“إشتباك بالمراسلة” ونكدٌ سياسيّ… فمتى يفتح باب التعيينات العسكرية؟
أعطى اندلاع «اشتباك بالمراسلة» بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الدفاع موريس سليم انطباعاً بأنّ قنوات التواصل باتت مقطوعة نهائياً حول ملء الشغور في ثلاثة مراكز في المجلس العسكري (رئيس الاركان ومدير الادارة والمفتش العام)، لكن جوهر الامر ان الطرفين أبديا استعداداً ضمنيا لملء الشغور بحسب الاصول القانونية عبر اقتراح وزير الدفاع التعيين، وهو المرتقَب في حال صَفت النيات، وأسفرَت الاتصالات والمساعي التي يقوم بها وليد جنبلاط خصوصاً مع القوى السياسية وبخاصة مع تيار «المردة» عن نتائج إيجابية، حيث أوفدَ أمس النائب وائل ابو فاعور ومستشار رئيس الحزب الاشتركي حسام حرب الى النائب طوني فرنجية للبحث في ملف رئاسة الاركان.
ولذلك تبقى مسألة موافقة التيارات المسيحية على مبدأ التعيين في مجلس الوزراء في ظل الشغور الرئاسي معلّقة الى حين التوافق، وهو أمر كان مرفوضاً، وقد يصبح مقبولاً مثلما كان «تشريع الضرورة» في مجلس النواب مرفوضاً واصبح مقبولاً لتأخير تسريح قائد الجيش! وقد يتطلّب الحل موافقة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على طرح «التيار الوطني الحر» بأن يوقّع جميع اعضاء الحكومة مرسوم التعيين وكالة عن رئيس الجمهورية، او موافقة «التيار» والقوى المسيحية الاخرى على توقيع ثلثي اعضاء الحكومة لتنتهي المعضلة. وتبقى العبرة في تجاوب الطرفين وفي التنفيذ وتجاوز العقبات و»الفيتوات» السياسية والاجرائية.
ومما جاء في كتاب ميقاتي الموَجّه امس الى وزير الدفاع موريس سليم حول ملء الشغور العسكري: «انّ الوزير لم يفصح في رده على الكتابين الاولين لرئيس الحكومة منذ تشرين الأول الماضي في شكل عملي وواضح ما هي الاجراءات او التدابير الواجب اتخاذها في السياق المعروض». اضاف: «ونظراً لكون الشغور في ثلاثة مراكز في المجلس العسكري، رئاسة الاركان والمديرية العامة للإدارة والمفتشية العامة، يتزامَن مع الظروف الامنية الاستثنائية والدقيقة التي يمر بها لبنان والمنطقة برمّتها وتزايد وتيرة النزاع وتوسّع دائرة الخطر، ونظراً الى انّ سد الشغور هو من الامور الضرورية التي يفرضها مبدأ استمرارية الدولة… ومع الاشارة الى انّ الشغور في شكله المعروض تنتج منه تداعيات خطيرة على المؤسسة العسكرية ويُرتّب مسؤوليات تطاول الحكومة ورئيسها الذي يصبح مسؤولا عن اي تقصير من وزير في حكومته.
وعليه، وحفاظاً على المؤسسة العسكرية وحرصاً على انتظام عملها، وضماناً لدرء التهديدات المحدقة التي تواجهها في ظل الظروف الراهنة. يطلب اليكم وبالسرعة القصوى رفع الاقتراحات الواضحة وتحديد الاجراءات العملية لسد الفراغ في المراكز الثلاثة الشاغرة في المجلس العسكري، وبخاصة مركز رئيس الاركان ليُبنى على الشيء المقتضى المنشود».
وجاء في رد سليم على ميقاتي: «بما انّ اجتماع 18/10/2023 (بين ميقاتي وسليم) قد خلص الى إيجاد الحلول في قيادة الجيش، مع المؤسستين الرئيسيتين المعنيتين وايضا مع رئاسة الاركان، إنما بعد التفاهم السياسي الذي أشَرتم إليه في كتابكم المبيّنة تفاصيله. وبعد إقرار قانون رفع سن التقاعد لقائد الجيش في مجلس النواب، فإننا في انتظار نهائية وضع هذا القانون، نبقى جاهزين للعمل معكم على معالجة هذه المسألة».
ويعني كلام سليم انه سينتظر مصير قانون التمديد لقائد الجيش هل سيتم الطعن به؟ وهل سيتم قبول الطعن؟ وما هي البدائل التي سيتم طرحها في الحالتين؟ لكن لو أخذ المجلس الدستوري بالطعن وتم تعيين رئيس للأركان تنتفي مشكلة الشغور في قيادة الجيش بحيث يتسلّم رئيس الاركان بموجب قانون الدفاع الوطني مهمات القائد. وقد لا يأخذ به المجلس الدستوري كما فعل في تجارب سابقة تحت مقولة «تسيير المرفق العام».
لكن مصادر وزارية قالت لـ«الجمهورية» انّ تبادل الكتب بين ميقاتي وسليم «امر مقبول وايجابي ويدل الى تبادل حسن النيات، ونأمل ان يفتح باب التعيينات العسكرية. لكنه لا يكفي، إذ ان الحل يحتاج الى اتفاق سياسي غير متوافر حتى الآن نتيجة النكد السياسي اللبناني، فالمنطقة تغلي ونحن نتلهّى بزواريب القضيايا الخلافية. ومن دون اتفاق سياسي لا معنى لتبادل الكتب وحسن النيات إذ تبقى ضمن رفع العتب».
وأضافت المصادر: «الوزير سليم ينتظر مصير الطعن بقانون التمديد لقائد الجيش ليبني قراره في اقتراح اسماء لملء الشغور العسكري. ما يعني انّ القضية قد تطول ما لم يأخذ مجلس الوزراء الملف بيده بعد نضوج الاتصالات الجارية».
وقال مرجع سياسي بارز لـ«الجمهورية» انّ رئيس الحكومة ينتظر من وزير الدفاع ان يقدّم في اي وقت من الآن وحتى نهاية السنة المقترحات اللازمة للتعيينات العسكرية حتى يتم إقرارها في مجلس الوزراء، فإذا لم يُقدم على هذه الخطوة فإنّ ميقاتي سيُبادر الى اقتراح هذه التعيينات مطلع السنة الجديدة وطرحها في مجلس الوزراء لإقرارها.
المصدر: الجمهورية