أمرٌ مهمّ جدّاً… لماذا تحدّث نعيم قاسم عن هذه النقطة؟
في آخر إطلالة له، تطرّق أمين عام “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم إلى ثبات مقاتلي “المُقاومة” في الميدان وإفشال التقدّم الإسرائيليّ في القرى والبلدات الجنوبيّة، كيّ لا تُحقّق إسرائيل أهدافها في لبنان. وأشار أيضاً إلى أنّ “الحزب” لا يزال يمتلك أسلحة كافية ووفيرة للإستمرار بالحرب، وشدّد مرّة جديدة على أنّ حسم المعارك سيُحدّد مصير المُفاوضات وفرض الشروط.
وبعد زيارته الأخيرة إلى بيروت، لفت آموس هوكشتاين إلى أنّ مُحادثاته كانت بناءة وجيّدة، غير أنّه اصطدم من جديد في تل أبيب بمطالب وشروط يُعارضها لبنان لأنّها تمسّ بأمنه وسيادته ووحدة أراضيه، علماً أنّ الموفد الأميركيّ أعلن في اتّصال مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي أنّ لقاءاته في إسرائيل كانت إيجابيّة.
واللافت بعد مُغادرة هوكشتاين لبنان والمنطقة أنّ إسرائيل صعّدت من عدوانها على البلدات والمدن اللبنانيّة وخصوصاً في الضاحية الجنوبيّة وصور والبقاع، وقامت باستهداف قلب العاصمة بيروت مرّة أخرى للضغط على “حزب الله” واللبنانيين والقبول بالشروط التي تضعها وفي مُقدّمتها المُوافقة على حريّة التحرّك وإبقاء جنودها في الجنوب لمدّة 60 يوماً في حال بلوغ أيّ إتّفاق، إضافة إلى عدم إشراك فرنسا في لجنة مُراقبة إتّفاق وقف إطلاق النار.
وهذه الشروط التي تضعها إسرائيل هي الأهداف التي تُريد تحقيقها من الحرب على لبنان، والتي يعمل “الحزب ” بكلّ قوّة في الميدان على إفشالها، لما لها من تداعيات خطيرة على “المُقاومة” وعلى البلاد بشكل خاصّ. فإذا نجح العدوّ بالوصول إلى الليطاني وأحكم سيطرته على البلدات الجنوبيّة الأماميّة، فإنّه سيفرض شروطه حكماً على “الحزب” وعلى الحكومة اللبنانيّة، ولن ينسحب من القرى التي سيحتلّها في جنوب الليطاني إلّا بالمُوافقة على مطالبه.
فالإنسحاب من الأراضي المُحتلة سيكون ثمنه نزع سلاح “الحزب” والتشديد على عدم تسلّحه وضمان حريّة الحركة الإسرائيليّة في الأجواء اللبنانيّة، وقد ينسحب هذا الأمر أيضاً على إعادة النظر باتّفاق الحدود البحريّة، وعدم التوصّل لحلّ في ما يتعلّق بمناطق الخطّ الأزرق المُحتلة.
وقبل إطلاق إسرائيل عمليتها البريّة في لبنان واغتيال قادة “حزب الله” كحسن نصرالله وهاشم صفي الدين وأبرز رجالات الصفّ الأوّل من قوّة “الرضوان”، كانت المُحادثات التي يقودها هوكشتاين مُتقدّمة لترسيم الحدود في البرّ، لكن الضربات التي تلقاها “الحزب” بعد 17 أيلول وبدء الجيش الإسرائيليّ عمليّته العسكريّة داخل الأراضي اللبنانيّة دفع بالعديد من المسؤولين في تل أبيب إلى التلويح برغبتهم بإلغاء إتّفاق الحدود البحريّة الذي أُنجِزَ قبل أكثر من سنتين، كذلك، انقلب الإسرائيليّون على تعّهداتهم السابقة في موضوع ترسيم الحدود البريّة.
وكما أعلن الشيخ نعيم قاسم، فإنّ الميدان وحده هو الذي سيُعيد هذه المكاسب إلى لبنان، وسيُفشل هدف إسرائيل بتوسعة حدودها البريّة والبحريّة وفرض شروطها على اللبنانيين. فنجاح عناصر “الحزب” بقصف الأراضي المُحتلة يوميّاً بأكثر من 100 صاروخ ومنع توغّل قوّات العدوّ في العمق اللبنانيّ سيُؤكّد أمرين: الأوّل إستمرار “الحزب” بالتزوّد وباستقدام السلاح وبإطلاق الرشقات الصاروخيّة وبُمهاجمة الجيش الإسرائيليّ داخل البلدات اللبنانيّة، والثاني عدم تحقيق تل أبيب لهدفها الأبرز وهو القضاء على ترسانة “المُقاومة”.
وإذا استمرّ “الحزب” بصدّ العدوّ، وأفشل هدفه في بلوغ الليطاني وبناء منطقة عازلة، فإنّ الضربات العنيفة الأخيرة التي تستهدف الأبنيّة السكنيّة والمدنيين في بيروت والضاحية الجنوبية والبقاع والجنوب رُبما تُؤشّر إلى اقتراب التوصّل إلى وقف إطلاق النار، ونجاح المساعي الأميركيّة بإنهاء الحرب في لبنان.
المصدر: لبنان 24