اقتصاد

مع ارتفاع تكلفة الشحن 537%.. أزمة غذاء بالأفق؟

المصدر: العربية

حدد محللون اقتصاديون 3 أسباب لارتفاع وشيك في أسعار السلع والغذاء عالمياً خلال الفترة المقبلة، يتصدرها ظهور مؤشرات قوية على عودة النشاط الاقتصادي إلى النمو، وتوسع العديد من الدول في توزيع لقاح كورونا، وأخيراً استمرار الحكومات في تنفيذ برامج التحفيز الضخمة.

وقبل أيام، حذرت منظمة الأمم المتحدة من ارتفاع أسعار الغذاء في العالم بوتيرة هي الأسرع منذ أكثر من 10 أعوام. وفيما كشفت المنظمة الأممية عن ارتفاع مستمر في تكلفة الغذاء عالمياً على مدار الـ 12 شهراً الماضية، أشارت إلى تأثر التموين العالمي باضطراب الإنتاج واليد العاملة والنقل بسبب جائحة فيروس كورونا. كما أن هناك مخاوف من حدوث تضخم تعطل فيه تكلفة الغذاء العالية تعافي الاقتصاد العالمي.

رصد مؤشر منظمة الأغذية و الزراعة التابع للأمم المتحدة “فاو”، أسعار الأغذية في العالم، من بينها الحبوب والزيت ومشتقات الحليب واللحوم والسكر، وبين أن أسعار الأغذية سجلت ارتفاعا بنسبة 39.7% في مايو الماضي، وهو أكبر ارتفاع شهري لها منذ أكتوبر من عام 2010.

وفيما تتجه معدلات التضخم إلى الارتفاع عالمياً، ‎هناك العديد من الأسباب التي تقف خلف الارتفاع المتسارع لمعدلات التضخم في الاقتصادات الكبرى والعالم، والتي رصدتها دراسة حديثة لمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة. وقد جاء ارتفاع أسعار الطاقة ضمن أهم تلك الأسباب.

وبالنظر إلى منطقة اليورو، فإن ارتفاع معدل التضخم بها جاء مدفوعاً بزيادة أسعار مجموعة الطاقة، التي سجلت قفزة بمعدل 13.1% خلال شهر أيار الماضي، وهو أعلى معدل سنوي للزيادة مقارنة بكل مجموعات السلع الأخرى.

يعود الفارق الكبير في الزيادة في الأسعار بين الطاقة وباقي المجموعات الأخرى للسلع والخدمات في منطقة اليورو، إلى الارتفاع الذي شهدته أسعار الطاقة العالمية خلال الفترة الماضية، وعلى رأسها أسعار النفط، التي تجاوزت مستوى الـ70 دولاراً للبرميل لأول مرة منذ سنوات. وينطبق الأمر نفسه على الولايات المتحدة الأميركية والصين، حيث إن ارتفاع أسعار الطاقة هو متغير عالمي يؤثر في أسعار جميع السلع من دون استثناء.

فيما يرتبط ارتفاع أسعار الطاقة بشكل عام بعودة الأنشطة الاقتصادية إلى طبيعتها بشكل تدريجي حول العالم، وهو ما أدى إلى زيادة الطلب على مدخلات الإنتاج بما فيها الطاقة. كما أن عودة مواطني العديد من الدول، ولاسيما الدول الكبرى، وذات الكثافات السكانية الكبيرة، تدريجياً إلى ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، ساهم بدوره في زيادة الطلب على الطاقة عبر استهلاك المزيد من الوقود، هذا بجانب توسع هؤلاء المواطنين في الطلب على السلع الاستهلاكية، وهو ما غذّى بدوره الضغوط التضخمية.

يضاف إلى هذه الأسباب، استمرار الحكومات في الإنفاق الكثيف على خطط التحفيز الاقتصادي، ولاسيما في الولايات المتحدة الأميركية ومن بعدها منطقة اليورو. وهذا الإنفاق يدفع بشكل مباشر نحو زيادة مستويات الدخل للعاملين في القطاعات التي تدعمها الحكومات، وهو ما يمثل زيادة في الدخل لا تقابلها زيادة في الإنتاج، بما يعني ضغوطاً تضخمية صافية.

وقالت الدراسة إنه من غير المتوقع أن تتوقف الضغوط التضخمية العالمية عند مستواها الحالي، في ظل استمرار جميع المعطيات السلبية القائمة، بجانب إضافة أسباب جديدة لها، يمكن أن تدفع نحو أزمة تضخم عالمية غير مسبوقة. ويأتي على رأس الأسباب الجديدة ما تعيشه خدمات النقل والشحن البحري من ارتفاعات غير مسبوقة في الكلفة في الوقت الراهن.

وقد أظهرت بيانات حديثة لوكالة “بلومبرغ”، أن هذه التكلفة تزيد الآن بنحو 537% عن متوسطاتها في السنوات الخمس الماضية. وفي ظل كون 80% من التجارة السلعية العالمية يتم نقلها بحراً، فإن ذلك الارتفاع في التكاليف سيجلب معه زيادات جديدة ومتسارعة في أسعار جميع السلع.

وشددت الدراسة على ضرورة قيام الدول والحكومات بالبحث عن سبل غير تقليدية في التعامل مع تلك الأزمات، وأن تستبق الأمور للحيلولة دون تحول المقدمات الراهنة إلى موجة تضخم عالمية منقطعة النظير، قد تدفع الاقتصاد العالمي إلى أزمة مالية ونقدية تفوق في آثارها ما عاشه العالم، سواءً في ظل الأزمة المالية العالمية عامي 2008 و2009، أو الأزمة الناتجة عن جائحة كورونا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى