الحرب… من أكبر التحدّيات الصحية التي تنتظر لبنان مستقبلاً…
في البلدان التي تحترم نفسها وشعوبها (من حيث المبدأ على الأقلّ)، يمكن لحادث يحصل داخل مصنع لتصنيع بطاريات الليثيوم مثلاً، أن يستنفر الدولة بكل أجهزتها، والقوى البلدية والمحلية في موقع الحادث، وذلك من أجل القيام بكل الخطوات اللازمة، والتي من بينها إخلاء بعض الأحياء وأماكن السّكن إما بشكل كلّي أو جزئي، أو الطلب من المواطنين في أماكن أبْعَد بملازمة منازلهم لعدد معيّن من الساعات أو الأيام، أو بارتداء الكمامات، وذلك بموازاة بَدْء أخذ عيّنات لفحصها، ومعرفة كل ما يلزم بشأنها سواء على صعيد الهواء أو الغطاء النباتي، أو المياه، أو كل باقي التفاصيل.
أكبر تحدٍّ صحي
وأما في لبنان، فيمكن للبلد أن يتحوّل الى كتلة نار خلال وقت قياسي، من دون أن نجد مسؤولاً واحداً يقول لنا “صباح الخير” ولو على سبيل المعرفة، أي كمواطنين يحقّ لهم بأن يعرفوا، ويفهموا.
فمنذ أكثر من شهر ونصف تقريباً، يشهد لبنان أعنف موجات من الانبعاثات الكثيرة في أجوائه، بسبب الحرب الدائرة، التي هي قادرة على أن تشكل أحد أبرز التحديات الصحية والاستشفائية للبنان، ضمن مدى بعيد، وذلك بمعزل عن المدّة الزمنية التي قد تستغرقها.
النّفَس والجلد…
لفت النائب السابق الدكتور عاصم عراجي الى أن “بالنّسبة الى الروائح النّاجمة عن القصف، أكثر ما يمكنها أن تؤثر عليه هو الجهاز التنفّسي والجلد، أي التسبّب بتغيّر في النّفَس، وبأمراض جلدية. والتعرّض لتلك الغازات والروائح بشكل دائم قد يؤدي الى نوع من تصلُّب في القصبات الهوائية أو في الجهاز التنفّسي بشكل عام”.
وشدّد في حديث لوكالة “أخبار اليوم” على “وجوب نشر إرشادات أكبر وأكثر شمولاً وعُمقاً، تعلّم الناس كيف يجب أن يتصرّفوا الآن وفي المستقبل أيضاً. إذا أُصيب أحد بضيق في التنفّس، فبإمكانه أن يضع كمامة. ولكن الغارات المستمرّة منذ أشهر يمكنها أن تتسبّب بمشاكل في الرئتَيْن ضمن مدى بعيد. وهنا يُنصَح بوضع الكمامات في المناطق التي تشهد قصفاً مباشراً أو قريباً، خصوصاً خلال الساعات الأولى التي تلي عمليات القصف. هذا مع العلم أن الإصابة بالتصلّب في القصبات الهوائية، يمكنه أن يرافق المُصاب به مدّة طويلة”.
التوعية
وأكد عراجي أن “مساحات التوعية الإعلامية حول تلك الأمور يجب أن تكون أوسع ودائمة، وعلى وسائل الإعلام المرئية تحديداً. يقول البعض في لبنان أحياناً لا تُخيفوا الناس، ولكن هذا خطأ في مثل تلك الظروف والحالات، لأن الوقاية من بعض المخاطر يمكنها أن تجنّب الناس الكثير من الأذى في المستقبل”.
وختم:”يمكن لبعض الانبعاثات التي تحمل مواداً خطيرة أن تتسبّب بسرطانات في مدى بعيد. وبالتالي، من واجب المراكز العلمية الموجودة في لبنان أيضاً أن تقدّم أجوبة للناس بهذا الخصوص، وحول مدى التسمّم أو الأمراض السرطانية التي من الممكن لتلك الانبعاثات أن تسبّبها”.