ماذا لو تراجع فرنجية عن ترشّحه وسمّى قائد الجيش للرئاسة؟
بعدما تلقّى رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية اكثر من اشارة محلية وخارجية تشير الى صعوبة استمراره في مشوار ترشّحه وانتخابه، ولو ان قيادتي ثنائي حركة “أمل” و”حزب الله” لم تعلنا التخلي عن ترشيحهما له، اخذ نواب لدى الطرفين يعترفون في مجالسهم بصعوبة انتخابه من دون التسليم بخروجه من المعركة.
فهل يُقدِم فرنجية بعد تحليل هذه الوقائع وحجم الرفض الذي يواجهه على الإعلان انه اصبح خارج سباق الترشح، ويخرج على اللبنانيين ويشكر كل من سانده ووقف الى جانبه ويقول بعد سنة على الشغور الرئاسي انه لن يقف حجر عثرة في طريق هذا الاستحقاق ولن يبقى سنتين ونصف سنة على هذا المنوال من الفراغ في سدة الرئاسة الاولى بحسب ما مارسه وفرضه العماد ميشال عون قبل انتخابه وبدعم لا محدود من “حزب الله” آنذاك ولو اختلفت الظروف في البلد مقارنة مع اليوم وحالة كل واحد منهما؟
امام هذا المشهد الواضح لا تقول الحلقة المقربة من الزعيم الزغرتاوي انها سلّمت بالخروج من سباق الترشح مع معرفتها ان وضعه لا يشبه التوقيت الذي تبنّى فيه الفرنسيون ترشيحه وقيامهم بأكثر من محاولة منذ اكثر من سنة وبتدخل مباشر من الرئيس ايمانويل ماكرون لدى الكتل النيابية في الداخل، فضلا عن مساعيهم لدى اعضاء “المجموعة الخماسية”. وامام هذا الوضع الذي لا يدعو الى الاطمئنان عند مؤيدي فرنجية اخذوا “يفكرون” بإمكان إقدام الرجل الذي لا تنقصه الشجاعة الادبية والسياسية ليصل الى قناعة بأنه لم يعد مرشحا. ولن يكون اول الموارنة الذين يصلون الى مثل هذه الخلاصة او تجرّع هذه الكأس المُرة من عمّ والده حميد فرنجية (الذي نام رئيسا لتذهب الرئاسة في اليوم التالي الى كميل شمعون) الى العميد ريمون اده وما بينهما من اسماء كانت على قدر عال من حيث القماشة السياسية اكثر من كثيرين حلّوا في رئاسة الجمهورية. ولا يغيب عن البال هنا التدقيق جيدا في صراعات الموارنة ومنافساتهم للفوز باحتلال المنصب الاول في الدولة مع فارق انهم لم يعودوا أسياد هذه اللعبة بعد اتفاق الطائف، ومع الاعتراف بان عون كان الاقوى تمثيلا في صفوف المسيحيين من بين كل الذين تم انتخابهم.
كثر ينتظرون لحظة اتخاذ فرنجية مثل هذه الخطوة ليبني عليها كل طرف حساباته الجديدة من الشيعة الى غيرهم من الافرقاء حيال هذا الاستحقاق. واذا خرج فرنجية من المنافسة فلن يغادر بالطبع حلبة الانتخابات وستكون له بالفعل جملة من المطالب من “حزب الله” اولا من الاسم الذي سيعمل على تزكيته في انتخابات الرئاسة على المستويين الحكومي والنيابي المقبلين بعدما وصلت “لقمة الرئاسة” الى فمه مرتين، مع ملاحظة ان نجله النائب طوني فرنجية يقوم بدور تسلَّط عليه الاضواء.
ومن هنا تُطرح اسئلة في محيط “تيار المردة” بأنه في حال عزف فرنجية عن الترشح فيجب ألا يقف متفرجا ويعود الى عرينه في بنشعي، بل على العكس ثمة من يفكر من المقربين منه في أن يعمد على الفور الى اعلان انسحابه وتأييد قائد الجيش العماد جوزف عون رغم عدم وجود كيمياء بين الرجلين رغم محاولات التقريب بينهما من اصدقاء مشتركين.
وسيراجع فرنجية جيدا مذكرات عائلته السياسية الزغرتاوية وكيف ان جده الرئيس سليمان فرنجية تلقّى الدعم اللامحدود من اكبر زعماء الموارنة آنذاك اميل اده وكميل شمعون وبيار الجميل ولم يكونوا على ودّ سياسي مع الرئيس المنتخب والفائز بصوت واحد عام 1970 في وجه معسكر الرئيس فؤاد شهاب.
واذا اراد فرنجية الحفيد السير بخيار قائد الجيش فلا يمكنه اعلان دعمه قبل تنسيقه هذا الامر مع الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله، مع التذكير بأن النائب محمد رعد لم يُسمعه في زيارته الى بنشعي بأن الحزب قد تخلى عنه او سيتجه نحو قائد الجيش.
واذا ما أقدم فرنجية على هذه الخطوة من التراجع يكون قد وجه اكثر من رسالة الى الجهات المعنية في الداخل والخارج، وتتمحور على الشكل الآتي:
– يكون فرنجية قد وجه “ضربة سياسية” الى رئيس”التيار الوطني الحر” جبران باسيل الذي لم يوفر طريقة الا واستهدف من خلالها رئيس “تيار المردة”، الامر الذي يحرج “حزب الله” الذي سيفكر بدوره بعناية شديدة اذا اقترع نوابه لجوزف عون فسيكون قد أرضى فرنجية وأغضب باسيل. ويبني الاخير حساباته على ان فرنجية لم يعد في امكانه الحلول في بعبدا، الا اذا حصلت مفاجأة من العيار الثقيل رغم صعوبة تحقيقها بفعل تدخل إيراني – اميركي يفرض على معارضيه على الاقل تأمين نصاب جلسة الانتخاب.
واذا سار فرنجية بجوزف عون فـ”سيحشر” قوى مسيحية لا تلتقي مع باسيل في مقدمها “القوات اللبنانية” وحزب الكتائب الى نواب مسيحيين مستقلين يؤيدون قائد الجيش. ومن هؤلاء نائب زحلة ميشال ضاهر وغيره من اسماء مسيحية.
– في حال حصول هذا التبدل عند فرنجية و”انضمامه” الى المحور المؤيد لقائد المؤسسة العسكرية، يكون قد تلاقى مع خيارات مؤيدة للرجل من طرف اعضاء مؤثرين في “الخماسية”.
قبل انتخاب الرئيس ميشال عون تلقّى فرنجية اتصالا من الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند ظهر على شكل “تهنئة” له بالرئاسة التي لم تصل اليه. فهل يتلقى هذه المرة اتصال “اعتذار” من ماكرون؟
“النهار”- رضوان عقيل