اخبار محلية

حقائق مرّة على اللبنانيين معرفتها عن الدعم!

المصدر : lebeconomy

مما لا شك فيه أن لبنان شكل نموذجاً فريداً لناحية الدعم الذي اعتماده منذ بداية الأزمة الإقتصادية وإنهيار سعر صرف الليرة اللبنانية.

فالدعم الذي بدأ في نهاية أيار 2020 وشمل المواد الغذائية والمحروقات والدواء والطحين للمخابز، كلّف مصرف لبنان من اموال الإحتياطي الإلزامي الذي يعود للمودعين ما يفوق الـ12 مليار دولار خلال 14 شهراً تقريبا.

اليوم، مع إنتهاء الفائض الإضافي من الإحتياطي الإلزامي لدى مصرف لبنان والذي يمكن استخدامه، اتخاذ الحاكم رياض سلامة قراراً بوقف الدعم عن المحروقات بعد ان كان اتخذ قراراً مماثلاً بالنسبة للمواد الغذائية وكذلك خفّض الدعم للدواء والمستلزمات الطبية، وقد واجه سلامة جراء هذا القرار معارضة شرسة من قبل فريقين أساسيين هما فريق رئيس الجمهورية حيث أبلغه اليوم رئيس الجمهورية اعتراضه على هذا القرار، وكذلك من قبل رئيس تكتل التغيير والاصلاح جبران باسيل الذي دعا الناس للنزول الى الشارع اعتراضاً على قرار حاكم مصرف لبنان، وكذلك اعترض في هذا الإطار رئيس حكومة تصريف الاعمال وحزب الله الذي اعتبر ان هذا القرار مجحف بحق اللبنانيين وخصوصاً خلال الأزمة المعيشية والحياتية التي يمر بها الشعب اللبناني.

وفي هذا الإطار، وإنطلاقاً من الموضوعية والمنطق العلمي الذي يعتمده موقعنا leb economy لا بد من الإضاءة على الحقائق الآتية:

1- ان نموذج الدعم المعتمد في لبنان يعتبر الأسوأ بين أمثاله حول العالم ، إذ يشوبه الكثير من الخلل لا سيما لجهة عدم وضع الدولة اللبنانية وأجهزتها آليات مشدّدة للرقابة على كيفية صرف الدعم، لضمان ذهابه مباشرة إلى الناس المحتاجة، وقد افسح ذلك المجال واسعاً للتهريب على نطاق واسع وكذلك للكثير من الهدر وتحقيق مكاسب هائلة من قبل بعض المستفيدين والمافيات على حساب الشعب اللبناني وعلى حساب المودعين في المصارف اللبنانية.

2- ان إقرار الدعم كان لفترة زمنية محدودة، إلى حين إقرار حكومة حسان دياب خطة إنقاذية شاملة والدخول في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وهو الجهة التي تضع وتقر برامج دعم إجتماعية لكن هذا لم يحصل. وكما يعلم الجميع ان هذه الحكومة وبدل ان تقر خطة إنقاذية قدّمت خطة كانت بمثابة خطة إفلاسية عندما إمتنعت عن دفع سندات اليوروبوندز. كما تلكأت حكومة دياب في إقرار البطاقة التمويلية التي من شأنها تمهيد الطريق أمام رفع الدعم كلياً.

3- لقد أبلغ حاكم مصرف لبنان منذ أشهر السلطات المعنية، لا سيما رئيس الجمهورية والحكومة ورئيسها حكومة وارسل كتباً الى وزير المالية ووزير الإقتصاد والتجارة ، بأن مبالغ المتاحة شارفت على النفاذ، وبالتالي دعاهم إلى التفتيش عن آليات أخرى جديدة لتدعيم الوضع الإجتماعي في لبنان. لكن هذا لم يحصل وإستمرت السلطة السياسية في المراوحة مكانها دون اي حلول، مستندة على أموال الإحتياطي الإلزامي مستغلين حاجات الناس الحياتية لفرض استمرار الدعم على حاكم مصرف لبنان.

4- مع نفاذ المبالغ التي يمكن إستخدامها من الإحتياطي الإلزامي للدعم، فإن حاكم مصرف لبنان وبحسب قانون النقد والتسليف لا يمكنه على الإطلاق إستخدام اي مبلغ إضافي من دون إصدار أو إقرار قانون من قبل مجلس النواب، فيما هناك إصرار من هذه القوى السياسية، أي رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وحزب الله، على الإستمرار بالدعم لغايات سياسية.
5- ظهر في الآونة الأخيرة وخصوصاً خلال الثلاثة أو أربعة أسابيع الأخيرة، أن معظم كميات الدعم للمحروقات لم تذهب إلى السوق، إنما هناك مافيات وبعض الجهات الحزبية عمدت إلى تخزينها أو تهريبها إلى سوريا. وقد أبلغت الكثير من القطاعات الإقتصادية، لا سيما تلك التي خُصّص لها كميات من المازوت كالمصانع والمستشفيات والمولدات والأفران، السلطات اللبنانية المعنية أن حصّتها لم تصل اليها وهي ملزمة بشراء المازوت من السوق السوداء، أي المازوت غير المدعوم ولكن بسعر يفوق سعره الحقيقي غير المدعوم.

6- يبدو أن إصرار رئيس التيار الوطني الحر ومن خلفه رئيس الجمهورية على تمديد مرحلة الدعم هو من أجل إعطائهم هامش زمني أطول لاستخدامه لتحقيق مكاسب في موضوع تشكيل حكومة تستجيب لمصالحهم، بما يؤدي في النهاية إلى تدعيم وضعهم في الإنتخابات النيابية المقبلة.

7- هناك مصلحة واضحة لحزب الله في الإستمرار في استخدام الإحتياطي الإلزامي الذي هو حق للمودعين اللبنانيين، خصوصاً أنه في ظل عدم وجود ايداعات لأعضاء الحزب والمقربين منه في المصارف اللبنانية بسبب العقوبات الاميركية يصيب عصفورين في حجر واحد، توفير المساعدات لبيئته وكل السلع والمدعومة وخصوصاً المحروقات على حساب ايداعات الآخرين، وكذلك إمداد سوريا والنظام السوري بكميات كبيرة من المحروقات المهربة عبر الحدود.
8- دون شك، الشعب اللبناني بحاجة ماسة لأي مساعدات وعطاءات لتدعيم وضعه المعيشي في ظل إنهيار الليرة اللبنانية، لكن بالمنطق العلمي والإقتصادي إن الاستمرار في هذه دوامة الدعم لن يكون مفيداً على المدى المتوسط والطويل، إنما الدعم في النهاية سيتوقف بعد استنفاد كل مقدرات لبنان من الإحتياطات بالدولار فيما يصبح البلد “على الأرض يا حكم”.

9- لو كان لدى القوى السياسية المعترضة على رفع الدعم فعلاً الإرادة والنية الصادقة، وكذلك حس المسؤولية تجاه الشعب اللبناني لتدعيم وضعه المعيشي والإجتماعي، كان عليها أولاً، إقرار البطاقة التمويلية التي تعتبر أكثر الوسائل علمية وعملية لتوفير الحماية الاجتماعية والمعيشية للفئات الأكثر عوزاً.  وثانياً، السير في الإتجاه المجدي خصوصاً بعد إنفجار مرفأ بيروت، لجهة العمل ليل نهار لإنجاز تشكيل الحكومة بالمواصفات المطلوبة للإنقاذ على أبعد تقدير خلال أسبوع.
فليس خافيا على أحد أن الحل الحقيقي والمستدام لتحسين وضع اللبنانيين المعيشي والحياتي وحتى الإقتصادي وظروف العمل وخلق فرص عمل جديدة وإنقاذ لبنان، هو في تشكيل حكومة تذهب مباشرة إلى تنفيذ خطة إقتصادية وإلى تنفيذ الإصلاحات والمفاوضة مع صندوق النقد الدولي لضخ الأموال بالعملة الصعبة من الخارج إلى لبنان، وتنفيذ برامج إجتماعية لمساعدة اللبنانيين. هذا هو الحل الحقيقي والصحيح.
الحقيقة، ان النية الصادقة والمسؤولية الفعلية تكمن في هذا المجال فقط وليس بإعطاء اللبنانيين مساعدات على حساب المودعين ومن جيوبهم ولآجل قصيرة وليست مستدامة.
المسؤولية الحقيقية هي ان يقوموا هؤلاء المسؤولين بتحمل مسؤولياتهم الفعلية الوطنية وليس ببيع مواقف وإتخاذ قرارت على حساب غيرهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى