ماذا يمنع من التمديد لقائد الجيش سنة واحدة؟
كتبت جوانا فرحات في “المركزية”: كل المؤشرات الميدانية والسياسة الدولية تؤكد أن حرب إسرائيل على قطاع غزة طويلة وانعكاساتها المباشرة على لبنان رهن التطورات في الميدان. من هنا يبرز دور المؤسسة العسكرية في الحرب الواقعة على الجبهة الجنوبية في حال تطورت واتسعت رقعتها. إلا أن التعويل على الجيش لن يدوم طويلا عند الوصول إلى تاريخ العاشر من كانون الثاني المقبل وهو الموعد المحدد لإحالة قائد الجيش العماد جوزاف عون إلى التقاعد. وعليه يصبح مصير المؤسسة العسكرية في أيدي القضاء والقدر في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان.
وما يزيد الوضع أن معركة شد الحبال بين قائد الجيش العماد جوزاف عون، ووزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم، لا تزال على في حال كر وفرّ، ولا يزال سليم يرفض الموافقة على التمديد لقائد الجيش وملء الشغور في المجلس العسكري بذريعة امتناعه عن التوقيع على ما هو مطلوب منه في غياب رئيس الجمهورية.
لكن وكما هو معلوم، فإن تمديد الشغور الرئاسي إلى ما بعد إحالة العماد عون إلى التقاعد سيفتح الباب أمام توزّع الضغوط بين الداخل والخارج لإقناعه بوجوب إعادة النظر في موقفه لجهة القيام بكل ما هو مطلوب منه، لأن انتقال الفراغ إلى المؤسسة العسكرية يمكن أن يأخذ البلد إلى مكان آخر كونه المؤسسة الأم، وتشكِّل إلى جانب المؤسسات الأمنية الأخرى صمام الأمان لحماية السلم الأهلي والحفاظ على الاستقرار ومنع تدحرجه إلى مزيد من الانهيار.
إزاء هذه المشهدية وما حكي عن طرح رئيس مجلس النواب نبيه بري صيغة تقضي بالتمديد لقائد الجيش، وفي ما لم تُفلح الوساطة التي قام بها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لتأمين لقاء بين الوزير سليم والعماد عون في محاولة لإصلاح ذات البين بينهما، وسواها من المبادرات برزت أمس الاول زيارة وفد نيابي أورثوذكسي بامتياز مكتب وزير الدفاع في اليرزة ضم كلا من نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب والنواب أديب عبد المسيح وسجيع عطية وجميل عبود.
أجواء اللقاء كانت إيجابية وفق النائب سجيع عطية، “فالكل على دراية بدقة وخطورة هذه المرحلة وبالدور المنوط بالمؤسسة العسكرية. من هنا كانت الزيارة التي قمنا بها في الأمس للبحث في ضرورة إيجاد صيغة لحل مسألة الشغور في مركز قيادتي الجيش والأركان قبل انتهاء الموعد المحدد بـ 10 كانون الثاني المقبل وإلا يفترض تعيين البديل”.
لا شك أن الظروف التي تمر بها البلاد والمنطقة منذ 7 تشرين الأول الجاري قلبت كل المقاييس وبدلت من بوصلة الأولويات. فلا شيء يعلو صوت المدفع وهاجس توسع رقعة الحرب المشتعلة في قطاع غزة وعلى الجبهة الجنوبية لتشمل لبنان. إنطلاقا من ذلك يقول عطية “المطلوب إيجاد حل لملء الشواغر في المؤسسة العسكرية ولا شيء يمنع من العمل بقرار التمديد لقائد الجيش لمدة سنة واحدة في ظل هذه الظروف، على أن يتم تعيين رئيس الأركان ومدير التفتيش العسكري.بدنا نتكيف مع الواقع”.
الصيغة التي حملها بو صعب بموافقة ضمنية من الرئيس بري وعرضها مع النواب على سليم كان لها الوقع الإيجابي بحسب عطية “طالما ليس هناك بديل وطالما أن مهلة إحالة العماد عون إلى التقاعد شارفت على النهاية فماذا يمنع من التمديد له سنة واحدة؟”.
ويلفت إلى أن سليم أبدى إيجابية كما بدا من أجواء اللقاء وقد أكد أمام النواب “أنه على تواصل مع قائد الجيش وهناك محاولات لإيجاد فتوى لا تمس بالأصول الدستورية في النهاية عندما تكون النيات طيبة لا شيء يبدو مستحيلا”.
بالنسبة إلى رئاسة الأركان يقول عطية إن هناك إصرارا من قبل “إخواننا الدروز على تعيين رئيس أركان درزي لكن الخلاف اليوم يدور بين الأقدمية والطائفية. فالوزير سليم يسير بحسب الأقدمية في ما يصر قائد الجيش على أن يكون رئيس الأركان من الطائفة الدرزية”.
نضع كل هذه المعايير والصيغ المطروحة جانبا لنسأل عن موقف النائب باسيل الذي لا يوفر مناسبة إلا ويسمي قائد الجيش في إطار الهجوم وكيل الإتهامات”، حتما هناك جدلية واسعة ولا نعلم إذا كان سيوافق على هذه الصيغة لكن على الأطراف السياسية أن تتنازل قليلا لتمرير هذه المرحلة الصعبة”.
خلال جولاتهم الدبلوماسية نقلت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مخاوف بلادها العميقة من تحول جنود بلادها العاملة في “اليونيفيل” الى قوات معادية، كما عبّر الجانب الالماني ايضا عن قلقه من التطورات المتسارعة وقد نقل وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس هذا الامر خلال زيارته الى بيروت حيث لفت إلى “أن خفض أو سحب قوات “اليونيفيل” سيكون إشارة خاطئة في هذا التوقيت”. فهل خوف الدول مؤشر لما يمكن أن يكون عليه الوضع على الحدود الجنوبية؟
“نحن أمام مجرم شرس ولا نستبعد أن يسعى إلى تدمير البشر والحجر لاستعادة هيبته الدولية ولن يكون ذلك إلا على دماء الأبرياء وتوسيع رقعة الحرب ربما. من هنا ضرورة أخذ كل الإحتياطات علما أن حزب الله لا يزال يقاتل وفق قواعد الإشتباك إلا إذا قررت إسرائيل توسيع رقعة ضرباتها. لكن حتى الآن لا قرار ولا نية بسحب قوات اليونيفيل من الجنوب”، يختم عطية.