حول التفاوض… جنبلاط يتحدّث عن وضع الحزب قبل وبعد إغتيال السيد

حول التفاوض… جنبلاط يتحدّث عن وضع الحزب قبل وبعد إغتيال السيد

صرح رئيس حزب “التقدمي الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط، اليوم الثلاثاء، عما إذا كان حول رأيه بأن الحرب طويلة، قائلاً: “من قال إن الحرب ستتوقف، باستثناء بعض الشائعات التي نسمعها من هنا وهناك حول وجود مفاوضات، لم أسمع شيئاً جدّياً في هذا الشأن، وليست لديّ معطيات بأن الحرب ستنتهي قريباً”.

وعن كون الانتخابات الأميركية عنصراً مستجدّاً، قال: “ماذا تغيّر؟ برأيي لا شيءَ مهم”.

وحول المخرج من الوضع الحالي، رأى جنبلاط، في حديث لجريدة “الأخبار”، أن “هناك أمر أساسي ومهم. قبل اغتيال السيد حسن نصر الله كانت هناك فرصة للتحاور بين حزب الله وبعض اللبنانيين بشكل مباشر. أنا كنت أحاوره بالواسطة عبر (رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب) وفيق صفا. كان السيد نصر الله يتمتع بالحد الأدنى من التفهّم لوضع لبنان ووضع الجنوب. بعد 27 أيلول، عندما قتله الإسرائيليون، تغيّر كل شيء. لم يعد هناك محاور محلي، ولبنان اليوم ساحة لحرب مفتوحة بين الجمهورية الإسلامية في إيران وإسرائيل. أذكّر بأنه أيام السيد حسن، وهذا مهم، أنجز الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي ترسيم الحدود البحرية، ثم حاول الرئيس بري، خصوصاً عبر آموس هوكشتاين، ترسيم الحدود البرية وحل مسألة النقاط الـ 13. هنا أذكّر أيضاً بأن موقفي كان ولا يزال أن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا هي أرض سورية حتى هذه اللحظة، تُرسّم فقط بين الدولتين اللبنانية والسورية عندما يقبل الفرقاء من الجهتين. أقول ذلك لأشير إلى أننا لا نعرف من نحاور اليوم، وأرى أنه بعد اغتيال السيد نصر الله أصبحت الحرب مفتوحة”.

وعما إذا كان حزب الله قد أصبح من دون قيادة، أوضح: “برأيي أن المحاوِر الذي كان يفهم لبنان لم يعد موجوداً. اليوم، قال محمد عفيف أنهم لم يسمعوا بمفاوضات. أنا يمكن أن أقول ذلك لأنني بعيد عن المفاوضات، أما هو فينطق باسم حزب الله. في رأيي أن الأفضل أن نحاور الجمهورية الإسلامية. وبالمناسبة، طلب مسؤول في الجمهورية الإسلامية الإيرانية لقائي قبل حوالي ثلاثة أسابيع، لكنني رفضت”.

وعن السبب، ذكر جنبلاط: “لست مستعداً لذلك طالما أن الجمهورية الإسلامية تعتبر لبنان ساحة مفتوحة للصراع أو للحرب بالواسطة مع الولايات المتحدة وإسرائيل. كفانا حروباً بالواسطة، منذ أيام الفلسطينيين مروراً بأيام النظام السوري”.

وحول قيام الحزب بإعادة تنظيم وضعه الداخلي، ووإعادة التواصل مع بقية الأحزاب والقوى، وبشأن التواصل مع حزبه، قال: “هناك تواصل بين نواب اللقاء الديموقراطي والنائبين حسن فضل الله وأمين شري حول موضوع النازحين فقط. في الموضوع السياسي العام، ليس هناك تواصل”.

وعن تحميل إيران المسؤولية، رغم حجم العدوان وما يعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن هدف الحرب تغيير وجه المنطقة، وكون هذا مخطط إسرائيلي معدّ مسبقاً، أوضح جنبلاط: لم أغيّر رأيي في ما يتعلق بالعنوان الإسرائيلي، ولا في النظرة التوراتية التي يمارسها الإسرائيليون اليوم تجاه الفلسطينيين في غزة والضفة وشرق الأردن. ما من أحد في إسرائيل منذ أيام بن غوريون حتى يومنا هذا اعترف يوماً بالواقع الفلسطيني أو بالهوية الفلسطينية في الضفة. ظنّ بعض العرب، ومنهم ياسر عرفات، بأن إسحق رابين رجل سلام. ما أراده رابين هو تسوية الصراع مع سوريا وليس مع الفلسطينيين. في الأدبيات الصهيونية، ليس هناك شيء اسمه فلسطين في فلسطين أو في الضفة الغربية. بعضنا، إما عن جهل أو نتيجة تسوية كامب ديفيد، قبل بما يسمّى حلّ الدولتين. ولكن، فليقل لنا أحد أين ستقوم الدولة الفلسطينية اليوم؟ هذا غير موجود في الأدبيات الصهيونية. وحتى لو قبلنا بها نحن، على الأرض في الضفة الغربية نحو 600 ألف مستوطن. أيّ إدارة دولية أو أميركية قادرة على إخراج هؤلاء؟”.

وفي غضون هذه المطامع، وإمكانية وجود خيارات أخرى غير المقاومة، لفت جنبلاط، إلى أن “هناك الحدّ الأدنى من احترام الإرادة اللبنانية. هناك لبنانيون، ربما يمثلون نصف لبنان، مع تثبيت القرارات الدولية في الجنوب ومع نشر الجيش في الجنوب وضد استخدام لبنان مجدداً كساحة صراع مفتوح. رأيي قد يكون مختلفاً. أنا مع خطوات الرئيس بري بتثبيت الحدود. أذكّر هنا بأنه بعد عملية حماس في 7 تشرين الأول 2023، حرص السيد نصر الله في خطابه الأول على التمايز، وفهمت من الخطاب أنه لم يكن على علم بعملية حماس. في الخطاب الثاني، لم يتمايز وأصبحنا ساحة واحدة. كان جوابي بتصريحاتي العلنية وبالرسائل عبر وفيق صفا: حاولوا ألّا تجرّونا إلى الحرب”.

وحول عمل الحزب على مدى سنة تحت سقف احترام قواعد الاشتباك، أضاف، “صحيح، لكن كان هناك شخص كان يمكن أن يحافظ على قواعد الاشتباك ويحترم شيئاً من الحيثية اللبنانية. اغتاله الإسرائيلي وأطاح بكل شيء. لم يعد هناك من يستطيع أن يسيطر على قواعد اللعبة، وأصبحت الحرب مفتوحة. بغيابه فقدنا المُحاور، ولم يعد قرار المواجهة بالمطلق في لبنان”.

وعن إحتمال إمتداد الحرب إلى سوريا والعراق وإيران، قال جنبلاط: “أعتقد أن نتنياهو يتمنّى أن يجرّ الولايات المتحدة إلى حرب مع إيران. لا أعرف. كما أننا لا نريد أن نبقى أرضاً مفتوحة. أرفض استخدام إيران لبعض المجموعات العراقية أو للحوثيين في حربها مع إسرائيل. في لبنان، أنا ضد الجبهة المفتوحة ومع ترسيم الحدود وتثبيت الهدنة ومع إرسال الجيش الى الجنوب بعد تعزيزه. وأستغرب هنا الموقف العبثي لوزير الدفاع (موريس سليم) الذي يرفض تطويع الحدّ لأدنى من العسكريين”.

وعن الدور الأميركي والأوروبي في هذه الحرب، استطرد: فليتفضّل الأميركي الذي يقول أنه مع تطبيق القرارات الدولية. هل يمكن أن يطبّق وقف إطلاق النار ويمنع الاعتداءات على القوات الدولية ويسلّح الجيش بشكل جدي؟ طبعاً لا أقصد الأسلحة التي تضاهي ما تملكه إسرائيل لأنّ أحداً في العالم العربي لا يملك ذلك. لكن على الأقل الحدّ الأدنى من التسلح حتى تكون لدينا قوة تمسك الأرض في جنوب الليطاني وتساعد القوات الدولية وتثبّت اتفاقية الهدنة، مع تطويرها قليلاً، لأن هناك فارقاً بين اليوم وبين عام 1949. أما أوروبياً، فليس هناك أيّ تمايز باستثناء الموقف الفرنسي، لكنه قبل اتضاح الموقف الأميركي غير قادر على شيء. بقية الدول الأوروبية منحازة بالمطلق لإسرائيل، باستثناء من أيّدوا القضية الفلسطينية كالإيرلنديين والإسبان والبلجيكيين”.

وعما إذا كان الموفد الأميركي عاموس هوكشتاين سيزور لبنان، والرهان على ما يمكن أن يأتي به، قال جنبلاط: “لا أعرف. التقيته مرة واحدة. مهمته مع الرئيس بري، الذي أثق به ثقة كبيرة، وأنتقد من يتجاهلون دوره من بعض فريق الممانعة”.

وعن دور رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أشار إلى أن “دوره ممتاز”.

وعما إذا كان مع انتخاب رئيس للجمهورية قبل وقف إطلاق النار أم بعده، رأى جنبلاط، أن “الأولوية لوقف إطلاق النار. لكن هذا لا يلغي أهمية وجود رئيس كي تستكمل السلطة التنفيذية وكي يفاوض عن لبنان لأننا اليوم نفاوض بالوكالة، والبعض العبثي ينظّر علينا من بعيد”.

وحول اعتبار رئيس حزب “القوات” سمير جعجع أن لا مشكلة في انتخاب رئيس للجمهورية من دون حضور النواب الشيعة، رد جنبلاط: “أخالفه في هذا، وأنا على استعداد لمحاورته وحتى اللقاء به”.

واستكمل، “هذا موضوع ميثاقي وسياسي كبير لا علاقة له بالعدد”. ورداً على خشيته على اتفاق الطائف من مثل هذه الدعوات، قال: “ما من أحد “يفتح سيرة” الطائف”.

وحول اعتبار جعجع أن الإسرائيلي سيتكفل بالقضاء على حزب الله، ما يعني أفول الشيعية السياسية إلى جانب أفول السنّية السياسية بعد اعتكاف الرئيس الحريري، الأمر الذي يخلي الساحة له، قال جنبلاط: أنا مستعد لأن التقِيَه لأناقشه في الطائف إذا كانت لديه ملاحظات حوله. لا أحد يمكنه أن يلغي دور أيّ طائفة أو أيّ مكوّن. أما في ما يتعلّق بحزب الله، فالحزب لا يزال موجوداً، لكن نريد أن نعرف مع من سنتحاور. هل هناك أحد على الأرض، أم نتوجّه إلى إيران؟”.

وعن إحتمال الإنزلاق نحو حرب أهلية، أوضح: “لا لست خائفاً، لكن لا بد من أن يلتقي الجميع للتخلص من هذه المخاوف، وللاتفاق على ثوابت تقوية الجيش والأمن الداخلي والأجهزة الأمنية، والتصدي لبعض كبار المنظّرين إعلامياً حول الحرب الأهلية من كلتا الجهتين”.

وبشأن التمديد لقائد الجيش جوزاف عون، ذكر جنبلاط، “لا أفهم سبب كل هذه الضجة حول قائد الجيش. الرجل خدم الوطن وأمسك بالجيش بأفضل أداء. لماذا هذا الاعتراض عليه غير الأسباب الداخلية السخيفة؟”. وتابع، أنا راضٍ عن أداء قائد الجيش وأداء الجيش الذي يُستشهد منه عسكريون. هل سننتقد الجيش أثناء الحرب؟ هذا عبث وجنون!”.

وحول إنسحاب هذا الإطراء على ترشيحه لرئاسة الجمهورية، أشار جنبلاط، إلى أن “موضوع رئاسة الجمهورية يعود إلى طاولة الحوار عند الرئيس بري. لن أدخل في تسمية أحد في الموضوع الرئاسي. ويعود هذا الأمر على أيّ حال للقاء الديموقراطي”.

وعن تثبيت تعيين رئيس الأركان، قال: “طلبت ذلك، إلّا أنّ وزير الدفاع معارض. لكن رغم ذلك، لا مفرّ من تثبيت رئيس الأركان الذي يعطي وجوده حرية تحرّك لقائد الجيش”.