هكذا عايدت مريم البسام فيروز !

وجهت محطة “الجديد” تحية لفيروز في عيدها ضمن تقرير في نشرة الاخبار المسائية بقلم مديرة الاخبار والبرامج السياسية مريم البسام.
وجاء في التقرير: لصوتها، تسعون نافذةً على الصباح،.. من هنا من هذا البيت بديت القصة وعمْرِتْ الضيعة. زقاق البلاط حيثُ دندنت صبيةٌ بصمت.. فدوّى صوتُها ارجاءَ الدنيا .احببناها “بارهاب” كما وصفها اُنسي.. وعوضّنا الله بها عن دولة تشبه الكذبة.

مسقَط ُ شبابِها هنا صار اقامةً دائمةً لنا، واصبح عاصمةً لجمهوريةٍ شيدت فيروز عِمارتَها مع الاخوين رحباني. عبَرَ صوتُها حروبا ونزاعاتٍ لبنانية، كنا نختلف على كل تفصيل الا على فيروز.. نناصبُ العِداء لبعضنا.. ونصادقُها وحدَها.. فهي السلام.. صبحية.. وكل ليلة عشية.
قالوا انها اعادت اختراع الينابيع، وإن حضورَها يتردد كالبشارة، وعند سقوط الدولة.. نستعيدهُا كسلطة حرة، كدستور، كنصاب مكتمل.. نلتجأ الى صوتها للاختباء من اصوات النار.
يرتفع مجدُها مع كل انهيار ودمار.. ومن بين كل الاغنيات لا نجد الاّها لنحتميَ بمجدِها.

تسعون عاما وهي تعيدُ انتاجَ وجودِها بينَنا، رافضةً المغادرةَ حتى عندما “سكروا الشوارع وعتموا الشارات”.. فهي “غربة ” التي عادت الى جبال الصوان ” لتوفي الندر” وتحاربَ فاتكاً متسلطا.

ومع كل حرب اهلية وخارجية.. نغني اسمَها وندخل مدنَها طلبا للنجاة، فنجول في مدينة سيلينا ونزور دكانة هيفا وبوديب ونتنزه في كحلون وميس الريم ونطل على كفرغار ونضرب مواعيد الصبا في كفرحالا ونسهر تحت جسر القمر، ونقوم بزيارة رسمية الى مملكة سيرا قبل ان نعود عبر مفارق دارينا.

عصفورة شمسنا وافيائنا، انتخبناها ناطورةً لمفاتيحنا و نجمةً للكتبِ ونحن المجمتع المعادي لعمليات الانتخاب. صوتها.. يَسمعُنا قبل ان نصغيَ اليه، لكأنها تعرف اننا في محنة فتمد يدها لتنتشلنا كما انتشلت ختماً من بئر ملك.
في تسعينها.. كأنها ابصرت النور الان، لا فراغ معها وفي حضرتها، وعلى مسرحها نعيش الكذبة البيضاء.. ونصدق سحرَها ورجال الجان الطالعين من المحطة.. لا بل ونصدق ان تذكِرة السفر آتية.

هي وطن عشناه.. وقمر سهرناه.. وسطَيحات حمرا روادهُا بنات وصبيان وحكايات الجيران.. وضيعة وبلاد لها قوانين ودساتير.

رفضنا الحرب.. وصادقنا على شرعية فيروز التي يحكمها مختار وملك وامبراطور وخال يكبّر القصة ويحاكي الخيال.. اخترعت لنا الينابيع فمشينا بين جداولها.. صمدت فصمدنا.. تنقلت من الدبية الى زقاق البلاط فانطلياس والروشة و

بكفيا.. فكنا نسترق شرفاتها وضوء قنديلها.

وهي اليوم لاتزال على قيد البسمة والضحكة والروح المرحة.. ان سألتها: لو .. تجيب ارفض الرد على الاحتمالات واللو.. وتراقب من بعيدها القريب.. لبنانها الذي عمرته متل ما بدا.

ومن زقاق البلاط حيث البدايات.. تمر حرب ونار.. وينام المختار بين رمادها.. ويطل من هذا البيت.. صوت يرفض الموت.. يتمسك بان يظل طائرا.. يجتاز اقدارا واعمار.

المصدر: لبنان 24