تكون العناصر المشاركة في العملية قد غادرت المنطقة بالفعل”.

اشارت التقارير الى ان “هذه التحقيقات المعقدة تتزامن مع جهود دبلوماسية تهدف إلى استعادة أمّهز وتسليمه إلى السلطات اللبنانية، حيث ينتظر أن يخضع للتحقيقات أمام القضاء اللبناني المختص. وبهذا، قد تكشف التحقيقات عن أبعاد جديدة للعملية الإسرائيلية وأهدافها الحقيقية، لا سيما في ظل تزايد التوترات الإقليمية. وتعمل الأجهزة الأمنية اللبنانية بجدية لكشف ملابسات هذه العملية، وسط تكثيف التنسيق مع الجهات المعنية، للوصول إلى الحقيقة وكشف الجوانب الخفية التي أحاطت باختفاء أمهز”.

ولفتت التقارير ذاتها الى انه “في ظلّ التوترات الأمنية والضغوط المتزايدة على  لبنان وسوريا، تُظهر هذه القضية مدى تشابك المصالح الدولية والاقليمية الاستخباراتية بين الأطراف المختلفة، ودور الدول الصديقة في تفادي التصعيد بين أطراف الصراع. الا انه يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن الأجهزة اللبنانية من كشف ملابسات هذه العملية بشكل كامل، ام ستضاف الى مثيلاتها التي لا يزال يكتنفها الغموض منذ سنوات؟”.