زعيم “سنّي” لمدة ساعتين فقط
طالما أن البلد يعيش لحظةً مفصلية على كل المستويات، وبما أن الحرب لن تنتهي إلاّ بتسوية كبرى تعيد إنتاج السلطة في لبنان، من المفيد أن يكون للطائفة السنّية الدور الكبير في التسوية، وهي التي تعيش فراغاً كبيراً بعد تعليق الرئيس سعد الحريري العمل السياسي وعدم وجود بديل من نفس حجم الحريري، يشكل مرجعية لعدد وازن من النواب السنّة.
قبل يومين، عاش الرئيس نجيب ميقاتي دور “الزعيم” لساعتين تقريباً، وذلك عندما التأم النواب السنّة في السراي بدعوة من ميقاتي نفسه بناءً على فكرة طرحها نائب صيدا عبد الرحمن البزري والتي حظيت بمباركة جميع النواب المشاركين.
في الشكل، يُعتبر هذا اللقاء فرصةً لتشكيل ما يسمّى “التكتل السنّي الكبير” لحجز مقعد “سنّي” على طاولة التسوية التي لم تتضح معالمها بعد. وإن كان معظم النواب يدركون أن هذا الأمر غير وارد على الإطلاق كونهم لا ينتمون لخط سياسي واحد ولكل منهم وضعه وظرفه وطموحه التي تتعارض مع الآخر.
المستفيد الوحيد من هذا اللقاء هو الرئيس ميقاتي الذي نجح في التقاط الصورة “السنّية” قبل توجهه إلى المملكة العربية السعودية لحضور القمة الإسلامية العربية. فهو يظن أن هذه الصورة تجبر المملكة على التعاطي معه كزعيم سنّي لديه شرعية “الصورة”، الصورة فقط.
أحد النواب الذي شاركوا في اللقاء، أكد أن لا أفق سياسياً لهذا الإجتماع، “فنجان قهوة ونقاش فقط”. وآخر لم ينفِ أن هدف الجلسة هو دعم ميقاتي قبل توجهه إلى السعودية وتعزيز وضعه لدى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وغيره يلمح إلى ضرورة عقد لقاءات سنّية دورية للحفاظ على اتفاق الطائف ومنع المس به تحت أي ظرف.
مهما تعدّدت الإستنتاجات حول الإجتماع السنّي والمكاسب الآنية منه، انما هذا لا يغيّر واقع غياب اللاعب السنّي عن التسوية القادمة وخاصة جانب الرئاسة منها في غياب زعامة فعلية تصبح ممرّاً إجبارياً لها. فعلى أهمية موقع رئاسة الحكومة في إدارة شؤون البلاد وتصريفها إلاّ أنه ليس للرئيس ميقاتي دوراً حقيقياً فيها عندما يأتي حينها، أمّا بالنسبة للمملكة العربية السعودية فرغم أن الجميع يحفظ لها ضمناً مكانها الأساسي في التسوية، إلاّ أنها لن تتمكّن من ترجمة هذا الإمتياز إن لم يكن لديها زعامة سنّية ترتكز عليها على غرار المرحلة الذهبية لنفوذها الذي عاشته في زمن الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
لا شكّ أن لبنان مقبل على تغيير كبير على الساحة السياسية بعد انتهاء الحرب مع تحوّل كبير عند المكوّن الشيعي بعد رحيل السيد حسن نصرالله، وخلط أوراق متزايد في الساحة المسيحية بعد انكفاء زعامة ميشال عون والفشل الذريع لوريثه في تعويضها، إلاّ أن الثغرة الأكبر تبقى في الساحة السنّية حيث لا وضوح إطلاقاً لما سيحلّ بها طالما لم ينتهِ “الإقصاء القسري” للرئيس سعد الحريري وطالما لم تفرز الساحة السنّية زعامةً أخرى.
المصدر: محمد المدني – ليبانون ديبايت