اخبار محلية

مفاجآت عن “عالم البالة” في لبنان.. أسرارٌ لا تعرفونها من قبل!

نشرت منصة “بلينكس” تقريراً تحت عنوان: “عالم البالة” في لبنان.. منى تكشف أسرار “البيزنس الرائج”، وجاء فيه:

بمبلغ 500 ألف ليرة لبنانية، أي ما يعادل 5 دولارات تقريباً، باعت السيّدة اللبنانية منى برّو ثوب كشميرٍ أصلي داخل متجرها الخاص بالثياب الأوروبية المستعملة، والمعروفة بـ”البالة”، بمدينة صيدا جنوب لبنان.
السعر الذي وضعته منى على ذلك الثوب الفاخر يُعتبر “مُرضياً” لها رغم الأزمة الاقتصادية التي يمرّ بها لبنان، فـ”الزبونة” التي اشترت الثوب “حالتها على قدها” كما تقول، وعليه أرادت منى أن تجعل تلك القطعة من نصيب السيدة الزائرة للمتجر لأنها تريدها.

ما حصل في متجر “البالة” الخاص بمنى يتكرّر يومياً، فالمكان الذي تعمل فيه منذ سنوات يعد نموذجاً مصغّراً عن قطاع بيع الملابس المستعملة، الذي برز بقوة خلال الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان. فما هي الأحوال الحقيقية لهذا القطاع؟ ماذا تكشف منى عنه بعد مسيرة عمرها 30 عاماً في المجال المذكور؟ ما هي الخفايا التي لا يعرفها الكثيرون عن “البالة”؟
نضال من “الثياب”

أمضت منى 3 عقود بين الثياب المستعملة، سواء في متجرها الكائن في صيدا الآن أو في المتاجر الأخرى التي كانت تعمل ضمنها.
السيدة، البالغة الآن من العمر 58 عاماً، شقت طريق نضالها من “كار البالة”، فاستطاعت من خلاله شراء منزل في بلدة عنقون، جنوب لبنان، وتمكنت من إعالة ابنتها بمفردها بعدما تُوفي زوجها قبل 30 عاماً حينما كانت تبلغ من العمر 28 عاماً.

في حديثها عبر بلينكس، تقول منى “صنعت نفسي بنفسي، ونزلت إلى سوق العمل وطبعت اسماً لي من أجل تربية ابنتي رشا. أفتخر بنضالي بين ملابس البالة، فبينها أتنفس وأعيش، ومنها أرى أحوال الناس وقدراتهم المادية، ومن خلالها اكتشفت مختلف شرائح المجتمع”.
أرباح طائلة

قبل الأزمة المالية التي بدأت في لبنان عام 2019، كانت منى تدير متجراً يتألف من طابقين في صيدا. خلال عملها هناك، كانت تعمل السيدة الخمسينية على شحن حاويات ضخمة من الثياب المستعملة عبر البحر.

هنا تقول منى لبلينكس “كنت أشتري الثياب من الدول الأوروبية عبر أشخاص أتعامل معهم هناك، وأقوم باستلام الحاوية من مرفأ بيروت.
بعد دفع كل الالتزامات الضريبية وغيرها، أقوم بنقل الحاوية إلى متجري، وهناك أقوم بفرز الثياب التي كنت أحصل عليها بالأطنان”.

تلفت منى إلى أنّ تكلفة الحاوية النهائية تشمل الملابس والشحن وأجرة العمال، وكانت تصل في الماضي إلى نحو 28 ألف دولار أميركي، موضحة أن هذا الرقم بدأ يتصاعد تدريجياً حتى باتت الحاوية الواحدة تحتاج إلى 45 ألف دولار.

الكلام هنا كله عن مرحلة ما قبل الأزمة، وتقول منى إن الأرباح كانت طائلة جداً، وتضيف “يومياً، كنت أجني نحو 1000 دولار أميركي من بيع الثياب المستعملة.
كنت ناشطة جداً في المجال والظروف الاقتصادية كانت جيدة أيضاً. كنت أستطيع بشكل مستمر شحن ملابس مستعملة من الخارج، وهذا الأمر مهم جداً من أجل الاستمرار بهذا المجال الواسع”.
ماذا عن واقع “البالة” بعد الأزمة؟

في حديثها تكشف منى عن أنَّ قطاع “ثياب البالة” تراجع كثيراً بسبب الأزمة المالية، وتضيف “الأسعار تأثرت بالدولار، كما أن دفع ثمن الثياب بات بالكاش وبالدولار.
كذلك، فإنّ الأرباح تضاءلت كثيراً ناهيك عن أنَّ الإيجارات التي تُدفع بالدولار الأميركي شهرياً”.
وتُكمل “قبل الأزمة، كانت السيدة تأتي إلى المتجر وتشتري لكل طفل لديها نحو 4 قطع من الملابس. أما اليوم وبسبب الضائقة الاقتصادية، باتت السيدة تشتري قطعة واحدة لطفلين.

تضيف: “الواقع صعب جداً والمعاناة أكثر تجذّراً بالنسبة إلى العائلات الفقيرة التي لا تستطيع حتى شراء ثياب من البالة”.
منى توضح أيضاً أنّ الأزمة جعلتها تستغني تماماً عن شحن البضاعة من الخارج، مشيرة إلى أنها باتت تتعامل مع تُجار في لبنان، وتقول: “لا قدرة مالية على شراء حاويات من الثياب المستعملة. من أجل الاستمرارية، بدأت أتعامل مع تجار محددين، علماً أن هؤلاء يضعون شروطاً معينة للبيع أيضاً، مثل إلزام المتجر بشراء كمية معينة من الثياب”.
وتلفت منى أيضاً إلى أنّ أزمة النازحين السوريين في لبنان أثرت على قطاع “البالة” كثيراً، مشيرة إلى أنَّ بعض النازحين اختار فتح متاجر لبيع الملابس المستعملة وبأسعار تنافسية جداً.

تضيف: “حينما كنت أبيع المعطف بـ20 ألف ليرة، كان السوري يبيع القطعة نفسها بـ5 آلاف ليرة. هناك عائلات سورية كانت تعمل وتسكن في المتجر نفسه، ويُعد هذا الأمر مناسباً لتلك العائلات من الناحية الاقتصادية، لكنه يدفعها إلى بيع الملابس بأسعار أقل تسهم في كسر السوق التي يحتاج إليها اللبناني بالدرجة الأولى”.
“البالة”.. بالأرقام

تشرح منى أنّ قيمة الملابس وأسعارها تختلف بحسب نوعية القماش، وبقدر ما تكون جديدة وغير مستهلكة كثيراً، وتضيف: “هناك ملابس ذات نوعية ممتازة وفاخرة. هنا، فإن سعر الرزمة من هذه الملابس يبدأ من 200 دولار ويتجاوز الـ300 دولار، علماً أن وزن الرزمة يصل إلى 45 كيلوغرام”.

تشرح: “المفارقة هنا هي أنّ التجار اليوم لا يسمحون للمتجر بالكشف على الملابس قبل شرائها، وما يحصل هو أن يجري تسليمهم الرزمة مقفلة، ويقال لهم إنها تضم ملابس فاخرة وجيدة، وفي أحيانٍ كثيرة يكون الواقع غير صحيح”.

تقول السيدة أيضاً، إن الملابس من الباب الثاني والثالث تباع أيضاً برزمٍ ذات وزن 45 كيلوغراما، موضحة أن قيمة الرزمة الواحدة في هذه الحالة تناهز الـ70 دولاراً تقريباً، وتضيف: “هنا، قد يلزم التاجر صاحب متجر البالة بشراء كميات من هذه الملابس، وفي حال حصل ذلك يقوم بتعديل الأسعار قليلاً، وفي معظم الأحيان يُصبح سعر الكيلو بـ1 دولار فقط”.

أسرار عالم “البالة”

خلال حديثها لبلينكس، تطرّقت منى إلى بعض الأسرار المرتبطة بمهنة “البالة”، فتشير إلى أن جميع الملابس التي تأتي من الخارج تكون معقمة لمدة 48 ساعة، كما يجري وضعها في برادات ضمن حرارة 40 تحت الصفر.
ad

كذلك، تُوضع أدوية خاصة للملابس من أجل الاحتفاظ برونقها، وكل هذه الأمور تُسلّم أوراق رسمية بها.

تلفت منى إلى أن هناك ملابس معروفة بـ”Cream”، موضحة أن هذه العبارة تعني القطع غير المستعملة سوى لمرة واحدة فقط، أو أنها آتية من متاجر قامت بتصفية بضاعتها في الخارج.

مع هذا، تقول السيدة، إنّ اختيار “البالة” يكون بناء على المنطقة، وتردف: “التجار يمكنهم اختيار شراء البالة من مناطق أرستقراطية، وهذا الأمر يعني أن الملابس فاخرة جداً وغير مستعملة كثيراً، كما أنها تكون بحالة جيدة جداً”.

زبائن “هاي كلاس”

لا تُخفي منى أنّ بعض الزبائن الذين يأتون إليها يخشون أن يراهم آخرون داخل المتجر بوصفهم من مستويات راقية اجتماعياً، وتضيف: “هناك زبائن يتباهون ويتفاخرون بالملابس التي يشترونها من البالة ويقولون إنها من الخارج. الأمور التي تحصل في هذا الإطار كثيرة وعديدة، وهناك من يعمل على شراء ملابس من علامات تجارية شهيرة من البالة، كي لا يدفع ثمنها باهظاً من أماكن بيعها ضمن المتاجر العادية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى